You are reading tafsir of 2 ayahs: 72:6 to 72:7.
النَّوْعُ الخامِسُ: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وأنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الجِنِّ﴾ فِيهِ قَوْلانِ:
الأوَّلُ: وهو قَوْلُ جُمْهُورِ المُفَسِّرِينَ أنَّ الرَّجُلَ في الجاهِلِيَّةِ إذا سافَرَ فَأمْسى في قَفْرٍ مِنَ الأرْضِ، قالَ: أعُوذُ بِسَيِّدِ هَذا الوادِي أوْ بِعَزِيزِ هَذا المَكانِ مِن شَرِّ سُفَهاءِ قَوْمِهِ، فَيَبِيتُ في جِوارٍ مِنهم حَتّى يُصْبِحَ، وقالَ آخَرُونَ: كانَ أهْلُ الجاهِلِيَّةِ إذا قُحِطُوا بَعَثُوا رائِدَهم، فَإذا وجَدَ مَكانًا فِيهِ كَلَأٌ وماءٌ رَجَعَ إلى أهْلِهِ فَيُنادِيهِمْ، فَإذا انْتَهَوْا إلى تِلْكَ الأرْضِ نادَوْا نَعُوذُ بِرَبِّ هَذا الوادِي مِنَ أنْ يُصِيبَنا آفَةٌ يَعْنُونَ الجِنَّ، فَإنْ لَمْ يُفْزِعْهم أحَدٌ نَزَلُوا، ورُبَّما تُفْزِعُهُمُ الجِنُّ فَيَهْرُبُونَ.
القَوْلُ الثّانِي: المُرادُ أنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الإنْسِ أيْضًا، لَكِنْ مِن شَرِّ الجِنِّ، مِثْلُ أنْ يَقُولَ الرَّجُلُ: أعُوذُ بِرَسُولِ اللَّهِ مِن شَرِّ جِنِّ هَذا الوادِي، وأصْحابُ هَذا التَّأْوِيلِ إنَّما ذَهَبُوا إلَيْهِ؛ لِأنَّ الرَّجُلَ اسْمُ الإنْسِ لا اسْمُ الجِنِّ، وهَذا ضَعِيفٌ، فَإنَّهُ لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلى أنَّ الذَّكَرَ مِنَ الجِنِّ لا يُسَمّى رَجُلًا، أمّا قَوْلُهُ: ﴿فَزادُوهم رَهَقًا﴾ قالَ المُفَسِّرُونَ: مَعْناهُ زادُوهم إثْمًا وجُرْأةً وطُغْيانًا وخَطِيئَةً وغَيًّا وشَرًّا، كُلُّ هَذا مِن ألْفاظِهِمْ، قالَ الواحِدِيُّ: الرَّهَقُ غَشَيانُ الشَّيْءِ، ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولا يَرْهَقُ وُجُوهَهم قَتَرٌ﴾ [يُونُسَ: ٢٦] وقَوْلُهُ: ﴿تَرْهَقُها قَتَرَةٌ﴾ [عَبَسَ: ٤١] ورَجُلٌ مُرْهَقٌ أيْ يَغْشاهُ السّائِلُونَ.
ويُقالُ: رَهَقَتْنا الشَّمْسُ إذا قَرُبَتْ، والمَعْنى أنَّ رِجالَ الإنْسِ إنَّما اسْتَعاذُوا بِالجِنِّ خَوْفًا مِن أنْ يَغْشاهُمُ الجِنُّ، ثُمَّ إنَّهم زادُوا في ذَلِكَ الغَشَيانِ، فَإنَّهم لَمّا تَعَوَّذُوا بِهِمْ، ولَمْ يَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ، اسْتَذَلُّوهم واجْتَرَءُوا عَلَيْهِمْ فَزادُوهم ظُلْمًا، وهَذا مَعْنى قَوْلِ عَطاءٍ خَبَطُوهم وخَنَقُوهم، وعَلى هَذا القَوْلِ زادُوا مِن فِعْلِ الجِنِّ، وفي الآيَةِ قَوْلٌ آخَرُ وهو أنَّ زادُوا مِن فِعْلِ الإنْسِ، وذَلِكَ لِأنَّ الإنْسَ لَمّا اسْتَعاذُوا بِالجِنِّ، فالجِنُّ يَزْدادُونَ بِسَبَبِ ذَلِكَ التَّعَوُّذِ طُغْيانًا فَيَقُولُونَ: سُدْنا الجِنَّ والإنْسَ، والقَوْلُ الأوَّلُ هو اللّائِقُ بِمَساقِ الآيَةِ والمُوافِقُ لِنَظْمِها.
النَّوْعُ السّادِسُ: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وأنَّهم ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أحَدًا﴾ .
اعْلَمْ أنَّ هَذِهِ الآيَةَ والَّتِي قَبْلَها يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونا مِن كَلامِ الجِنِّ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونا مِن جُمْلَةِ الوَحْيِ، فَإنْ كانا مِن كَلامِ الجِنِّ وهو الَّذِي قالَهُ بَعْضُهم مَعَ بَعْضٍ، كانَ التَّقْدِيرُ وأنَّ الإنْسَ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أيُّها الجِنُّ، وإنْ كانا مِنَ الوَحْيِ كانَ التَّقْدِيرُ: وأنَّ الجِنَّ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ يا كُفّارَ قُرَيْشٍ. وعَلى التَّقْدِيرَيْنِ فالآيَةُ دَلَّتْ عَلى أنَّ الجِنَّ كَما أنَّهم كانَ فِيهِمْ مُشْرِكٌ ويَهُودِيٌّ ونَصْرانِيٌّ فَفِيهِمْ مَن يُنْكِرُ البَعْثَ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ المُرادُ أنَّهُ لا يَبْعَثُ أحَدًا لِلرِّسالَةِ عَلى ما هو مَذْهَبُ البَراهِمَةِ، واعْلَمْ أنَّ حَمْلَهُ عَلى كَلامِ الجِنِّ أوْلى؛ لِأنَّ ما قَبْلَهُ وما بَعْدَهُ كَلامُ الجِنِّ، فَإلْقاءُ كَلامٍ أجْنَبِيٍّ عَنْ كَلامِ الجِنِّ في البَيْنِ غَيْرُ لائِقٍ.
QUL supports exporting tafsir content in both JSON and SQLite formats.
Tafsir text may include <html>
tags for formatting such as <b>
,
<i>
, etc.
Note:
Tafsir content may span multiple ayahs. QUL exports both the tafsir text and the ayahs it applies to.
Example JSON Format:
{ "2:3": { "text": "tafisr text.", "ayah_keys": ["2:3", "2:4"] }, "2:4": "2:3" }
"ayah_key"
in "surah:ayah"
, e.g. "2:3"
means
3rd ayah of Surah Al-Baqarah.
text
: the tafsir content (can include HTML)ayah_keys
: an array of ayah keys this tafsir applies toayah_key
where the tafsir text can be found.
ayah_key
: the ayah for which this record applies.group_ayah_key
: the ayah key that contains the main tafsir text (used for shared tafsir).
from_ayah
/ to_ayah
: start and end ayah keys for convenience (optional).ayah_keys
: comma-separated list of all ayah keys that this tafsir covers.text
: tafsir text. If blank, use the text
from the group_ayah_key
.