Fath Al-Qadir Al-Shawkani

Multiple Ayahs

Tags

Download Links

Fath Al-Qadir Al-Shawkani tafsir for Surah Al-Haqqah — Ayah 18

كَذَّبَتۡ ثَمُودُ وَعَادُۢ بِٱلۡقَارِعَةِ ٤ فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهۡلِكُواْ بِٱلطَّاغِيَةِ ٥ وَأَمَّا عَادٞ فَأُهۡلِكُواْ بِرِيحٖ صَرۡصَرٍ عَاتِيَةٖ ٦ سَخَّرَهَا عَلَيۡهِمۡ سَبۡعَ لَيَالٖ وَثَمَٰنِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومٗاۖ فَتَرَى ٱلۡقَوۡمَ فِيهَا صَرۡعَىٰ كَأَنَّهُمۡ أَعۡجَازُ نَخۡلٍ خَاوِيَةٖ ٧ فَهَلۡ تَرَىٰ لَهُم مِّنۢ بَاقِيَةٖ ٨ وَجَآءَ فِرۡعَوۡنُ وَمَن قَبۡلَهُۥ وَٱلۡمُؤۡتَفِكَٰتُ بِٱلۡخَاطِئَةِ ٩ فَعَصَوۡاْ رَسُولَ رَبِّهِمۡ فَأَخَذَهُمۡ أَخۡذَةٗ رَّابِيَةً ١٠ إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلۡمَآءُ حَمَلۡنَٰكُمۡ فِي ٱلۡجَارِيَةِ ١١ لِنَجۡعَلَهَا لَكُمۡ تَذۡكِرَةٗ وَتَعِيَهَآ أُذُنٞ وَٰعِيَةٞ ١٢ فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ نَفۡخَةٞ وَٰحِدَةٞ ١٣ وَحُمِلَتِ ٱلۡأَرۡضُ وَٱلۡجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةٗ وَٰحِدَةٗ ١٤ فَيَوۡمَئِذٖ وَقَعَتِ ٱلۡوَاقِعَةُ ١٥ وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَهِيَ يَوۡمَئِذٖ وَاهِيَةٞ ١٦ وَٱلۡمَلَكُ عَلَىٰٓ أَرۡجَآئِهَاۚ وَيَحۡمِلُ عَرۡشَ رَبِّكَ فَوۡقَهُمۡ يَوۡمَئِذٖ ثَمَٰنِيَةٞ ١٧ يَوۡمَئِذٖ تُعۡرَضُونَ لَا تَخۡفَىٰ مِنكُمۡ خَافِيَةٞ ١٨

وهي مَكِّيَّةٌ.

قالَ القُرْطُبِيُّ: في قَوْلِ الجَمِيعِ.

وأخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ، والنَّحّاسُ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ الحاقَّةِ بِمَكَّةَ.

وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِثْلَهُ.

وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ عَنْ أبِي بَرْزَةَ «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ كانَ يَقْرَأُ في الفَجْرِ بِالحاقَّةِ ونَحْوِها» .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قَوْلُهُ: ﴿الحاقَّةُ﴾ هي القِيامَةُ؛ لِأنَّ الأمْرَ يَحِقُّ فِيها، وهي تَحِقُّ في نَفْسِها مِن غَيْرِ شَكٍّ.

قالَ الأزْهَرِيُّ: يُقالُ حاقَقْتُهُ فَحَقَقْتُهُ أحِقُّهُ: غالَبْتُهُ فَغَلَبْتُهُ أغْلِبُهُ، فالقِيامَةُ حاقَّةٌ لِأنَّها تُحاقُّ كُلَّ مُحاقٍّ في دِينِ اللَّهِ بِالباطِلِ وتَخْصِمُ كُلَّ مُخاصِمٍ.

وقالَ في الصِّحاحِ: حاقَّهُ أيْ خاصَمَهُ في صِغارِ الأشْياءِ، ويُقالُ ما لَهُ فِيها حَقٌّ ولا حِقاقٌ ولا خُصُومَةٌ، والتَّحاقُّ: التَّخاصُمُ، والحاقَّةُ والحَقَّةُ والحَقُّ ثَلاثُ لُغاتٍ بِمَعْنًى.

قالَ الواحِدِيُّ: هي القِيامَةُ في قَوْلِ كُلِّ المُفَسِّرِينَ، وسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأنَّها ذاتُ الحَواقِّ مِنَ الأُمُورِ، وهي الصّادِقَةُ الواجِبَةُ الصِّدْقِ، وجَمِيعُ أحْكامِ القِيامَةِ صادِقَةٌ واجِبَةُ الوُقُوعِ والوُجُودِ.

قالَ الكِسائِيُّ، والمُؤَرِّجُ: الحاقَّةُ يَوْمُ الحَقِّ، وقِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأنَّ كُلَّ إنْسانٍ فِيها حَقِيقٌ بِأنْ يُجْزى بِعَمَلِهِ، وقِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأنَّها أحَقَّتْ لِقَوْمٍ النّارَ، وأحَقَّتْ لِقَوْمٍ الجَنَّةِ.

