Tafsir al-Tahrir wa al-Tanwir

Multiple Ayahs

Tags

Download Links

Tafsir al-Tahrir wa al-Tanwir tafsir for Surah Nuh — Ayah 7

وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوۡتُهُمۡ لِتَغۡفِرَ لَهُمۡ جَعَلُوٓاْ أَصَٰبِعَهُمۡ فِيٓ ءَاذَانِهِمۡ وَٱسۡتَغۡشَوۡاْ ثِيَابَهُمۡ وَأَصَرُّواْ وَٱسۡتَكۡبَرُواْ ٱسۡتِكۡبَارٗا ٧

﴿وإنِّي كُلَّما دَعَوْتُهم لِتَغْفِرَ لَهم جَعَلُوا أصابِعَهم في آذانِهِمْ واسْتَغْشَوْا ثِيابَهم وأصَرُّوا واسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبارًا﴾

صفحة ١٩٥

(كُلَّما) مُرَكَّبَةٌ مِن كَلِمَتَيْنِ كَلِمَةِ (كُلَّ) وهي اسْمٌ يَدُلُّ عَلى اسْتِغْراقِ أفْرادِ ما تُضافُ هي إلَيْهِ، وكَلِمَةِ (ما) المَصْدَرِيَّةِ وهي حَرْفٌ يُفِيدُ أنَّ الجُمْلَةَ بَعْدَهُ في تَأْوِيلِ مَصْدَرٍ. وقَدْ يُرادُ بِذَلِكَ المَصْدَرِ زَمانُ حُصُولِهِ فَيَقُولُونَ (ما) ظَرْفِيَّةٌ مَصْدَرِيَّةٌ لِأنَّها نائِبَةٌ عَنِ اسْمِ الزَّمانِ.

والمَعْنى: أنَّهم لَمْ يُظْهِرُوا مَخِيلَةً مِنَ الإصْغاءِ إلى دَعْوَتِهِ ولَمْ يَتَخَلَّفُوا عَنِ الإعْراضِ والصُّدُودِ عَنْ دَعْوَتِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ، فَلِذَلِكَ جاءَ بِكَلِمَةِ (كُلَّما) الدّالَّةِ عَلى شُمُولِ كُلِّ دَعْوَةٍ مِن دَعَواتِهِ مُقْتَرِنَةً بِدَلائِلِ الصَّدِّ عَنْها، وقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿كُلَّما أضاءَ لَهم مَشَوْا فِيهِ﴾ [البقرة: ٢٠] .

وحُذِفَ مُتَعَلِّقُ دَعَوْتُهم لِدَلالَةِ ما تَقَدَّمَ عَلَيْهِ مِن قَوْلِهِ ﴿أنِ اعْبُدُوا اللَّهَ﴾ [نوح: ٣] .

والتَّقْدِيرُ: كُلَّما دَعَوْتُهم إلى عِبادَتِكَ وتَقْواكَ وطاعَتِي فِيما أمَرْتُهم بِهِ.

واللّامُ في قَوْلِهِ (لِتَغْفِرَ) لامُ التَّعْلِيلِ، أيْ: دَعَوْتُهم بِدَعْوَةِ التَّوْحِيدِ فَهو سَبَبُ المَغْفِرَةِ، فالدَّعْوَةُ إلَيْهِ مُعَلَّلَةٌ بِالغُفْرانِ.

ويَتَعَلَّقُ قَوْلُهُ ﴿كُلَّما دَعَوْتُهُمْ﴾ بِفِعْلِ ﴿جَعَلُوا أصابِعَهُمْ﴾ عَلى أنَّهُ ظَرْفُ زَمانٍ.

وجُمْلَةُ ﴿جَعَلُوا أصابِعَهُمْ﴾ خَبَرُ (إنَّ)، والرّابِطُ ضَمِيرُ (دَعَوْتُهم) .

وجَعْلُ الأصابِعِ في الآذانِ يَمْنَعُ بُلُوغَ أصْواتِ الكَلامِ إلى المَسامِعِ.

وأُطْلِقَ اسْمُ الأصابِعِ عَلى الأنامِلِ عَلى وجْهِ المَجازِ المُرْسَلِ بِعَلاقَةِ البَعْضِيَّةِ فَإنَّ الَّذِي يُجْعَلُ في الأُذُنِ الأنْمُلَةُ لا الأُصْبُعُ كُلُّهُ فَعَبَّرَ عَنِ الأنامِلِ بِالأصابِعِ لِلْمُبالَغَةِ في إرادَةِ سَدِّ المَسامِعِ بِحَيْثُ لَوْ أمْكَنَ لَأدْخَلُوا الأصابِعَ كُلَّها، وتَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿يَجْعَلُونَ أصابِعَهم في آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ﴾ [البقرة: ١٩] في سُورَةِ البَقَرَةِ.

