You are reading tafsir of 3 ayahs: 74:49 to 74:51.
صفحة ٣٢٩
﴿فَما لَهم عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ﴾ ﴿كَأنَّهم حُمُرٌ مُسْتَنْفَرَةٌ﴾ ﴿فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ﴾ ١ ) تَفْرِيعٌ لِلتَّعْجِيبِ مِن إصْرارِهِمْ عَلى الإعْراضِ عَنْ ما فِيهِ تَذْكِرَةٌ عَلى قَوْلِهِ (﴿وما هي إلّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ﴾ [المدثر: ٣١]) .وجِيءَ بِاسْمِ التَّذْكِرَةِ الظّاهِرِ دُونَ أنْ يُؤْتى بِضَمِيرٍ نَحْوَ: أنْ يُقالَ: عَنْها مُعْرِضِينَ، لِئَلّا يَخْتَصَّ الإنْكارُ والتَّعْجِيبُ بِإعْراضِهِمْ عَنْ تَذْكِرَةِ الإنْذارِ بِسَقَرَ، بَلِ المَقْصُودُ التَّعْمِيمُ لِإعْراضِهِمْ عَنْ كُلِّ تَذْكِرَةٍ وأعْظَمُها تَذْكِرَةُ القُرْآنِ كَما هو المُناسِبُ لِلْإعْراضِ قالَ تَعالى (﴿إنْ هو إلّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ﴾ [يوسف: ١٠٤]) .
وما لَهُمُ اسْتِفْهامٌ مُسْتَعْمَلٌ في التَّعْجِيبِ مِن غَرابَةِ حالِهِمْ بِحَيْثُ تَجْدُرُ أنْ يَسْتَفْهِمَ عَنْها المُسْتَفْهِمُونَ وهو مَجازٌ مُرْسَلٌ بِعَلاقَةِ المُلازَمَةِ، و(لَهم) خَبَرٌ عَنْ (ما) الِاسْتِفْهامِيَّةِ. والتَّقْدِيرُ: ما ثَبَتَ لَهم، ومُعْرِضِينَ حالٌ مِن ضَمِيرِ (لَهم)، أيْ يَسْتَفْهِمُ عَنْهم في هَذِهِ الحالَةِ العَجِيبَةِ.
وتَرْكِيبُ: ما لَكَ ونَحْوَهُ، لا يَخْلُو مِن حالٍ تَلْحَقُ بِضَمِيرِهِ مُفْرَدَةٍ أوْ جُمْلَةٍ نَحْوَ ما لَكَ لا تَأْمَنّا عَلى يُوسُفَ في سُورَةِ يُوسُفَ. وقَوْلِهِ تَعالى (﴿فَما لَهم لا يُؤْمِنُونَ﴾ [الإنشقاق: ٢٠]) في سُورَةِ الِانْشِقاقِ. وقَوْلِهِ (﴿ما لَكم كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ [القلم: ٣٦]) في سُورَةِ الصّافّاتِ وسُورَةِ القَلَمِ. و”عَنِ التَّذْكِرَةِ“ مُتَعَلِّقٌ بِـ ”مُعْرِضِينَ“ .
وشُبِّهَتْ حالَةُ إعْراضِهِمُ المُتَخَيَّلَةُ بِحالَةِ فِرارِ حُمُرٍ نافِرَةٍ مِمّا يُنَفِّرُها.
والحُمُرُ: جَمْعُ حِمارٍ، وهو الحِمارُ الوَحْشِيُّ، وهو شَدِيدُ النِّفارِ إذا أحَسَّ بِصَوْتِ القانِصِ وهَذا مِن تَشْبِيهِ المَعْقُولِ بِالمَحْسُوسِ.
وقَدْ كَثُرَ وصْفُ النَّفْرَةِ وسُرْعَةِ السَّيْرِ والهَرَبِ بِالوَحْشِ مِن حُمُرٍ أوْ بَقَرِ وحْشٍ إذا أحْسَسْنَ بِما يَرْهَبْنَهُ كَما قالَ لَبِيدٌ في تَشْبِيهِ راحِلَتِهِ في سُرْعَةِ سَيْرِها بِوَحْشِيَّةٍ لَحِقَها الصَّيّادُ:
فَتَوَجَّسَتْ رِزَّ الأنِيسِ فَراعَـهَـا عَنْ ظَهْرِ غَيْبٍ والأنِيسُ سَقامُها
وقَدْ كَثُرَ ذَلِكَ في شِعْرِ العَرَبِ في الجاهِلِيَّةِ والإسْلامِ كَما في مُعَلَّقَةِ طَرَفَةَ، ومُعَلَّقَةِ لَبِيدٍ، ومُعَلَّقَةِ الحارِثِ، وفي أراجِيزِ الحَجّاجِ ورُؤْبَةَ ابْنِهِ وفي شِعْرِ ذِي الرُّمَّةِ.صفحة ٣٣٠
والسِّينُ والتّاءُ في (مُسْتَنْفِرَةٌ) لِلْمُبالَغَةِ في الوَصْفِ مِثْلُ: اسْتَكْمَلَ واسْتَجابَ واسْتَعْجَبَ واسْتَسْخَرَ واسْتَخْرَجَ واسْتَنْبَطَ، أيْ نافِرَةٌ نِفارًا قَوِيًّا فَهي تَعْدُو بِأقْصى سُرْعَةِ العَدْوِ.وقَرَأ نافِعُ وابْنُ عامِرٍ وأبُو جَعْفَرٍ (مُسْتَنْفَرَةٌ) بِفَتْحِ الفاءِ، أيِ اسْتَنْفَرَها مُسْتَنْفِرٌ، أيْ أنْفَرَها، فَهو مِنِ اسْتَنْفَرَهُ المُتَعَدِّي بِمَعْنى أنْفَرَهُ. وبِناءُ الفِعْلِ لِلنّائِبِ يُفِيدُ الإجْمالَ ثُمَّ التَّفْصِيلَ بِقَوْلِهِ (﴿فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ﴾) .
وقَرَأها الجُمْهُورُ بِكَسْرِ الفاءِ، أيِ اسْتَنْفَرَتْ هي مِثْلَ: اسْتَجابَ فَيَكُونُ جُمْلَةُ فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ بَيانًا لِسَبَبِ نُفُورِها.
وفِي تَفْسِيرِ الفَخْرِ عَنْ أبِي عَلِيٍّ الفارِسِيِّ قالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ: سَألْتُ أبا سَوّارٍ الغَنَوِيَّ وكانَ أعْرابِيًّا فَصِيحًا فَقُلْتُ: كَأنَّهم حُمُرُ ماذا ؟ فَقالَ: مُسْتَنْفَرَةٌ: بِفَتْحِ الفاءِ فَقُلْتُ لَهُ: إنَّما هو فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ. فَقالَ: أفَرَّتْ ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قالَ: فَمُسْتَنْفِرَةٌ إذَنْ، فَكَسَرَ الفاءَ.
و”قَسْوَرَةٍ“ قِيلَ هو اسْمُ جَمْعِ قَسْوَرَ وهو الرّامِي، أوْ هو جَمْعٌ عَلى خِلافِ القِياسِ إذْ لَيْسَ قِياسُ فَعْلَلَ أنْ يُجْمَعَ عَلى فَعْلَلَةٍ. وهَذا تَأْوِيلُ جُمْهُورِ المُفَسِّرِينَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ وعِكْرِمَةَ ومُجاهِدٍ وغَيْرِهِما فَيَكُونُ التَّشْبِيهُ جارِيًا عَلى مُراعاةِ الحالَةِ المَشْهُورَةِ في كَلامِ العَرَبِ.
وقِيلَ: القَسْوَرَةُ مُفْرَدٌ، وهو الأسَدُ، وهَذا مَرْوِيٌّ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ وزَيْدِ بْنِ أسْلَمِ، وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: إنَّهُ الأسَدُ بِالحَبَشِيَّةِ، فَيَكُونُ اخْتِلافُ قَوْلِ ابْنِ عَبّاسٍ اخْتِلافًا لَفْظِيًّا، وعَنْهُ: أنَّهُ أنْكَرَ أنْ يَكُونَ قَسْوَرُ اسْمَ الأسَدِ، فَلَعَلَّهُ أرادَ أنَّهُ لَيْسَ في أصْلِ العَرَبِيَّةِ. وقَدْ عَدَّهُ ابْنُ السُّبْكِيِّ في الألْفاظِ الوارِدَةِ في القُرْآنِ بِغَيْرِ لُغَةِ العَرَبِ في أبْياتٍ ذَكَرَ فِيها ذَلِكَ، قالَ ابْنُ سِيدَهْ: القَسْوَرُ الأسَدُ والقَسْوَرَةُ كَذَلِكَ، أنَّثُوهُ كَما قالُوا: أُسامَةُ، وعَلى هَذا فَهو تَشْبِيهٌ مُبْتَكَرٌ لِحالَةِ إعْراضٍ مَخْلُوطٍ بِرُعْبٍ مِمّا تَضَمَّنَتْهُ قَوارِعُ القُرْآنِ فاجْتَمَعَ في هَذِهِ الجُمْلَةِ تَمْثِيلانِ.
وإيثارُ لَفْظِ ”قَسْوَرَةٌ“ هُنا لِصَلاحِيَتِهِ لِلتَّشْبِيهَيْنِ مَعَ الرِّعايَةِ عَلى الفاصِلَةِ.
QUL supports exporting tafsir content in both JSON and SQLite formats.
Tafsir text may include <html>
tags for formatting such as <b>
,
<i>
, etc.
Note:
Tafsir content may span multiple ayahs. QUL exports both the tafsir text and the ayahs it applies to.
Example JSON Format:
{ "2:3": { "text": "tafisr text.", "ayah_keys": ["2:3", "2:4"] }, "2:4": "2:3" }
"ayah_key"
in "surah:ayah"
, e.g. "2:3"
means
3rd ayah of Surah Al-Baqarah.
text
: the tafsir content (can include HTML)ayah_keys
: an array of ayah keys this tafsir applies toayah_key
where the tafsir text can be found.
ayah_key
: the ayah for which this record applies.group_ayah_key
: the ayah key that contains the main tafsir text (used for shared tafsir).
from_ayah
/ to_ayah
: start and end ayah keys for convenience (optional).ayah_keys
: comma-separated list of all ayah keys that this tafsir covers.text
: tafsir text. If blank, use the text
from the group_ayah_key
.