وهِيَ مُبْتَدَأٌ، وخَبَرُها قَوْلُهُ: ﴿ما الحاقَّةُ﴾ عَلى أنَّ " ما " الِاسْتِفْهامِيَّةَ مُبْتَدَأٌ ثانٍ، وخَبَرُهُ " الحاقَّةُ "، والجُمْلَةُ خَبَرٌ لِلْمُبْتَدَأِ الأوَّلُ، والمَعْنى: أيُّ شَيْءٍ هي في حالِها أوْ صِفاتِها، وقِيلَ: إنَّ ما الِاسْتِفْهامِيَّةَ خَبَرٌ لِما بَعْدَها، وهَذِهِ الجُمْلَةُ وإنْ كانَ لَفْظُها لَفْظَ الِاسْتِفْهامِ فَمَعْناها التَّعْظِيمُ والتَّفْخِيمُ لِشَأْنِها كَما تَقُولُ: زَيْدٌ ما زِيدٌ، (p-١٥٢٣)وقَدْ قَدَّمْنا تَحْقِيقَ هَذا المَعْنى في سُورَةِ الواقِعَةِ.

ثُمَّ زادَ سُبْحانَهُ في تَفْخِيمِ أمْرِها وتَعْظِيمِ شَأْنِها وتَهْوِيلِ حالِها فَقالَ: ﴿وما أدْراكَ ما الحاقَّةُ﴾ أيْ: أيُّ شَيْءٍ أعْلَمَكَ ما هي ؟ أيْ كَأنَّكَ لَسْتَ تَعْلَمُها إذا لَمْ تُعايِنْها وتُشاهِدْ ما فِيها مِنَ الأهْوالِ فَكَأنَّها خارِجَةٌ عَنْ دائِرَةِ عِلْمِ المَخْلُوقِينَ.

قالَ يَحْيى بْنُ سَلامٍ: بَلَغَنِي أنَّ كُلَّ شَيْءٍ في القُرْآنِ " وما أدْراكَ " فَقَدْ أدْراهُ إيّاهُ وعَلَّمَهُ، وكُلُّ شَيْءٍ قالَ فِيهِ " وما يُدْرِيكَ " فَإنَّهُ أخْبَرَهُ بِهِ، و" ما " مُبْتَدَأٌ، وخَبَرُهُ أدْراكَ، و" ما الحاقَّةُ " جُمْلَةٌ مِن مُبْتَدَأٍ وخَبَرٍ مَحَلُّها النَّصْبُ بِإسْقاطِ الخافِضِ؛ لِأنَّ أدْرى يَتَعَدّى إلى المَفْعُولِ الثّانِي بِالياءِ كَما في قَوْلِهِ: ﴿ولا أدْراكم بِهِ﴾ [يونس: ١٦] فَلَمّا وقَعَتْ جُمْلَةُ الِاسْتِفْهامِ مُعَلِّقَةً لَهُ كانَتْ في مَوْضِعِ المَفْعُولِ الثّانِي. وبِدُونِ الهَمْزَةِ يَتَعَدّى إلى مَفْعُولٍ واحِدٍ بِالباءِ نَحْوَ دَرَيْتُ بِكَذا، وإنْ كانَ بِمَعْنى العِلْمِ تَعَدّى إلى مَفْعُولَيْنِ، وجُمْلَةُ " وما أدْراكَ " مَعْطُوفَةٌ عَلى جُمْلَةِ " ما الحاقَّةُ " .

﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ وعادٌ بِالقارِعَةِ﴾ أيْ بِالقِيامَةِ، وسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأنَّها تَقْرَعُ النّاسَ بِأهْوالِها.

وقالَ المُبَرِّدُ: عَنى بِالقارِعَةِ القُرْآنَ الَّذِي نَزَلَ في الدُّنْيا عَلى أنْبِيائِهِمْ، وكانُوا يُخَوِّفُونَهم بِذَلِكَ فَيُكَذِّبُونَهم، وقِيلَ: القارِعَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنَ القُرْعَةِ لِأنَّها تَرْفَعُ أقْوامًا وتَحُطُّ آخَرِينَ، والأوَّلُ أوْلى، ويَكُونُ وضْعُ القارِعَةِ مَوْضِعَ ضَمِيرِ الحاقَّةِ لِلدَّلالَةِ عَلى عَظِيمِ هَوْلِها وفَظاعَةِ حالِها والجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيانِ بَعْضِ أحْوالِ الحاقَّةِ.

﴿فَأمّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطّاغِيَةِ﴾ ثَمُودُ هم قَوْمُ صالِحٍ، وقَدْ تَقَدَّمَ بَيانُ هَذا في غَيْرِ مَوْضِعٍ وبَيانُ مَنازِلِهِمْ وأيْنَ كانَتْ، والطّاغِيَةُ الصَّيْحَةُ الَّتِي جاوَزَتِ الحَدَّ، وقِيلَ: بِطُغْيانِهِمْ وكُفْرِهِمْ، وأصْلُ الطُّغْيانِ مُجاوَزَةُ الحَدِّ.

