﴿مِمّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهم مِن دُونِ اللَّهِ أنْصارًا﴾
صفحة ٢١٢
جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ مَقالاتِ نُوحٍ - عَلَيْهِ السَّلامُ - ولَيْسَتْ مِن حِكايَةِ قَوْلِ نُوحٍ فَهي إخْبارٌ مِنَ اللَّهِ تَعالى لِرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ ﷺ بِأنَّهُ قَدَّرَ النَّصْرَ لِنُوحٍ والعِقابَ لِمَن عَصَوْهُ مِن قَوْمِهِ قَبْلَ أنْ يَسْألَهُ نُوحٌ اسْتِئْصالَهم فَإغْراقُ قَوْمِ نُوحٍ مَعْلُومٌ لِلنَّبِيءِ ﷺ وإنَّما قُصِدَ إعْلامُهُ بِسَبَبِهِ.والغَرَضُ مِنَ الِاعْتِراضِ بِها التَّعْجِيلُ بِتَسْلِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلى ما يُلاقِيهِ مِن قَوْمِهِ مِمّا يُماثِلُ ما لاقاهُ نُوحٌ مِن قَوْمِهِ عَلى نَحْوِ قَوْلِهِ تَعالى ﴿ولا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمّا يَعْمَلُ الظّالِمُونَ﴾ [إبراهيم: ٤٢] .
ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ مُتَّصِلَةً بِجُمْلَةِ ﴿ولا تَزِدِ الظّالِمِينَ إلّا ضَلالًا﴾ [نوح: ٢٤] عَلى الوَجْهِ الثّانِي المُتَقَدِّمِ فِيها مِن أنْ تَكُونَ مِن كَلامِ اللَّهِ تَعالى المُوَجَّهِ إلى نُوحٍ بِتَقْدِيرِ: وقُلْنا لا تَزِدِ الظّالِمِينَ إلّا ضَلالًا، وتَكُونُ صِيغَةُ المُضِيِّ في قَوْلِهِ أُغْرِقُوا مُسْتَعْمَلَةً في تَحَقُّقِ الوَعْدِ لِنُوحٍ بِإغْراقِهِمْ، وكَذَلِكَ قَوْلُهُ ﴿فَأُدْخِلُوا نارًا﴾ .
وقُدِّمَ ﴿مِمّا خَطِيئاتِهِمْ﴾ عَلى عامِلِهِ لِإفادَةِ القَصْرِ، أيْ: ﴿أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نارًا﴾ مِن أجْلِ مَجْمُوعِ خَطِيئاتِهِمْ لا لِمُجَرَّدِ اسْتِجابَةِ دَعْوَةِ نُوحٍ الَّتِي سَتُذْكَرُ عَقِبَ هَذا لِيُعْلَمَ أنَّ اللَّهَ لا يُقِرُّ عِبادَهُ عَلى الشِّرْكِ بَعْدَ أنْ يُرْسِلَ إلَيْهِمْ رَسُولًا وإنَّما تَأخَّرَ عَذابُهم إلى ما بَعْدَ دَعْوَةِ نُوحٍ لِإظْهارِ كَرامَتِهِ عِنْدَ رَبِّهِ بَيْنَ قَوْمِهِ ومَسَرَّةً لَهُ ولِلْمُؤْمِنِينَ مَعَهُ وتَعْجِيلًا لِما يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ.
و(مِن) تَعْلِيلِيَّةٌ، و(ما) مُؤَكِّدَةٌ لِمَعْنى التَّعْلِيلِ.
وجَمْعُ الخَطِيئاتِ مُرادٌ بِها الإشْراكُ، وتَكْذِيبُ الرَّسُولِ، وأذاهُ، وأذى المُؤْمِنِينَ مَعَهُ، والسُّخْرِيَةُ مِنهُ حِينَ تَوَعَّدَهم بِالطُّوفانِ، وما يَنْطَوِي عَلَيْهِ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنَ الجَرائِمِ والفَواحِشِ.
وقَرَأ الجُمْهُورُ ﴿خَطِيئاتِهِمْ﴾ بِصِيغَةِ جَمْعِ خَطِيئَةٍ بِالهَمْزِ. وقَرَأهُ أبُو عَمْرٍو وحْدَهُ (خَطاياهم) جَمْعُ خَطِيَّةٍ، بِالياءِ المُشَدَّدَةِ مُدْغَمَةً فِيها الياءُ المُنْقَلِبَةُ عَنْ هَمْزَةٍ لِلتَّخْفِيفِ.
وفِي قَوْلِهِ ﴿أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نارًا﴾ مُحَسِّنُ الطِّباقِ؛ لِأنَّ بَيْنَ النّارِ والغَرَقِ المُشْعِرِ بِالماءِ تَضادًّا.
وتَفْرِيعُ ﴿فَلَمْ يَجِدُوا لَهم مِن دُونِ اللَّهِ أنْصارًا﴾ تَعْرِيضٌ بِالمُشْرِكِينَ مِنَ العَرَبِ
صفحة ٢١٣
الَّذِينَ كانُوا يَزْعُمُونَ أنَّ الأصْنامَ تَشْفَعُ لَهم وتَدْفَعُ عَنْهُمُ الكَوارِثَ، يَعْنِي في الدُّنْيا؛ لِأنَّهم لا يُؤْمِنُونَ بِالبَعْثِ، أيْ: كَما لَمْ تَنْصُرِ الأصْنامُ عَبَدَتَها مِن قَوْمِ نُوحٍ كَذَلِكَ لا تَنْصُرُكم أصْنامُكم.وضَمِيرُ يَجِدُوا عائِدٌ إلى الظّالِمِينَ مِن قَوْلِهِ ﴿ولا تَزِدِ الظّالِمِينَ إلّا ضَلالًا﴾ [نوح: ٢٤] وكَذَلِكَ ضَمِيرُ (لَهم) .
والمَعْنى: فَلَمْ يَجِدُوا لِأنْفُسِهِمْ أنْصارًا دُونَ عَذابِ اللَّهِ.
QUL supports exporting tafsir content in both JSON and SQLite formats.
Tafsir text may include <html>
tags for formatting such as <b>
,
<i>
, etc.
Note:
Tafsir content may span multiple ayahs. QUL exports both the tafsir text and the ayahs it applies to.
Example JSON Format:
{ "2:3": { "text": "tafisr text.", "ayah_keys": ["2:3", "2:4"] }, "2:4": "2:3" }
"ayah_key"
in "surah:ayah"
, e.g. "2:3"
means
3rd ayah of Surah Al-Baqarah.
text
: the tafsir content (can include HTML)ayah_keys
: an array of ayah keys this tafsir applies toayah_key
where the tafsir text can be found.
ayah_key
: the ayah for which this record applies.group_ayah_key
: the ayah key that contains the main tafsir text (used for shared tafsir).
from_ayah
/ to_ayah
: start and end ayah keys for convenience (optional).ayah_keys
: comma-separated list of all ayah keys that this tafsir covers.text
: tafsir text. If blank, use the text
from the group_ayah_key
.