Tafsir al-Tahrir wa al-Tanwir

Multiple Ayahs

Tags

Download Links

Tafsir al-Tahrir wa al-Tanwir tafsir for Surah Al-Jinn — Ayah 22

قُلۡ إِنِّي لَآ أَمۡلِكُ لَكُمۡ ضَرّٗا وَلَا رَشَدٗا ٢١ قُلۡ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ ٱللَّهِ أَحَدٞ وَلَنۡ أَجِدَ مِن دُونِهِۦ مُلۡتَحَدًا ٢٢ إِلَّا بَلَٰغٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِسَٰلَٰتِهِۦۚ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَإِنَّ لَهُۥ نَارَ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا ٢٣

﴿قُلْ إنِّي لا أمْلِكُ لَكم ضَرًّا ولا رَشَدًا﴾ ﴿قُلْ إنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أحَدٌ ولَنْ أجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا﴾ ﴿إلّا بَلاغًا مِنَ اللَّهِ ورِسالاتِهِ﴾ هَذا اسْتِئْنافٌ ابْتِدائِيٌّ، وهو انْتِقالٌ مِن ذِكْرِ ما أُوحِيَ بِهِ إلى النَّبِيءِ ﷺ إلى تَوْجِيهِ خِطابٍ مُسْتَأْنَفٍ إلَيْهِ، فَبَعْدَ أنْ حُكِيَ في هَذِهِ السُّورَةِ ما أوْحى اللَّهُ إلى رَسُولِهِ ﷺ مِمّا خَفِيَ عَلَيْهِ مِنَ الشُّئُونِ المُتَعَلِّقَةِ بِهِ مِنِ اتِّباعِ مُتابِعِينَ وإعْراضِ مُعْرِضِينَ، انْتَقَلَ إلى تَلْقِينِهِ ما يَرُدُّ عَلى الَّذِينَ أظْهَرُوا لَهُ العِنادَ والتَّوَرُّكَ.

ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ (﴿قُلْ إنِّي لا أمْلِكُ﴾) إلَخْ، تَكْرِيرًا لِجُمْلَةِ ﴿قُلْ إنَّما أدْعُو رَبِّي﴾ [الجن: ٢٠] عَلى قِراءَةِ حَمْزَةَ وعاصِمٍ وأبِي جَعْفَرٍ.

والضُّرُّ: إشارَةٌ إلى ما يَتَوَرَّكُونَ بِهِ مِن طَلَبِ إنْجازِ ما يَتَوَعَّدُهم بِهِ مِنَ النَّصْرِ عَلَيْهِمْ.

وقَوْلُهُ ﴿ولا رَشَدًا﴾ تَتْمِيمٌ.

وفِي الكَلامِ احْتِباكٌ؛ لِأنَّ الضُّرَّ يُقابِلُهُ النَّفْعُ، والرَّشَدُ يُقابِلُهُ الضَّلالُ، فالتَّقْدِيرُ: لا أمْلِكُ لَكم ضُرًّا ولا نَفْعًا ولا ضَلالًا ولا رَشَدًا.

والرَّشَدُ، بِفَتْحَتَيْنِ: مَصْدَرُ رَشَدَ، والرُّشْدُ، بِضَمٍّ فَسُكُونٍ: الِاسْمُ، وهو مَعْرِفَةُ الصَّوابِ، وقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا في قَوْلِهِ ﴿يَهْدِي إلى الرُّشْدِ﴾ [الجن: ٢] .

صفحة ٢٤٤

وتَرْكِيبُ لا أمْلِكُ لَكم مَعْناهُ: لا أقْدِرُ قُدْرَةً لِأجْلِكم عَلى ضُرٍّ ولا نَفْعٍ، وقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿وما أمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ﴾ [الممتحنة: ٤] في سُورَةِ المُمْتَحِنَةِ، وتَقَدَّمَ أيْضًا في سُورَةِ الأعْرافِ.

وجُمْلَتا ﴿قُلْ إنِّي لَنْ يُجِيرَنِي﴾ إلى مُلْتَحَدًا، مُعْتَرِضَتانِ بَيْنَ المُسْتَثْنى مِنهُ والمُسْتَثْنى، وهو اعْتِراضُ رُدٍّ لِما يُحاوِلُونَهُ مِنهُ أنْ يَتْرُكَ ما يُؤْذِيهِمْ فَلا يَذْكُرُ القُرْآنُ إبْطالَ مُعْتَقَدِهِمْ وتَحْقِيرَ أصْنامِهِمْ، قالَ تَعالى ﴿وإذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذا أوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقاءِ نَفْسِي إنْ أتَّبِعُ إلّا ما يُوحى إلَيَّ إنِّي أخافُ إنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [يونس: ١٥] .

والمُلْتَحَدُ: اسْمُ مَكانِ الِالتِحادِ، والِالتِحادُ: المُبالَغَةُ في اللَّحْدِ، وهو العُدُولُ إلى مَكانٍ غَيْرِ الَّذِي هو فِيهِ، والأكْثَرُ أنْ يُطْلَقَ ذَلِكَ عَلى اللَّجَأِ، أيْ: العِياذُ بِمَكانٍ يَعْصِمُهُ. والمَعْنى: لَنْ أجِدَ مَكانًا يَعْصِمُنِي.