﴿وأمّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ﴾ عادٌ هم قَوْمُ هُودٍ، وقَدْ تَقَدَّمَ بَيانُ هَذا، وذِكْرُ مَنازِلِهِمْ، وأيْنَ كانَتْ في غَيْرِ مَوْضِعِ، والرِّيحُ الصَّرْصَرُ هي الشَّدِيدَةُ البَرْدِ، مَأْخُوذٌ مِنَ الصِّرِّ وهو البَرْدُ، وقِيلَ: هي الشَّدِيدَةُ الصَّوْتِ.

وقالَ مُجاهِدٌ: الشَّدِيدَةُ السَّمُومِ، والعاتِيَةُ الَّتِي عَتَتْ عَنِ الطّاعَةِ فَكَأنَّها عَتَتْ عَلى خُزّانِها، فَلَمْ تُطِعْهم ولَمْ يَقْدِرُوا عَلى رَدِّها لِشِدَّةِ هُبُوبِها، أوْ عَتَتْ عَلى عادٍ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلى رَدِّها بَلْ أهْلَكَتْهم.

﴿سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ﴾ هَذِهِ الجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيانِ كَيْفِيَّةِ إهْلاكِهِمْ، ومَعْنى سَخَّرَها: سَلَّطَها، كَذا قالَ مُقاتِلٌ، وقِيلَ: أرْسَلَها.

وقالَ الزَّجّاجُ: أقامَها عَلَيْهِمْ كَما شاءَ، والتَّسْخِيرُ: اسْتِعْمالُ الشَّيْءِ بِالِاقْتِدارِ، ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ هَذِهِ الجُمْلَةُ صِفَةً لِرِيحٍ، وأنْ تَكُونَ حالًا مِنها لِتَخْصِيصِها بِالصِّفَةِ، أوْ مِنَ الضَّمِيرِ في عاتِيَةٍ. وثَمانِيَةُ أيّامٍ مَعْطُوفٌ عَلى سَبْعِ لَيالٍ، وانْتِصابُ حُسُومًا عَلى الحالِ، أيْ: ذاتَ حُسُومٍ، أوْ عَلى المَصْدَرِ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ، أيْ: تَحْسِمُهم حُسُومًا، أوْ عَلى أنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ، والحُسُومُ التَّتابُعُ، فَإذا تَتابَعَ الشَّيْءُ ولَمْ يَنْقَطِعْ أوَّلُهُ عَنْ آخِرِهِ قِيلَ لَهُ الحُسُومُ.

قالَ الزَّجّاجُ: الَّذِي تُوجِبُهُ اللُّغَةُ في مَعْنى قَوْلِهِ حُسُومًا، أيْ: تَحْسِمُهم حُسُومًا تُفْنِيهِمْ وتُذْهِبُهم.

قالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: حَسَمَتْهم قَطَعَتْهم وأهْلَكَتْهم.

قالَ الفَرّاءُ: الحُسُومُ الِاتِّباعُ، مِن حَسْمِ الدّاءِ وهو الكَيُّ؛ لِأنَّ صاحِبَهُ يُكْوى بِالمِكْواةِ، ثُمَّ يُتابَعُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، ومِنهُ قَوْلُ أبِي دُؤادَ:

؎يُفَرَّقُ بَيْنَهم زَمَنٌ طَوِيلٌ تَتابَعَ فِيهِ أعْوامًا حُسُومًا

وقالَ المُبَرِّدُ: هو مِن قَوْلِكِ حَسَمْتُ الشَّيْءَ: إذا قَطَعْتُهُ وفَصَلْتُهُ عَنْ غَيْرِهِ، وقِيلَ: الحَسْمُ الِاسْتِئْصالُ، ويُقالُ لِلسَّيْفِ حُسامٌ لِأنَّهُ يَحْسِمُ العَدُوَّ عَمّا يُرِيدُهُ مِن بُلُوغِ عَداوَتِهِ، والمَعْنى: أنَّها حَسَمَتْهم، أيْ: قَطَعَتْهم وأذْهَبَتْهم، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ:

؎فَأرْسَلَتْ رِيحًا دَبُورًا عَقِيمًا ∗∗∗ فَدارَتْ عَلَيْهِمْ فَكانَتْ حُسُومًا

قالَ ابْنُ زَيْدٍ، أيْ: حَسَمَتْهم فَلَمْ تُبْقِ مِنهم أحَدًا.

ورُوِيَ عَنْهُ أنَّهُ قالَ: حَسَمَتِ الأيّامَ واللَّيالِيَ حَتّى اسْتَوْفَتْها، لِأنَّها بَدَأتْ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ مِن أوَّلِ يَوْمٍ وانْقَطَعَتْ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِن آخِرِ يَوْمٍ.

