والضمير المنصوب فى قوله ( ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ) يعود على النوع الإنسانى المتناسل من آدم - عليه السلام - .وأصل النطفة : الماء الصافى . أو القليل من الماء الذى يبقى فى الدلو أو القربة ، وجمعها نُطف ونِطَاف . يقال : نطفت القربة ، إذا تقاطر ماؤها بقلة .والمراد بها هناك المنى الذى يخرج من الرجل ، ويصب فى رحم المرأة .والمعنى : لقد خلقنا أباكم آدم بقدرتنا من سلالة من طين ، ثم خلقنا ذريته بقدرتنا - أيضاً - من منى يخرج من الرجل فيصب فى قرار مكين ، أى : فى مستقر ثابت ثبوتاً مكيناً ، وهو رحم المرأة .قال القرطبى : " قوله - تعالى - : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان ) : الإنسان هو آدم - عليه السلام - لأنه استل من الطين . ويجىء الضمير فى قوله ( ثُمَّ جَعَلْنَاهُ ) عائداً على ابن آدم ، وإن كان لم يذكر لشهرة الأمر ، فإن المعنى لا يصلح إلا له . . . " .وشبيه بهاتين الآيتين قوله - تعالى - : ( ذلك عَالِمُ الغيب والشهادة العزيز الرحيم الذي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإنسان مِن طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ . . . ) وقوله - سبحانه - : ( أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ إلى قَدَرٍ مَّعْلُومٍ فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ القادرون وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ).