You are reading tafsir of 7 ayahs: 68:35 to 68:41.
ثُمَّ إنَّ اللَّهَ تَعالى أجابَ عَنْ هَذا الكَلامِ بِقَوْلِهِ: ﴿أفَنَجْعَلُ المُسْلِمِينَ كالمُجْرِمِينَ﴾ ﴿ما لَكم كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾
ومَعْنى الكَلامِ أنَّ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ المُطِيعِ والعاصِي غَيْرُ جائِزَةٍ، وفي الآيَةِ مَسائِلُ.
المَسْألَةُ الأُولى: قالَ القاضِي: فِيهِ دَلِيلٌ واضِحٌ عَلى أنَّ وصْفَ الإنْسانِ بِأنَّهُ مُسْلِمٌ ومُجْرِمٌ كالمُتَنافِي، فالفاسِقُ لَمّا كانَ مُجْرِمًا وجَبَ أنْ لا يَكُونَ مُسْلِمًا، والجَوابُ: أنَّهُ تَعالى أنْكَرَ جَعْلَ المُسْلِمِ مَثَلًا لِلْمُجْرِمِ، ولا شَكَّ أنَّهُ لَيْسَ المُرادُ إنْكارَ المُماثَلَةِ في جَمِيعِ الأُمُورِ، فَإنَّهُما يَتَماثَلانِ في الجَوْهَرِيَّةِ والجِسْمِيَّةِ والحُدُوثِ والحَيَوانِيَّةِ، وغَيْرِها مِنَ الأُمُورِ الكَثِيرَةِ، بَلِ المُرادُ إنْكارُ اسْتِوائِهِما في الإسْلامِ والجُرْمِ، أوْ في آثارِ هَذَيْنِ الأمْرَيْنِ، أوِ المُرادُ إنْكارُ أنْ يَكُونَ أثَرُ إسْلامِ المُسْلِمِ مُساوِيًا لِأثَرِ جُرْمِ المُجْرِمِ عِنْدَ اللَّهِ، وهَذا مُسَلَّمٌ لا نِزاعَ فِيهِ، فَمِن أيْنَ يَدُلُّ عَلى أنَّ الشَّخْصَ الواحِدَ يَمْتَنِعُ أنْ يَجْتَمِعَ فِيهِ كَوْنُهُ مُسْلِمًا ومُجْرِمًا ؟
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: قالَ الجُبّائِيُّ: دَلَّتِ الآيَةُ عَلى أنَّ المُجْرِمَ لا يَكُونُ ألْبَتَّةَ في الجَنَّةِ؛ لِأنَّهُ تَعالى أنْكَرَ حُصُولَ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُما، ولَوْ حَصَلا في الجَنَّةِ، لَحَصَلَتِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُما في الثَّوابِ، بَلْ لَعَلَّهُ يَكُونُ ثَوابُ المُجْرِمِ أزْيَدَ مِن ثَوابِ المُسْلِمِ إذا كانَ المُجْرِمُ أطْوَلَ عُمْرًا مِنَ المُسْلِمِ، وكانَتْ طاعاتُهُ غَيْرَ مُحْبَطَةٍ.
الجَوابُ: هَذا ضَعِيفٌ؛ لِأنّا بَيَّنّا أنَّ الآيَةَ لا تَمْنَعُ مِن حُصُولِ التَّسْوِيَةِ في شَيْءٍ أصْلًا بَلْ تَمْنَعُ مِن حُصُولِ التَّسْوِيَةِ في دَرَجَةِ الثَّوابِ، ولَعَلَّهُما يَسْتَوِيانِ فِيهِ بَلْ يَكُونُ ثَوابُ المُسْلِمِ الَّذِي لَمْ يَعْصِ أكْثَرَ مِن ثَوابِ مَن عَصى، عَلى أنّا نَقُولُ: لِمَ لا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ المُرادُ مِنَ المُجْرِمِينَ هُمُ الكُفّارَ الَّذِينَ حَكى اللَّهُ عَنْهم هَذِهِ الواقِعَةَ، وذَلِكَ لِأنَّ حَمْلَ الجَمْعِ المُحَلّى بِالألِفِ واللّامِ عَلى المَعْهُودِ السّابِقِ مَشْهُورٌ في اللُّغَةِ والعُرْفِ.
المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: أنَّ اللَّهَ تَعالى اسْتَنْكَرَ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ المُسْلِمِينَ والمُجْرِمِينَ في الثَّوابِ، فَدَلَّ هَذا عَلى أنَّهُ يَقْبُحُ عَقْلًا ما يُحْكى عَنْ أهْلِ السُّنَّةِ أنَّهُ يَجُوزُ أنْ يَدْخُلَ الكُفّارُ في الجَنَّةِ والمُطِيعُونَ في النّارِ والجَوابُ: أنَّهُ تَعالى اسْتَنْكَرَ ذَلِكَ بِحُكْمِ الفَضْلِ والإحْسانِ، لا أنَّ ذَلِكَ بِسَبَبِ أنَّ أحَدًا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ شَيْئًا.
واعْلَمْ أنَّهُ تَعالى لَمّا قالَ عَلى سَبِيلِ الِاسْتِبْعادِ: ﴿أفَنَجْعَلُ المُسْلِمِينَ كالمُجْرِمِينَ﴾ قَرَّرَ هَذا الِاسْتِبْعادَ بِأنْ قالَ عَلى طَرِيقَةِ الِالتِفاتِ: ﴿ما لَكم كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ هَذا الحُكْمُ المُعْوَجُّ.
* * *
ثُمَّ قالَ: ﴿أمْ لَكم كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ﴾ ﴿إنَّ لَكم فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ﴾وهُوَ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿أمْ لَكم سُلْطانٌ مُبِينٌ﴾ ﴿فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ﴾ (الصّافّاتِ: ١٥٦) والأصْلُ تَدْرُسُونَ أنَّ لَكم ما تَتَخَيَّرُونَ بِفَتْحِ أنَّ لِأنَّهُ مُدَرَّسٌ، فَلَمّا جاءَتِ اللّامُ كُسِرَتْ، وتَخَيَّرَ الشَّيْءَ واخْتارَهُ، أيْ أخَذَ خَيْرَهُ ونَحْوَهُ تَنَخَّلَهُ وانْتَخَلَهُ إذا أخَذَ مَنخُولَهُ.
QUL supports exporting tafsir content in both JSON and SQLite formats.
Tafsir text may include <html>
tags for formatting such as <b>
,
<i>
, etc.
Note:
Tafsir content may span multiple ayahs. QUL exports both the tafsir text and the ayahs it applies to.
Example JSON Format:
{ "2:3": { "text": "tafisr text.", "ayah_keys": ["2:3", "2:4"] }, "2:4": "2:3" }
"ayah_key"
in "surah:ayah"
, e.g. "2:3"
means
3rd ayah of Surah Al-Baqarah.
text
: the tafsir content (can include HTML)ayah_keys
: an array of ayah keys this tafsir applies toayah_key
where the tafsir text can be found.
ayah_key
: the ayah for which this record applies.group_ayah_key
: the ayah key that contains the main tafsir text (used for shared tafsir).
from_ayah
/ to_ayah
: start and end ayah keys for convenience (optional).ayah_keys
: comma-separated list of all ayah keys that this tafsir covers.text
: tafsir text. If blank, use the text
from the group_ayah_key
.