وقالَ اللَّيْثُ: الحُسُومُ هي الشُّؤْمُ، أيْ: تَحْسِمُ الخَيْرَ عَنْ أهْلِها، كَقَوْلِهِ ﴿فِي أيّامٍ نَحِساتٍ﴾ [فصلت: ١٦] .

واخْتُلِفَ في أوَّلِها، فَقِيلَ: غَداةَ الأحَدِ، وقِيلَ: غَداةَ الجُمُعَةِ، وقِيلَ: غَداةَ الأرْبِعاءِ.

قالَ وهْبٌ: وهَذِهِ الأيّامُ هي الَّتِي تُسَمِّيها العَرَبُ أيّامَ العَجُوزِ، كانَ فِيها بَرْدٌ شَدِيدٌ ورِيحٌ شَدِيدَةٌ، وكانَ أوَّلُها يَوْمَ الأرْبِعاءَ، وآخِرُها يَوْمَ الأرْبِعاءَ ﴿فَتَرى القَوْمَ فِيها صَرْعى﴾ الخِطابُ لِكُلِّ مَن يَصْلُحُ لَهُ عَلى تَقْدِيرِ أنَّهُ لَوْ كانَ حاضِرًا حِينَئِذٍ لَرَأى ذَلِكَ، والضَّمِيرُ في " فِيها " يَعُودُ إلى اللَّيالِي والأيّامِ، وقِيلَ: إلى مَهابِّ الرِّيحِ، والأُولى أوْلى.

وصَرْعى جَمْعُ صَرِيعٍ: يَعْنِي مَوْتى ﴿كَأنَّهم أعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ﴾ أيْ: أُصُولُ نَخْلٍ ساقِطَةٍ، أوْ بالِيَةٍ، وقِيلَ: خالِيَةٌ لا جَوْفَ فِيها، والنَّخْلُ يُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ، ومَثْلُهُ قَوْلُهُ: ﴿كَأنَّهم أعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ﴾ [القمر: ٢٠] وقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ وهو إخْبارٌ عَنْ عِظَمِ أجْسامِهِمْ.

قالَ يَحْيى بْنُ سَلامٍ: إنَّما قالَ: " خاوِيَةٍ " لِأنَّ أبْدانَهم خَلَتْ مِن أرْواحِهِمْ مِثْلَ النَّخْلِ الخاوِيَةِ.

﴿فَهَلْ تَرى لَهم مِن باقِيَةٍ﴾ أيْ: مِن فِرْقَةٍ باقِيَةٍ، أوْ مِن نَفْسٍ باقِيَةٍ، أوْ مِن بَقِيَّةٍ عَلى أنَّ " باقِيَةٍ " مَصْدَرٌ كالعاقِبَةِ والعافِيَةِ.

قالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أقامُوا سَبْعَ لَيالٍ وثَمانِيَةَ أيّامٍ أحْياءً في عَذابِ الرِّيحِ فَلَمّا أمْسَوْا في اليَوْمِ الثّامِنِ ماتُوا فاحْتَمَلَتْهُمُ الرِّيحُ فَألْقَتْهم في البَحْرِ.

﴿وجاءَ فِرْعَوْنُ ومَن قَبْلَهُ﴾ أيْ: مِنَ الأُمَمِ الكافِرَةِ.

قَرَأ الجُمْهُورُ قَبْلَهُ بِفَتْحِ القافِ وسُكُونِ الباءِ، أيْ: ومَن تَقَدَّمَهُ مِنَ القُرُونِ الماضِيَةِ والأُمَمِ الخالِيَةِ وقَرَأ أبُو عَمْرٍو، والكِسائِيُّ بِكَسْرِ القافِ وفَتْحِ الباءِ، أيْ: ومَن هو في جِهَتِهِ مِن أتْباعِهِ، واخْتارَ أبُو حاتِمٍ، وأبُو عُبَيْدٍ القِراءَةَ الثّانِيَةَ لِقِراءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وأُبَيٍّ ومَن مَعَهُ، ولِقِراءَةِ أبِي مُوسى " ومَن يَلْقاهُ " .

والمُؤْتَفِكاتُ قَرَأ الجُمْهُورُ " المُؤْتَفِكاتُ " بِالجَمْعِ وهي قُرى قَوْمِ لُوطٍ، وقَرَأ الحَسَنُ، والجَحْدَرِيُّ " المُؤْتَفِكَةُ " بِالإفْرادِ، واللّامُ لِلْجِنْسِ، فَهي في مَعْنى الجَمْعِ، والمَعْنى: وجاءَتِ المُؤْتَفِكاتُ بِالخاطِئَةِ أيْ بِالفِعْلَةِ الخاطِئَةِ، أوِ الخَطَأِ، عَلى أنَّها مَصْدَرٌ.

والمُرادُ أنَّها جاءَتْ بِالشِّرْكِ والمَعاصِي.

قالَ مُجاهِدٌ: بِالخَطايا، وقالَ الجُرْجانِيُّ: بِالخَطَأِ العَظِيمِ.

