Tafsir Al-Razi

Multiple Ayahs

Tags

Download Links

Tafsir Al-Razi tafsir for Surah Al-Qalam — Ayah 49

أَمۡ عِندَهُمُ ٱلۡغَيۡبُ فَهُمۡ يَكۡتُبُونَ ٤٧ فَٱصۡبِرۡ لِحُكۡمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ ٱلۡحُوتِ إِذۡ نَادَىٰ وَهُوَ مَكۡظُومٞ ٤٨ لَّوۡلَآ أَن تَدَٰرَكَهُۥ نِعۡمَةٞ مِّن رَّبِّهِۦ لَنُبِذَ بِٱلۡعَرَآءِ وَهُوَ مَذۡمُومٞ ٤٩

ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿أمْ عِنْدَهُمُ الغَيْبُ فَهم يَكْتُبُونَ﴾ وفِيهِ وجْهانِ:

الأوَّلُ: أنَّ عِنْدَهُمُ اللَّوْحُ المَحْفُوظُ فَهم يَكْتُبُونَ مِنهُ ثَوابَ ما هم عَلَيْهِ مِنَ الكُفْرِ والشِّرْكِ، فَلِذَلِكَ أصَرُّوا عَلَيْهِ، وهَذا اسْتِفْهامٌ عَلى سَبِيلِ الإنْكارِ.

الثّانِي: أنَّ الأشْياءَ الغائِبَةَ كَأنَّها حَضَرَتْ في عُقُولِهِمْ حَتّى إنَّهم يَكْتُبُونَ عَلى اللَّهِ أيْ يَحْكُمُونَ عَلَيْهِ بِما شاءُوا وأرادُوا.

ثُمَّ إنَّهُ تَعالى لَمّا بالَغَ في تَزْيِيفِ طَرِيقَةِ الكُفّارِ وفي زَجْرِهِمْ عَمّا هم عَلَيْهِ قالَ لِمُحَمَّدٍ ﷺ: ﴿فاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ﴾ وفِيهِ وجْهانِ:

الأوَّلُ: فاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ في إمْهالِهِمْ وتَأْخِيرِ نَصْرَتِكَ عَلَيْهِمْ.

والثّانِي: فاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ في أنْ أوْجَبَ عَلَيْكَ التَّبْلِيغَ والوَحْيَ وأداءَ الرِّسالَةِ، وتَحَمَّلْ ما يَحْصُلُ بِسَبَبِ ذَلِكَ مِنَ الأذى والمِحْنَةِ.

* * *

ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿ولا تَكُنْ كَصاحِبِ الحُوتِ إذْ نادى وهو مَكْظُومٌ﴾ وفِيهِ مَسْألَتانِ:

المَسْألَةُ الأُولى: العامِلُ في (إذْ) مَعْنى قَوْلِهِ: ﴿كَصاحِبِ الحُوتِ﴾ يُرِيدُ لا تَكُنْ كَصاحِبِ الحُوتِ حالَ نِدائِهِ؛ وذَلِكَ لِأنَّهُ في ذَلِكَ الوَقْتِ كانَ مَكْظُومًا، فَكَأنَّهُ قِيلَ: لا تَكُنْ مَكْظُومًا.

صفحة ٨٧

المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: صاحِبُ الحُوتِ يُونُسُ عَلَيْهِ السَّلامُ، إذْ نادى في بَطْنِ الحُوتِ بِقَوْلِهِ: ﴿لا إلَهَ إلّا أنْتَ سُبْحانَكَ إنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ﴾ (الأنْبِياءِ: ٨٧)، ﴿وهُوَ مَكْظُومٌ﴾ مَمْلُوءٌ غَيْظًا مِن كَظَمَ السِّقاءَ إذا مَلَأهُ، والمَعْنى لا يُوجَدُ مِنكَ ما وُجِدَ مِنهُ مِنَ الضَّجَرِ والمُغاضَبَةِ، فَتَبْلى بِبَلائِهِ.

* * *

ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿لَوْلا أنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِن رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالعَراءِ وهو مَذْمُومٌ﴾

وقُرِئَ (رَحْمَةٌ مِن رَبِّهِ)، وهَهُنا سُؤالاتٌ:

السُّؤالُ الأوَّلُ: لِمَ لَمْ يَقُلْ: لَوْلا أنْ تَدارَكَتْهُ نِعْمَةٌ مِن رَبِّهِ ؟

الجَوابُ: إنَّما حَسُنَ تَذْكِيرُ الفِعْلِ لِفَصْلِ الضَّمِيرِ في (تَدارَكَهُ)، وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ وابْنُ مَسْعُودٍ (تَدارَكَتْهُ)، وقَرَأ الحَسَنُ: (تَدارَكَهُ)، أيْ تَتَدارَكُهُ عَلى حِكايَةِ الحالِ الماضِيَةِ، بِمَعْنى لَوْلا أنْ كانَ، يُقالُ فِيهِ: تَتَدارَكُهُ، كَما يُقالُ: كانَ زَيْدٌ سَيَقُومُ فَمَنَعَهُ فُلانٌ، أيْ كانَ يُقالُ فِيهِ: سَيَقُومُ، والمَعْنى كانَ مُتَوَقَّعًا مِنهُ القِيامُ.