و(مِن دُونِهِ) حالٌ مِن مُلْتَحَدًا أيْ: مُلْتَحَدًا كائِنًا مَن دُونِ اللَّهِ، أيْ: بَعِيدًا عَنِ اللَّهِ غَيْرَ داخِلٍ مِن مَلَكُوتِهِ، فَإنَّ المُلْتَحَدَ مَكانٌ، فَلَمّا وُصِفَ بِأنَّهُ مَن دُونِ اللَّهِ كانَ المَعْنى أنَّهُ مَكانٌ مِن غَيْرِ الأمْكِنَةِ الَّتِي في مُلْكِ اللَّهِ، وذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ، ولِهَذا جاءَ لِنَفْيِ وِجْدانِهِ حَرْفُ (لَنْ) الدّالُّ عَلى تَأْبِيدِ النَّفْيِ.

و(مِن) في قَوْلِهِ (مِن دُونِهِ) مَزِيدَةٌ جارَّةٌ لِلظَّرْفِ وهو (دُونَ) .

وقَوْلُهُ ﴿إلّا بَلاغًا مِنَ اللَّهِ ورِسالاتِهِ﴾ اسْتِثْناءٌ مُنْقَطِعٌ مِن (ضَرًّا) و(رَشَدًا)، ولَيْسَ مُتَّصِلًا؛ لِأنَّ الضَّرَّ والرَّشَدَ المَنفِيَّيْنِ في قَوْلِهِ ﴿لا أمْلِكُ لَكم ضَرًّا ولا رَشَدًا﴾ هُما الضَّرُّ والرَّشَدُ الواقِعانِ في النَّفْسِ بِالإلْجاءِ.

ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَعَ ذَلِكَ اسْتِثْناءً مِن مُلْتَحَدًا، أيْ: بِتَأْوِيلِ (مُلْتَحَدًا) بِمَعْنى: مَخْلَصٍ أوْ مَأْمَنٍ.

وهَذا الِاسْتِثْناءُ مِن أُسْلُوبِ تَأْكِيدِ الشَّيْءِ بِما يُشْبِهُ ضِدَّهُ.

والبَلاغُ: اسْمُ مَصْدَرِ بَلَغَ، أيْ: أوْصَلَ الحَدِيثَ أوِ الكَلامَ، ويُطْلَقُ عَلى الكَلامِ المُبَلَّغِ مِن إطْلاقِ المَصْدَرِ عَلى المَفْعُولِ مِثْلَ ﴿هَذا خَلْقُ اللَّهِ﴾ [لقمان: ١١] .

صفحة ٢٤٥

و”مِن“ ابْتِدائِيَّةٌ صِفَةُ (بَلاغًا)، أيْ: بَلاغًا كائِنًا مِن جانِبِ اللَّهِ، أيْ: إلّا كَلامًا أُبَلِّغُهُ مِنَ القُرْآنِ المُوحى مِنَ اللَّهِ.

ورِسالاتُهُ: جَمْعُ رِسالَةٍ: وهي ما يُرْسَلُ مِن كَلامٍ أوْ كِتابٍ فالرِّسالاتُ بَلاغٌ خاصٌّ بِألْفاظٍ مَخْصُوصَةٍ، فالمُرادُ مِنها هُنا تَبْلِيغُ القُرْآنِ.

﴿ومَن يَعْصِ اللَّهَ ورَسُولَهُ فَإنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أبَدًا﴾ لَمّا كانَ قَوْلُهُ ﴿قالَ إنَّما أدْعُو رَبِّي ولا أُشْرِكُ بِهِ أحَدًا﴾ [الجن: ٢٠] إلى هُنا كَلامًا مُتَضَمِّنًا أنَّهم أشْرَكُوا وعانَدُوا الرَّسُولَ ﷺ حِينَ دَعاهم إلى التَّوْحِيدِ واقْتَرَحُوا عَلَيْهِ ما تَوَهَّمُوهُ تَعْجِيزًا لَهُ مِن ضُرُوبِ الِاقْتِراحِ، أعْقَبَ ذَلِكَ بِتَهْدِيدِهِمْ ووَعِيدِهِمْ بِأنَّهم إنْ دامُوا عَلى عِصْيانِ اللَّهِ ورَسُولِهِ سَيَلْقَوْنَ نارَ جَهَنَّمَ؛ لِأنَّ كُلَّ مَن يَعْصِي اللَّهَ ورَسُولَهُ كانَتْ لَهُ نارُ جَهَنَّمَ.

و(مَن) شَرْطِيَّةٌ وجَوابُ الشَّرْطِ قَوْلُهُ ﴿فَإنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ﴾ .

Tafsir Resource

QUL supports exporting tafsir content in both JSON and SQLite formats. Tafsir text may include <html> tags for formatting such as <b>, <i>, etc.

Example JSON Format:

{
  "2:3": {
    "text": "tafisr text.",
    "ayah_keys": ["2:3", "2:4"]
  },
  "2:4": "2:3"
}
  • Keys in the JSON are "ayah_key" in "surah:ayah", e.g. "2:3" means 3rd ayah of Surah Al-Baqarah.
  • The value of ayah key can either be:
    • an object — this is the main tafsir group. It includes:
      • text: the tafsir content (can include HTML)
      • ayah_keys: an array of ayah keys this tafsir applies to
    • a string — this indicates the tafsir is part of a group. The string points to the ayah_key where the tafsir text can be found.

SQLite exports includes the following columns

  • ayah_key: the ayah for which this record applies.
  • group_ayah_key: the ayah key that contains the main tafsir text (used for shared tafsir).
  • from_ayah / to_ayah: start and end ayah keys for convenience (optional).
  • ayah_keys: comma-separated list of all ayah keys that this tafsir covers.
  • text: tafsir text. If blank, use the text from the group_ayah_key.