﴿فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ﴾ أيْ فَعَصَتْ كُلُّ أُمَّةٍ رَسُولَها المُرْسَلَ إلَيْها.

قالَ الكَلْبِيُّ: هو مُوسى، وقِيلَ لُوطٌ لِأنَّهُ أقْرَبُ، قِيلَ: ورَسُولٌ (p-١٥٢٤)هُنا بِمَعْنى رِسالَةٍ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ:

؎لَقَدْ كَذَبَ الواشُونَ ما بُحْتُ عِنْدَهم ∗∗∗ بِسِرٍّ ولا أرْسَلْتُهم بِرَسُولِ

أيْ بِرِسالَةٍ.

﴿فَأخَذَهم أخْذَةً رابِيَةً﴾ أيْ: أخَذَهُمُ اللَّهُ أخْذَةً نامِيَةً زائِدَةً عَلى أخَذاتِ الأُمَمِ، والمَعْنى: أنَّها بالِغَةٌ في الشِّدَّةِ إلى الغايَةِ، يُقالُ رَبا الشَّيْءُ يَرْبُو: إذا زادَ وتَضاعَفَ.

قالَ الزَّجّاجُ: تَزِيدُ عَلى الأخَذاتِ، قالَ مُجاهِدٌ: شَدِيدَةٌ.

﴿إنّا لَمّا طَغى الماءُ﴾ أيْ تَجاوَزَ حَدَّهُ في الِارْتِفاعِ والعُلُوِّ، وذَلِكَ في زَمَنِ نُوحٍ لَمّا أصَرَّ قَوْمُهُ عَلى الكُفْرِ وكَذَّبُوهُ، وقِيلَ: طَغى عَلى خُزّانِهِ مِنَ المَلائِكَةِ غَضَبًا لِرَبِّهِ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلى حَبْسِهِ.

قالَ قَتادَةُ: زادَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ خَمْسَةَ عَشَرَ ذِراعًا ﴿حَمَلْناكم في الجارِيَةِ﴾ أيْ في أصْلابِ آبائِكم، أوْ حَمَلْناهم وحَمَلْناكم في أصْلابِهِمْ تَغْلِيبًا لِلْمُخاطَبِينَ عَلى الغائِبِينَ.

والجارِيَةُ سَفِينَةُ نُوحٍ، وسُمِّيَتْ جارِيَةً لِأنَّها تَجْرِي في الماءِ، ومَحَلُّ " في الجارِيَةِ " النَّصْبُ عَلى الحالِ، أيْ: رَفَعْناكم فَوْقَ الماءِ حالَ كَوْنِكم في السَّفِينَةِ.

ولَمّا كانَ المَقْصُودُ مِن ذِكْرِ قِصَصِ الأُمَمِ وذِكْرِ ما حَلَّ بِهِمْ مِنَ العَذابِ زَجْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ عَنِ الِاقْتِداءِ بِهِمْ في مَعْصِيَةِ الرَّسُولِ قالَ: ﴿لِنَجْعَلَها لَكم تَذْكِرَةً﴾ أيْ: لِنَجْعَلَ هَذِهِ الأُمُورَ المَذْكُورَةَ لَكم يا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ عِبْرَةً ومَوْعِظَةً تَسْتَدِلُّونَ بِها عَلى عَظِيمِ قُدْرَةِ اللَّهِ وبَدِيعِ صُنْعِهِ، أوْ لِنَجْعَلَ هَذِهِ الفِعْلَةَ الَّتِي هي عِبارَةٌ عَنْ إنْجاءِ المُؤْمِنِينَ وإغْراقِ الكافِرِينَ لَكم تَذْكِرَةً ﴿وتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ﴾ أيْ: تَحَفَظُها بَعْدَ سَماعِها أُذُنٌ حافِظَةٌ لِما سَمِعَتْ.

قالَ الزَّجّاجُ: يُقالُ أوَعَيْتُ كَذا، أيْ: حَفِظْتُهُ في نَفْسِي أعِيهِ وعْيًا، ووَعَيْتُ العِلْمَ ووَعَيْتُ ما قُلْتُهُ كُلَّهُ بِمَعْنًى، وأوْعَيْتُ المَتاعَ في الوِعاءِ، ويُقالُ لِكُلِّ ما وعَيْتَهُ في غَيْرِ نَفْسِكَ أوْعَيْتَهُ بِالألْفِ ولِما حَفِظْتَهُ في نَفْسِكَ وعَيْتَهُ بِغَيْرِ ألْفٍ.

قالَ قَتادَةُ في تَفْسِيرِ الآيَةِ: أُذُنٌ سَمِعْتُ وعَقَلَتْ ما سَمِعَتْ.

قالَ الفَرّاءُ: المَعْنى لِتَحْفَظَها كُلُّ أُذُنٍ عِظَةً لِمَن يَأْتِي بَعْدُ.

قَرَأ الجُمْهُورُ تَعِيَها بِكَسْرِ العَيْنِ.