السُّؤالُ الثّانِي: ما المُرادُ مِن قَوْلِهِ: ﴿نِعْمَةٌ مِن رَبِّهِ﴾ ؟

الجَوابُ: المُرادُ مِن تِلْكَ النِّعْمَةِ، هو أنَّهُ تَعالى أنْعَمَ عَلَيْهِ بِالتَّوْفِيقِ لِلتَّوْبَةِ، وهَذا يَدُلُّ عَلى أنَّهُ لا يَتِمُّ شَيْءٌ مِنَ الصّالِحاتِ والطّاعاتِ إلّا بِتَوْفِيقِهِ وهِدايَتِهِ.

السُّؤالُ الثّالِثُ: أيْنَ جَوابُ لَوْلا ؟

الجَوابُ: مِن وجْهَيْنِ:

الأوَّلُ: تَقْدِيرُ الآيَةِ: لَوْلا هَذِهِ النِّعْمَةُ لَنُبِذَ بِالعَراءِ مَعَ وصْفِ المَذْمُومِيَّةِ، فَلَمّا حَصَلَتْ هَذِهِ النِّعْمَةُ لا جَرَمَ لَمْ يُوجَدِ النَّبْذُ بِالعَراءِ مَعَ هَذا الوَصْفِ؛ لِأنَّهُ لَمّا فَقَدَ هَذا الوَصْفَ فَقَدْ فَقَدَ ذَلِكَ المَجْمُوعَ.

الثّانِي: لَوْلا هَذِهِ النِّعْمَةُ لَبَقِيَ في بَطْنِ الحُوتِ إلى يَوْمِ القِيامَةِ، ثُمَّ نُبِذَ بِعَراءِ القِيامَةِ مَذْمُومًا، ويَدُلُّ عَلى هَذا قَوْلُهُ: ﴿فَلَوْلا أنَّهُ كانَ مِنَ المُسَبِّحِينَ﴾ ﴿لَلَبِثَ في بَطْنِهِ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ (الصّافّاتِ: ١٤٣، ١٤٤) وهَذا كَما يُقالُ: عَرْصَةُ القِيامَةِ؛ وعَراءُ القِيامَةِ.

السُّؤالُ الرّابِعُ: هَلْ يَدُلُّ قَوْلُهُ: ﴿وهُوَ مَذْمُومٌ﴾ عَلى كَوْنِهِ فاعِلًا لِلذَّنْبِ ؟

الجَوابُ: مِن ثَلاثَةِ أوْجُهٍ:

الأوَّلُ: أنَّ كَلِمَةَ (لَوْلا) دَلَّتْ عَلى أنَّ هَذِهِ المَذْمُومِيَّةَ لَمْ تَحْصُلْ.

الثّانِي: لَعَلَّ المُرادَ مِنَ المَذْمُومِيَّةِ تَرْكُ الأفْضَلِ، فَإنَّ حَسَناتِ الأبْرارِ سَيِّئاتُ المُقَرَّبِينَ.

الثّالِثُ: لَعَلَّ هَذِهِ الواقِعَةَ كانَتْ قَبْلَ النُّبُوَّةِ لِقَوْلِهِ: ﴿فاجْتَباهُ رَبُّهُ﴾ والفاءُ لِلتَّعْقِيبِ.

السُّؤالُ الخامِسُ: ما سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الآياتِ ؟

الجَوابُ: يُرْوى أنَّها نَزَلَتْ بِأُحُدٍ حِينَ حَلَّ بِرَسُولِ اللَّهِ ما حَلَّ، فَأرادَ أنْ يَدْعُوَ عَلى الَّذِينَ انْهَزَمُوا، وقِيلَ: حِينَ أرادَ أنْ يَدْعُوَ عَلى ثَقِيفٍ.

Tafsir Resource

QUL supports exporting tafsir content in both JSON and SQLite formats. Tafsir text may include <html> tags for formatting such as <b>, <i>, etc.

Example JSON Format:

{
  "2:3": {
    "text": "tafisr text.",
    "ayah_keys": ["2:3", "2:4"]
  },
  "2:4": "2:3"
}
  • Keys in the JSON are "ayah_key" in "surah:ayah", e.g. "2:3" means 3rd ayah of Surah Al-Baqarah.
  • The value of ayah key can either be:
    • an object — this is the main tafsir group. It includes:
      • text: the tafsir content (can include HTML)
      • ayah_keys: an array of ayah keys this tafsir applies to
    • a string — this indicates the tafsir is part of a group. The string points to the ayah_key where the tafsir text can be found.

SQLite exports includes the following columns

  • ayah_key: the ayah for which this record applies.
  • group_ayah_key: the ayah key that contains the main tafsir text (used for shared tafsir).
  • from_ayah / to_ayah: start and end ayah keys for convenience (optional).
  • ayah_keys: comma-separated list of all ayah keys that this tafsir covers.
  • text: tafsir text. If blank, use the text from the group_ayah_key.