﴿إنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شاءَ اتَّخَذَ إلى رَبِّهِ سَبِيلًا﴾ تَذْيِيلٌ أيْ: تَذْكِرَةٌ لِمَن يَتَذَكَّرُ فَإنْ كانَ مِن مُنْكِرِي البَعْثِ آمَنَ بِهِ وإنْ كانَ مُؤْمِنًا اسْتِفاقَ مِن بَعْضِ الغَفْلَةِ الَّتِي تَعْرِضُ لِلْمُؤْمِنِ فاسْتَدْرَكَ ما فاتَهُ، وبِهَذا العُمُومِ الشّامِلِ لِأحْوالِ المُتَحَدَّثِ عَنْهم وأحْوالِ غَيْرِهِمْ كانَتِ الجُمْلَةُ تَذْيِيلًا.
والإشارَةُ بِـ (هَذِهِ) إلى الآياتِ المُتَقَدِّمَةِ مِن قَوْلِهِ ﴿إنّا أرْسَلْنا إلَيْكم رَسُولًا شاهِدًا عَلَيْكُمْ﴾ [المزمل: ١٥] .
وتَأْكِيدُ الكَلامِ بِحَرْفِ التَّأْكِيدِ؛ لِأنَّ المُواجَهِينَ بِهِ ابْتِداءً هم مُنْكِرُونَ كَوْنَ القُرْآنِ تَذْكِرَةً وهُدًى فَإنَّهم كَذَّبُوا بِأنَّهُ مِن عِنْدِ اللَّهِ ووَسَمُوهُ بِالسِّحْرِ وبِالأساطِيرِ، وذَلِكَ مِن أقْوالِهِمُ الَّتِي أرْشَدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى الصَّبْرِ عَلَيْها، قالَ تَعالى ﴿واصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ﴾ [المزمل: ١٠] .
والتَّذْكِرَةُ: اسْمٌ لِمَصْدَرِ الذُّكْرِ، بِضَمِّ الذّالِ، الَّذِي هو خُطُورُ الشَّيْءِ في البالِ، فالتَّذْكِرَةُ: المَوْعِظَةُ،؛ لِأنَّهُ تَذَكُّرُ الغافِلِ عَنْ سُوءِ العَواقِبِ، وهَذا تَنْوِيهٌ بِآياتِ القُرْآنِ وتَجْدِيدٌ لِلتَّحْرِيضِ عَلى التَّدَبُّرِ فِيهِ والتَّفَكُّرِ عَلى طَرِيقَةِ التَّعْرِيضِ.
صفحة ٢٧٨
وفُرِّعَ عَلى هَذا التَّحْرِيضِ التَّعْرِيضِيِّ تَحْرِيضٌ صَرِيحٌ بِقَوْلِهِ ﴿فَمَن شاءَ اتَّخَذَ إلى رَبِّهِ سَبِيلًا﴾ أيْ: مَن كانَ يُرِيدُ أنْ يَتَّخِذَ إلى رَبِّهِ سَبِيلًا فَقَدْ تَهَيَّأ لَهُ اتِّخاذُ السَّبِيلِ إلى اللَّهِ بِهَذِهِ التَّذْكِرَةِ فَلَمْ تَبْقَ لِلْمُتَغافِلِ مَعْذِرَةٌ.والإتْيانُ بِمَوْصُولِ (مَن شاءَ) مِن قَبِيلِ التَّحْرِيضِ؛ لِأنَّهُ يَقْتَضِي أنَّ هَذا السَّبِيلَ مُوَصِّلٌ إلى الخَيْرِ فَلا حائِلَ يَحُولُ بَيْنَ طالِبِ الخَيْرِ وبَيْنَ سُلُوكِ هَذا السَّبِيلِ إلّا مَشِيئَتُهُ،؛ لِأنَّ قَوْلَهُ ﴿إنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ﴾ قَرِينَةٌ عَلى ذَلِكَ. ومِن هَذا القَبِيلِ قَوْلُهُ تَعالى ﴿وقُلِ الحَقُّ مِن رَبِّكم فَمَن شاءَ فَلْيُؤْمِن ومَن شاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكهف: ٢٩] . فَلَيْسَ ذَلِكَ إباحَةً لِلْإيمانِ والكُفْرِ ولَكِنَّهُ تَحْرِيضٌ عَلى الإيمانِ، وما بَعْدَهُ تَحْذِيرٌ مِنَ الكُفْرِ، أيْ: تَبِعَةُ التَّفْرِيطِ في ذَلِكَ عَلى المُفَرِّطِ. ولِذَلِكَ قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: لَيْسَ مَعْناهُ إباحَةَ الأمْرِ وضِدِّهِ بَلْ يَتَضَمَّنُ مَعْنى الوَعْدِ والوَعِيدِ.
وفِي تَفْسِيرِ ابْنِ عَرَفَةَ الَّذِي كانَ بَعْضُ شُيُوخِنا يَحْمِلُها عَلى أنَّهُ مُخَيَّرٌ في تَعْيِينِ السَّبِيلِ فَمُتَعَلِّقُ التَّخْيِيرِ عِنْدَهُ أنْ يُبَيِّنَ سَبِيلًا ما مِنَ السُّبُلِ قالَ: وهو حَسَنٌ، فَيَبْقى ظاهِرُ الآيَةِ عَلى حالِهِ مِنَ التَّخْيِيرِ اهـ.
وقَدْ عَلِمْتَ مِمّا قَرَّرْناهُ أنَّهُ لا حاجَةَ إلَيْهِ وأنْ لَيْسَ في الآيَةِ شَيْءٌ بِمَعْنى التَّخْيِيرِ.
وفِي قَوْلِهِ (﴿إلى رَبِّهِ﴾) تَمْثِيلٌ لِحالِ طالِبِ الفَوْزِ والهُدى بِحالِ السّائِرِ إلى ناصِرٍ أوْ كَرِيمٍ قَدْ أُرِيَ السَّبِيلَ الَّذِي يُبَلِّغُهُ إلى مَقْصِدِهِ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ ما يَعُوقُهُ عَنْ سُلُوكِهِ.
QUL supports exporting tafsir content in both JSON and SQLite formats.
Tafsir text may include <html>
tags for formatting such as <b>
,
<i>
, etc.
Note:
Tafsir content may span multiple ayahs. QUL exports both the tafsir text and the ayahs it applies to.
Example JSON Format:
{ "2:3": { "text": "tafisr text.", "ayah_keys": ["2:3", "2:4"] }, "2:4": "2:3" }
"ayah_key"
in "surah:ayah"
, e.g. "2:3"
means
3rd ayah of Surah Al-Baqarah.
text
: the tafsir content (can include HTML)ayah_keys
: an array of ayah keys this tafsir applies toayah_key
where the tafsir text can be found.
ayah_key
: the ayah for which this record applies.group_ayah_key
: the ayah key that contains the main tafsir text (used for shared tafsir).
from_ayah
/ to_ayah
: start and end ayah keys for convenience (optional).ayah_keys
: comma-separated list of all ayah keys that this tafsir covers.text
: tafsir text. If blank, use the text
from the group_ayah_key
.