وقَرَأ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، وحُمِيدٌ الأعْرَجُ، وأبُو عَمْرٍو في رِوايَةٍ عَنْهُ بِإسْكانِ العَيْنِ تَشْبِيهًا لِهَذِهِ الكَلِمَةِ بِرَحِمٍ وشَهِدٍ وإنْ لَمْ تَكُنْ مِن ذَلِكَ.

قالَ الرّازِيُّ: ورُوِيَ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ إسْكانُ العَيْنِ، جَعَلَ حَرْفَ المُضارَعَةِ مَعَ ما بَعْدَهُ بِمَنزِلَةِ كَلِمَةٍ واحِدَةٍ فَخَفَّفَ وأسْكَنَ كَما أسْكَنَ الحَرْفَ المُتَوَسِّطَ مِن فَخْذٍ وكَبْدٍ وكَتْفٍ انْتَهى، والأوْلى أنْ يَكُونَ هَذا مِن بابِ إجْراءِ الوَصْلِ مَجْرى الوَقْفِ كَما في قِراءَةِ مَن قَرَأ " وما يُشْعِرْكم " [الأنعام: ١٠٩] بِسُكُونِ الرّاءِ، قالَ القُرْطُبِيُّ: واخْتَلَفَتِ القِراءَةُ فِيها عَنْ عاصِمٍ، وابْنِ كَثِيرٍ: يَعْنِي تَعِيَها.

﴿فَإذا نُفِخَ في الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ﴾ هَذا شُرُوعٌ في بَيانِ الحاقَّةِ وكَيْفَ وُقُوعُها بَعْدَ بَيانِ شَأْنِها بِإهْلاكِ المُكَذِّبِينَ.

قالَ عَطاءٌ: يُرِيدُ النَّفْخَةَ الأُولى.

وقالَ الكَلْبِيُّ، ومُقاتِلٌ يُرِيدُ النَّفْخَةَ الأخِيرَةَ.

قَرَأ الجُمْهُورُ ﴿نَفْخَةٌ واحِدَةٌ﴾ بِالرَّفْعِ فِيهِما عَلى أنَّ نَفْخَةً مُرْتَفِعَةً عَلى النِّيابَةِ، وواحِدَةً تَأْكِيدٌ لَها، وحَسُنَ تَذْكِيرُ الفِعْلِ لِوُقُوعِ الفَصْلِ.

وقَرَأ أبُو السَّمّاكِ بِنَصْبِهِما عَلى أنَّ النّائِبَ هو الجارُّ والمَجْرُورُ.

قالَ الزَّجّاجُ: قَوْلُهُ: ﴿فِي الصُّورِ﴾ يَقُومُ مَقامَ ما لَمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

﴿وحُمِلَتِ الأرْضُ والجِبالُ﴾ أيْ: رُفِعَتْ مِن أماكِنِها وقُلِعَتْ عَنْ مَقارِّها بِالقُدْرَةِ الإلَهِيَّةِ.

قَرَأ الجُمْهُورُ " حُمِلَتْ " بِتَخْفِيفِ المِيمِ.

وقَرَأ الأعْمَشُ، وابْنُ أبِي عَبْلَةَ، وابْنُ مِقْسَمٍ، وابْنُ عامِرٍ في رِوايَةٍ عَنْهُ بِتَشْدِيدِها لِلتَّكْثِيرِ أوْ لِلتَّعْدِيَةِ ﴿فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً﴾ أيْ فَكُسِرَتا كَسْرَةً واحِدَةً لا زِيادَةَ عَلَيْها، أوْ ضُرِبَتا ضَرْبَةً واحِدَةً بَعْضُهُما بِبَعْضٍ حَتّى صارَتا كَثِيبًا مَهِيلًا وهَباءً مُنْبَثًّا.

قالَ الفَرّاءُ: ولَمْ يَقُلْ " فَدُكَّكْنَ " لِأنَّهُ جَعَلَ الجِبالَ كُلَّها كالجُمْلَةِ الواحِدَةِ، ومَثْلُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أنَّ السَّماواتِ والأرْضَ كانَتا رَتْقًا فَفَتَقْناهُما﴾ [الأنبياء: ٣٠] وقِيلَ: دُكَّتا بُسِطَتا بَسْطَةً واحِدَةً، ومِنهُ انْدَكَّ سَنامُ البَعِيرِ: إذا انْفَرَشَ عَلى ظَهْرِهِ.

﴿فَيَوْمَئِذٍ وقَعَتِ الواقِعَةُ﴾ أيْ: قامَتِ القِيامَةُ.

﴿وانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهي يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ﴾ أيِ انْشَقَّتْ بِنُزُولِ ما فِيها مِنَ المَلائِكَةِ فَهي في ذَلِكَ اليَوْمِ ضَعِيفَةٌ مُسْتَرْخِيَةٌ.

قالَ الزَّجّاجُ: يُقالُ لِكُلِّ ما ضَعُفَ جِدًّا قَدْ وهي فَهو واهٍ، وقالَ الفَرّاءُ: وهْيُها تَشَقُّقُها.

