Tafsir Al-Razi

Multiple Ayahs

Tags

Download Links

Tafsir Al-Razi tafsir for Surah Al-Haqqah — Ayah 39

وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنۡ غِسۡلِينٖ ٣٦ لَّا يَأۡكُلُهُۥٓ إِلَّا ٱلۡخَٰطِـُٔونَ ٣٧ فَلَآ أُقۡسِمُ بِمَا تُبۡصِرُونَ ٣٨ وَمَا لَا تُبۡصِرُونَ ٣٩ إِنَّهُۥ لَقَوۡلُ رَسُولٖ كَرِيمٖ ٤٠

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولا طَعامٌ إلّا مِن غِسْلِينٍ﴾ فِيهِ مَسْألَتانِ:

المَسْألَةُ الأُولى: يُرْوى أنَّ ابْنَ عَبّاسٍ سُئِلَ عَنِ الغِسْلِينِ، فَقالَ: لا أدْرِي ما الغِسْلِينُ. وقالَ الكَلْبِيُّ: هو ماءٌ يَسِيلُ مِنَ أهْلِ النّارِ مِنَ القَيْحِ والصَّدِيدِ والدَّمِ إذا عُذِّبُوا فَهو ﴿غِسْلِينٍ﴾ فِعْلِينٌ مِنَ الغَسْلِ.

المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: الطَّعامُ ما هُيِّءَ لِلْأكْلِ، فَلَمّا هُيِّءَ الصَّدِيدُ لِيَأْكُلَهُ أهْلُ النّارِ كانَ طَعامًا لَهم، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ المَعْنى أنَّ ذَلِكَ أُقِيمَ لَهم مَقامَ الطَّعامِ فَسُمِّيَ طَعامًا، كَما قالَ:

تَحِيَّةُ بَيْنِهِمْ ضَرْبٌ وجِيعُ

والتَّحِيَّةُ لا تَكُونُ ضَرْبًا إلّا أنَّهُ لَمّا أُقِيمَ مَقامَهُ جازَ أنْ يُسَمّى بِهِ.

صفحة ١٠٣

ثُمَّ إنَّهُ تَعالى ذَكَرَ أنَّ الغِسْلِينَ أكْلُ مَن هو ؟ فَقالَ: ﴿لا يَأْكُلُهُ إلّا الخاطِئُونَ﴾ الآثِمُونَ أصْحابُ الخَطايا، وخَطِئَ الرَّجُلُ إذا تَعَمَّدَ الذَّنْبَ وهُمُ المُشْرِكُونَ، وقُرِئَ ”الخاطِيُونَ“ بِإبْدالِ الهَمْزَةِ ياءً والخاطُونَ بِطَرْحِها، وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ طَعَنَ في هَذِهِ القِراءَةِ، وقالَ: ما الخاطِيُونَ كُلُّنا نَخْطُو إنَّما هو الخاطِئُونَ، ما الصّابُونَ، إنَّما هو الصّابِئُونَ، ويَجُوزُ أنْ يُجابَ عَنْهُ بِأنَّ المُرادَ الَّذِينَ يَتَخَطَّوْنَ الحَقَّ إلى الباطِلِ ويَتَعَدَّوْنَ حُدُودَ اللَّهِ.

واعْلَمْ أنَّهُ تَعالى لَمّا أقامَ الدَّلالَةَ عَلى إمْكانِ القِيامَةِ، ثُمَّ عَلى وُقُوعِها، ثُمَّ ذَكَرَ أحْوالَ السُّعَداءِ وأحْوالَ الأشْقِياءِ، خَتَمَ الكَلامَ بِتَعْظِيمِ القُرْآنِ فَقالَ:

﴿فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ﴾ ﴿وما لا تُبْصِرُونَ﴾ وفِيهِ مَسْألَتانِ:

المَسْألَةُ الأُولى: مِنهم مَن قالَ: المُرادُ أقْسِمُ و”لا“ صِلَةٌ، أوْ يَكُونُ رَدُّ الكَلامِ سَبَقَ، ومِنهم مَن قالَ: ”لا“ هَهُنا نافِيَةٌ لِلْقَسَمِ، كَأنَّهُ قالَ: لا أُقْسِمُ، عَلى أنَّ هَذا القُرْآنَ ﴿لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ﴾ يَعْنِي أنَّهُ لِوُضُوحِهِ يَسْتَغْنِي عَنِ القَسَمِ، والِاسْتِقْصاءُ في هَذِهِ المَسْألَةِ سَنَذْكُرُهُ في أوَّلِ سُورَةِ ﴿لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ القِيامَةِ﴾ [القِيامَةِ: ١] .

المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: قَوْلُهُ: ﴿بِما تُبْصِرُونَ﴾ ﴿وما لا تُبْصِرُونَ﴾ يَعُمُّ جَمِيعَ الأشْياءِ عَلى الشُّمُولِ؛ لِأنَّها لا تَخْرُجُ مِن قِسْمَيْنِ: مُبْصِرٍ وغَيْرِ مُبْصِرٍ، فَشَمَلَ الخالِقَ والخَلْقَ، والدُّنْيا والآخِرَةَ، والأجْسامَ والأرْواحَ، والإنْسَ والجِنَّ، والنِّعَمَ الظّاهِرَةَ والباطِنَةَ.

* * *

ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿إنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ﴾ .

واعْلَمْ أنَّهُ تَعالى ذَكَرَ في سُورَةِ ﴿إذا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾ [التَّكْوِيرِ: ١] مِثْلَ هَذا الكَلامِ، والأكْثَرُونَ هُناكَ عَلى أنَّ المُرادَ مِنهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، والأكْثَرُونَ هَهُنا عَلى أنَّ المُرادَ مِنهُ مُحَمَّدٌ ﷺ، واحْتَجُّوا عَلى الفَرْقِ بِأنَّ هَهُنا لَمّا قالَ: ﴿إنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ﴾ ذَكَرَ بَعْدَهُ أنَّهُ لَيْسَ بِقَوْلِ شاعِرٍ، ولا كاهِنٍ، والقَوْمُ ما كانُوا يَصِفُونَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ بِالشِّعْرِ والكِهانَةِ، بَلْ كانُوا يَصِفُونَ مُحَمَّدًا بِهَذَيْنَ الوَصْفَيْنِ. وأمّا في سُورَةِ: ﴿إذا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾ لَمّا قالَ: ﴿إنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ﴾ ثُمَّ قالَ بَعْدَهُ: ﴿وما هو بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ﴾ [التَّكْوِيرِ: ٢٥] كانَ المَعْنى: إنَّهُ قَوْلُ مَلَكٍ كَرِيمٍ، لا قَوْلُ شَيْطانٍ رَجِيمٍ، فَصَحَّ أنَّ المُرادَ مِنَ الرَّسُولِ الكَرِيمِ هَهُنا هو مُحَمَّدٌ ﷺ، وفي تِلْكَ السُّورَةِ هو جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، وعِنْدَ هَذا يَتَوَجَّهُ السُّؤالُ: أنَّ الأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلى أنَّ القُرْآنَ كَلامُ اللَّهِ تَعالى، وحِينَئِذٍ يَلْزَمُ أنْ يَكُونَ الكَلامُ الواحِدُ كَلامًا لِلَّهِ تَعالى، ولِجِبْرِيلَ ولِمُحَمَّدٍ، وهَذا غَيْرُ مَعْقُولٍ (والجَوابُ): أنَّهُ يَكْفِي في صِدْقِ الإضافَةِ أدْنى سَبَبٍ، فَهو كَلامُ اللَّهِ تَعالى، بِمَعْنى أنَّهُ تَعالى هو الَّذِي أظْهَرَهُ في اللَّوْحِ المَحْفُوظِ، وهو الَّذِي رَتَّبَهُ ونَظَّمَهُ، وهو كَلامُ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ، بِمَعْنى أنَّهُ هو الَّذِي أنْزَلَهُ مِنَ السَّماواتِ إلى الأرْضِ، وهو كَلامُ مُحَمَّدٍ، بِمَعْنى أنَّهُ هو الَّذِي أظْهَرَهُ لِلْخَلْقِ، ودَعا النّاسَ إلى الإيمانِ بِهِ، وجَعَلَهُ حُجَّةً لِنُبُوَّتِهِ.

Tafsir Resource

QUL supports exporting tafsir content in both JSON and SQLite formats. Tafsir text may include <html> tags for formatting such as <b>, <i>, etc.

Example JSON Format:

{
  "2:3": {
    "text": "tafisr text.",
    "ayah_keys": ["2:3", "2:4"]
  },
  "2:4": "2:3"
}
  • Keys in the JSON are "ayah_key" in "surah:ayah", e.g. "2:3" means 3rd ayah of Surah Al-Baqarah.
  • The value of ayah key can either be:
    • an object — this is the main tafsir group. It includes:
      • text: the tafsir content (can include HTML)
      • ayah_keys: an array of ayah keys this tafsir applies to
    • a string — this indicates the tafsir is part of a group. The string points to the ayah_key where the tafsir text can be found.

SQLite exports includes the following columns

  • ayah_key: the ayah for which this record applies.
  • group_ayah_key: the ayah key that contains the main tafsir text (used for shared tafsir).
  • from_ayah / to_ayah: start and end ayah keys for convenience (optional).
  • ayah_keys: comma-separated list of all ayah keys that this tafsir covers.
  • text: tafsir text. If blank, use the text from the group_ayah_key.