واسْتِغْشاءُ الثِّيابِ: جَعْلُها غِشاءً، أيْ: غِطاءً عَلى أعْيُنِهِمْ، تَعْضِيدًا لِسَدِّ آذانِهِمْ بِالأصابِعِ لِئَلّا يَسْمَعُوا كَلامَهُ ولا يَنْظُرُوا إشاراتِهِ، وأكْثَرُ ما يُطْلَقُ الغِشاءُ عَلى غِطاءِ العَيْنَيْنِ، قالَ تَعالى ﴿وعَلى أبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ﴾ [البقرة: ٧] . والسِّينُ والتّاءُ في اسْتَغْشَوْا لِلْمُبالَغَةِ.

فَيَجُوزُ أنْ يَكُونَ جَعْلُ الأصابِعِ في الآذانِ واسْتِغْشاءُ الثِّيابِ هُنا حَقِيقَةً بِأنْ

صفحة ١٩٦

يَكُونَ ذَلِكَ مِن عاداتِ قَوْمِ نُوحٍ إذا أرادَ أحَدٌ أنْ يُظْهِرَ كَراهِيَةً لِكَلامِ مَن يَتَكَلَّمُ مَعَهُ أنْ يَجْعَلَ أُصْبُعَيْهِ في أُذُنَيْهِ ويَجْعَلَ مِن ثَوْبِهِ ساتِرًا لِعَيْنَيْهِ.

ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ تَمْثِيلًا لِحالِهِمْ في الإعْراضِ عَنْ قَبُولِ كَلامِهِ ورُؤْيَةِ مَقامِهِ بِحالِ مَن يَسُكُّ سَمْعَهُ بِأنْمُلَتَيْهِ ويَحْجُبُ عَيْنَيْهِ بِطَرْفِ ثَوْبِهِ.

وجُعِلَتِ الدَّعْوَةُ مُعَلَّلَةً بِمَغْفِرَةِ اللَّهِ لَهم لِأنَّها دَعْوَةٌ إلى سَبَبِ المَغْفِرَةِ وهو الإيمانُ بِاللَّهِ وحْدَهُ وطاعَةُ أمْرِهِ عَلى لِسانِ رَسُولِهِ.

وفِي ذَلِكَ تَعْرِيضٌ بِتَحْمِيقِهِمْ وتَعَجُّبٌ مِن خَلْقِهِمْ إذْ يُعْرِضُونَ عَنِ الدَّعْوَةِ لِما فِيهِ نَفْعُهم فَكانَ مُقْتَضى الرَّشادِ أنْ يَسْمَعُوها ويَتَدَبَّرُوها.

والإصْرارُ: تَحْقِيقُ العَزْمِ عَلى فِعْلٍ، وهو مُشْتَقٌّ مِنَ الصَّرِّ وهو الشَّدُّ عَلى شَيْءٍ والعَقْدُ عَلَيْهِ، وتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿ولَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا﴾ [آل عمران: ١٣٥] في سُورَةِ آلِ عِمْرانَ.

وحُذِفَ مُتَعَلِّقُ أصَرُّوا لِظُهُورِهِ، أيْ: أصَرُّوا عَلى ما هم عَلَيْهِ مِنَ الشِّرْكِ.

واسْتَكْبَرُوا مُبالَغَةٌ في تَكَبَّرُوا، أيْ: جَعَلُوا أنْفُسَهم أكْبَرَ مِن أنْ يَأْتَمِرُوا لِواحِدٍ مِنهم (قالُوا ﴿ما نَراكَ إلّا بَشَرًا مِثْلَنا وما نَراكَ اتَّبَعَكَ إلّا الَّذِينَ هم أراذِلُنا بادِئَ الرَّأْيِ وما نَرى لَكم عَلَيْنا مِن فَضْلٍ﴾ [هود: ٢٧]) .

وتَأْكِيدُ اسْتَكْبَرُوا بِمَفْعُولِهِ المُطْلَقِ لِلدَّلالَةِ عَلى تَمَكُّنِ الِاسْتِكْبارِ. وتَنْوِينُ اسْتِكْبارًا لِلتَّعْظِيمِ، أيْ: اسْتِكْبارًا شَدِيدًا لا يَفَلُّهُ حَدُّ الدَّعْوَةِ.

Tafsir Resource

QUL supports exporting tafsir content in both JSON and SQLite formats. Tafsir text may include <html> tags for formatting such as <b>, <i>, etc.

Example JSON Format:

{
  "2:3": {
    "text": "tafisr text.",
    "ayah_keys": ["2:3", "2:4"]
  },
  "2:4": "2:3"
}
  • Keys in the JSON are "ayah_key" in "surah:ayah", e.g. "2:3" means 3rd ayah of Surah Al-Baqarah.
  • The value of ayah key can either be:
    • an object — this is the main tafsir group. It includes:
      • text: the tafsir content (can include HTML)
      • ayah_keys: an array of ayah keys this tafsir applies to
    • a string — this indicates the tafsir is part of a group. The string points to the ayah_key where the tafsir text can be found.

SQLite exports includes the following columns

  • ayah_key: the ayah for which this record applies.
  • group_ayah_key: the ayah key that contains the main tafsir text (used for shared tafsir).
  • from_ayah / to_ayah: start and end ayah keys for convenience (optional).
  • ayah_keys: comma-separated list of all ayah keys that this tafsir covers.
  • text: tafsir text. If blank, use the text from the group_ayah_key.