﴿إنّا أرْسَلْنا نُوحًا إلى قَوْمِهِ أنْ أنْذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أنْ يَأْتِيَهم عَذابٌ ألِيمٌ﴾ افْتِتاحُ الكَلامِ بِالتَّوْكِيدِ لِلِاهْتِمامِ بِالخَبَرِ إذْ لَيْسَ المَقامُ لِرَدِّ إنْكارِ مُنْكِرٍ، ولا دَفْعِ شَكٍّ عَنْ مُتَرَدِّدٍ في هَذا الكَلامِ. وكَثِيرًا ما يَفْتَتِحُ بُلَغاءُ العَرَبِ أوَّلَ الكَلامِ بِحَرْفِ التَّوْكِيدِ لِهَذا الغَرَضِ ورُبَّما جَعَلُوا (إنَّ) داخِلَةً عَلى ضَمِيرِ الشَّأْنِ في نَحْوِ قَوْلِهِ تَعالى ﴿إنَّهُ مِن سُلَيْمانَ وإنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [النمل: ٣٠] أنْ لا تَعْلُوا عَلَيَّ الآيَةَ.
وذِكْرُ نُوحٍ - عَلَيْهِ السَّلامُ - مَضى في سُورَةِ آلِ عِمْرانَ. وتَقَدَّمَ أنَّ هَذا الِاسْمَ غَيْرُ عَرَبِيٍّ، وأنَّهُ غَيْرُ مُشْتَقٍّ مِن مادَّةِ النَّوْحِ.
و﴿أنْ أنْذِرْ قَوْمَكَ﴾ إلى آخِرِهِ هو مَضْمُونُ ما أُرْسِلَ بِهِ نُوحٌ إلى قَوْمِهِ، فَـ (أنْ) تَفْسِيرِيَّةٌ لِأنَّها وقَعَتْ بَعْدَ أرْسَلْنا. وفِيهِ مَعْنى القَوْلِ دُونَ حُرُوفِهِ. ومَعْنى ﴿مِن قَبْلِ أنْ يَأْتِيَهم عَذابٌ ألِيمٌ﴾ أنَّهُ يُخَوِّفُهم غَضَبَ اللَّهِ تَعالى عَلَيْهِمْ إذْ عَبَدُوا الأصْنامَ ولَمْ يَتَّقُوا اللَّهَ ولَمْ يُطِيعُوا ما جاءَهم بِهِ رَسُولُهُ، فَأمَرَهُ اللَّهُ أنْ يُنْذِرَهم عَذابًا يَأْتِيهِمْ مِنَ اللَّهِ لِيَكُونَ إنْذارُهُ مُقَدَّمًا عَلى حُلُولِ العَذابِ. وهَذا يَقْتَضِي أنَّهُ أُمِرَ
صفحة ١٨٧
بِأنْ يُعْلِمَهم بِهَذا العَذابِ، وأنَّ اللَّهَ وقَّتَهُ بِمُدَّةِ بَقائِهِمْ بَعْدَ الشِّرْكِ بَعْدَ إبْلاغِ نُوحٍ إلَيْهِمْ ما أُرْسِلَ بِهِ في مُدَّةٍ يَقَعُ الإبْلاغُ في مِثْلِها، فَحَذْفُ مُتَعَلِّقِ فِعْلِ أنْذِرْ لِدَلالَةِ ما يَأْتِي بَعْدَهُ مِن قَوْلِهِ﴿أنِ اعْبُدُوا اللَّهَ واتَّقُوهُ وأطِيعُونِ﴾ [نوح: ٣] .وحَرْفُ (مِن) زائِدٌ لِلتَّوْكِيدِ، أيْ: قَبْلَ أنْ يَأْتِيَهم عَذابٌ، فَهي قَبْلِيَّةٌ مُؤَكِّدَةٌ، وتَأْكِيدُها بِاعْتِبارِ تَحْقِيقِ ما أُضِيفَ إلَيْهِ (قَبْلِ) .
وقَوْمُ نُوحٍ هُمُ النّاسُ الَّذِينَ كانُوا عامِرِينَ الأرْضَ يَوْمَئِذٍ، إذْ لا يُوجَدُ غَيْرُهم عَلى الأرْضِ كَما هو ظاهِرُ حَدِيثِ الشَّفاعَةِ وذَلِكَ صَرِيحُ ما في التَّوْراةِ.
والقَوْمُ: الجَماعَةُ مِنَ النّاسِ الَّذِينَ يَجْمَعُهم مَوْطِنٌ واحِدٌ أوْ نَسَبٌ واحِدٌ بِرِجالِهِمْ ونِسائِهِمْ وأطْفالِهِمْ.
وإضافَةُ (قَوْمٍ) إلى ضَمِيرِ (نُوحٍ)؛ لِأنَّهُ أُرْسِلَ إلَيْهِمْ فَلَهم مَزِيدُ اخْتِصاصٍ بِهِ، ولِأنَّهُ واحِدٌ مِنهم وهم بَيْنَ أبْناءٍ لَهُ وأنْسِباءَ فَإضافَتُهم إلى ضَمِيرِهِ تَعْرِيفٌ لَهم إذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمُ اسْمٌ خاصٌّ مِن أسْماءِ الأُمَمِ الواقِعَةِ مِن بَعْدُ.
وعُدِلَ عَنْ أنْ يُقالَ لَهُ: أنْذِرِ النّاسَ إلى قَوْلِهِ ﴿أنْذِرْ قَوْمَكَ﴾ إلْهابًا لِنَفْسِ نُوحٍ لِيَكُونَ شَدِيدَ الحِرْصِ عَلى ما فِيهِ نَجاتُهم مِنَ العَذابِ، فَإنَّ فِيهِمْ أبْناءَهُ وقَرابَتَهُ وأحِبَّتَهُ، وهم عَدَدٌ تَكَوَّنَ بِالتَّوالُدِ في بَنِي آدَمَ في مُدَّةِ سِتِّمِائَةِ سَنَةٍ مِن حُلُولِ جِنْسِ الإنْسانِ عَلى الأرْضِ. ولَعَلَّ عَدَدَهم يَوْمَ أُرْسِلَ نُوحٍ إلَيْهِمْ لا يَتَجاوَزُ بِضْعَةَ آلافٍ.
QUL supports exporting tafsir content in both JSON and SQLite formats.
Tafsir text may include <html>
tags for formatting such as <b>
,
<i>
, etc.
Note:
Tafsir content may span multiple ayahs. QUL exports both the tafsir text and the ayahs it applies to.
Example JSON Format:
{ "2:3": { "text": "tafisr text.", "ayah_keys": ["2:3", "2:4"] }, "2:4": "2:3" }
"ayah_key"
in "surah:ayah"
, e.g. "2:3"
means
3rd ayah of Surah Al-Baqarah.
text
: the tafsir content (can include HTML)ayah_keys
: an array of ayah keys this tafsir applies toayah_key
where the tafsir text can be found.
ayah_key
: the ayah for which this record applies.group_ayah_key
: the ayah key that contains the main tafsir text (used for shared tafsir).
from_ayah
/ to_ayah
: start and end ayah keys for convenience (optional).ayah_keys
: comma-separated list of all ayah keys that this tafsir covers.text
: tafsir text. If blank, use the text
from the group_ayah_key
.