﴿والمَلَكُ عَلى أرْجائِها﴾ أيْ: جِنْسُ المَلَكِ عَلى أطْرافِها وجَوانِبِها، وهي جَمْعُ رَجًى مَقْصُورٌ تَثْنِيَتُهُ رَجَوانِ مِثْلَ قَفا وقَفَوانِ، والمَعْنى: أنَّها لَمّا تَشَقَّقَتِ السَّماءُ، وهي مَساكِنُهم لَجَئُوا إلى أطْرافِها.

قالَ الضَّحّاكُ: إذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ أمَرَ اللَّهُ السَّماءَ الدُّنْيا فَتَشَقَّقَتْ، وتَكُونُ المَلائِكَةُ عَلى حافّاتِها حَتّى يَأْمُرَهُمُ الرَّبُّ فَيَنْزِلُونَ إلى الأرْضِ ويُحِيطُونَ بِالأرْضِ ومَن عَلَيْها.

وقالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: المَعْنى والمَلَكُ عَلى حافّاتِ الدُّنْيا، أيْ: يَنْزِلُونَ إلى الأرْضِ، وقِيلَ: إذا صارَتِ السَّماءُ قِطَعًا يَقِفُ المَلائِكَةُ عَلى تِلْكَ القِطَعِ الَّتِي لَيْسَتْ مُتَشَقِّقَةً في أنْفُسِها ﴿ويَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهم يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ﴾ أيْ: يَحْمِلُهُ فَوْقَ رُءُوسِهِمْ يَوْمَ القِيامَةِ ثَمانِيَةُ أمْلاكٍ، وقِيلَ: ثَمانِيَةُ صُفُوفٍ مِنَ المَلائِكَةِ لا يَعْلَمُ عَدَدَهم إلّا اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ، وقِيلَ: ثَمانِيَةُ أجْزاءٍ مِن تِسْعَةِ أجْزاءٍ مِنَ المَلائِكَةِ، قالَهُ الكَلْبِيُّ وغَيْرُهُ.

﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ﴾ أيْ: تُعْرَضُ العِبادُ عَلى اللَّهِ لِحِسابِهِمْ، ومِثْلُهُ ﴿وعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا﴾ [الكهف: ٤٨]، ولَيْسَ ذَلِكَ العَرْضُ عَلَيْهِ سُبْحانَهُ لِيَعْلَمَ بِهِ ما لَمْ يَكُنْ عالِمًا بِهِ.

وإنَّما هو عَرْضُ الِاخْتِبارِ والتَّوْبِيخِ بِالأعْمالِ، وجُمْلَةُ " لا تَخْفى مِنكم خافِيَةٌ " في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ مِن ضَمِيرِ " تُعْرَضُونَ "، أيْ: تُعْرَضُونَ حالَ كَوْنِهِ لا يَخْفى عَلى اللَّهِ سُبْحانَهُ مِن ذَواتِكم أوْ أقْوالِكم وأفْعالِكم خافِيَةٌ كائِنَةٌ ما كانَتْ، والتَّقْدِيرُ: أيُّ نَفْسٍ خافِيَةٍ أوْ فِعْلَةٍ خافِيَةٍ.

وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: الحاقَّةُ مِن أسْماءِ القِيامَةِ.

وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ قالَ: ما أرْسَلَ اللَّهُ شَيْئًا مِن رِيحٍ إلّا بِمِكْيالٍ، ولا قَطْرَةٍ مِن ماءٍ إلّا بِمِكْيالٍ إلّا يَوْمَ نُوحٍ ويَوْمَ عادٍ، فَأمّا يَوْمُ نُوحٍ فَإنَّ الماءَ طَغى عَلى خُزّانِهِ فَلَمْ يَكُنْ لَهم عَلَيْهِ سَبِيلٌ، ثُمَّ قَرَأ ﴿إنّا لَمّا طَغى الماءُ﴾ وأمّا يَوْمُ عادٍ فَإنَّ الرِّيحَ عَتَتْ عَلى خُزّانِها فَلَمْ يَكُنْ لَهم عَلَيْها سَبِيلٌ، ثُمَّ قَرَأ ﴿بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ﴾ .

وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ (p-١٥٢٥)نَحْوَهُ.

وأخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ وغَيْرُهُما عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «نُصِرْتُ بِالصَّبا، وأُهْلِكَتْ عادٌ بِالدَّبُورِ» .

وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: قالَ: ما أُمِرَ الخُزّانُ عَلى عادٍ إلّا مِثْلَ مَوْضِعِ الخاتَمِ مِنَ الرِّيحِ، فَعَتَتْ عَلى الخُزّانِ فَخَرَجَتْ مِن نَواحِي الأبْوابِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ﴾ قالَ: عُتُوُّها عَتَتْ عَلى الخُزّانِ.

وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ﴾ قالَ: الغالِبَةُ.

وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، والفِرْيابِيُّ، وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، والطَّبَرانِيُّ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ في قَوْلِهِ: ﴿حُسُومًا﴾ قالَ: مُتَتابِعاتٌ.

وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ مِن طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿حُسُومًا﴾ قالَ: تِباعًا، وفي لَفْظِ: مُتَتابِعاتٍ.

وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنْهُ ﴿كَأنَّهم أعْجازُ نَخْلٍ﴾ قالَ: هي أُصُولُها، وفي قَوْلِهِ: ﴿خاوِيَةٍ﴾ قالَ: خَرِبَةٍ.

وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْهُ أيْضًا في قَوْلِهِ: ﴿إنّا لَمّا طَغى الماءُ﴾ قالَ: طَغى عَلى خُزّانِهِ فَنَزَلَ، ولَمْ يَنْزِلْ مِنَ السَّماءِ ماءٌ إلّا بِمِكْيالٍ أوْ مِيزانٍ إلّا زَمَنَ نُوحٍ فَإنَّهُ طَغى عَلى خُزّانِهِ فَنَزَلَ بِغَيْرِ كَيْلٍ ولا وزْنٍ.

وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وأبُو نُعَيْمٍ في الحِلْيَةِ مِن طَرِيقِ مَكْحُولٍ «عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ في قَوْلِهِ: ﴿وتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ﴾ قالَ: قالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: سَألْتُ اللَّهَ أنْ يَجْعَلَها أُذُنَكَ يا عَلِيُّ، فَقالَ عَلِيٌّ: ما سَمِعْتُ مِن رَسُولِ اللَّهِ ﷺ شَيْئًا فَنَسِيتُهُ» قالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وهو حَدِيثٌ مُرْسَلٌ.

وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والواحِدِيُّ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وابْنُ عَساكِرَ، وابْنُ النَّجّارِ عَنْ بُرَيْدَةَ قالَ: «قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِعَلِيٍّ: إنَّ اللَّهَ أمَرَنِي أنْ أُدْنِيَكَ ولا أُقْصِيَكَ، وأنْ أُعَلِّمَكَ، وأنْ تَعِيَ، وحَقٌّ لَكَ أنْ تَعِيَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ﴿وتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ﴾ فَأنْتَ أُذُنٌ واعِيَةٌ، يا عَلِيٍّ» . قالَ ابْنُ كَثِيرٍ: ولا يَصِحُّ.

وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ في قَوْلِهِ: ﴿أُذُنٌ واعِيَةٌ﴾ قالَ: أُذُنٌ عَقَلَتْ عَنِ اللَّهِ.

وأخْرَجَ الحاكِمُ، والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ في قَوْلِهِ: ﴿وحُمِلَتِ الأرْضُ والجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً﴾ قالَ: تَصِيرانِ غَبَرَةً عَلى وُجُوهِ الكُفّارِ لا عَلى وُجُوهِ المُؤْمِنِينَ، وذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ﴾ ﴿تَرْهَقُها قَتَرَةٌ﴾ [عبس: ٤١، ٤٠] .

وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﴿فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ﴾ قالَ: مُتَخَرِّقَةٌ.

وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ في قَوْلِهِ: ﴿والمَلَكُ عَلى أرْجائِها﴾ قالَ: عَلى حافّاتِها عَلى ما لَمْ يَهِئْ مِنها.

وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وعُثْمانُ بْنُ سَعِيدٍ الدّارِمِيُّ في الرَّدِّ عَلى الجَهْمِيَّةِ وأبُو يَعْلى، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ خُزَيْمَةَ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والخَطِيبُ في " تالِي التَّلْخِيصِ " عَنْهُ أيْضًا في قَوْلِهِ: ﴿ويَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهم يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ﴾ قالَ: ثَمانِيَةُ أمْلاكٍ عَلى صُورَةِ الأوْعالِ.

وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ أيْضًا مِن طُرُقٍ في الآيَةِ قالَ: يُقالُ ثَمانِيَةُ صُفُوفٍ مِنَ المَلائِكَةِ لا يَعْلَمُ عَدَدَهم إلّا اللَّهُ، ويُقالُ ثَمانِيَةُ أمْلاكٍ رُءُوسُهم عِنْدَ العَرْشِ في السَّماءِ السّابِعَةِ وأقْدامُهم في الأرْضِ السُّفْلى، ولَهم قُرُونٌ كَقُرُونِ الوَعْلَةِ، ما بَيْنَ أصْلِ قَرْنِ أحَدَهِمْ إلى مُنْتَهاهُ خَمْسُمِائَةُ عامٍ.

وأخْرَجَ أحْمَدُ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والتِّرْمِذِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أبِي مُوسى قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يُعْرَضُ النّاسُ يَوْمَ القِيامَةِ ثَلاثَ عَرَضاتٍ، فَأمّا عَرْضَتانِ فَجِدالٌ ومَعاذِيرُ، وأمّا الثّالِثَةُ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَطايُرُ الصُّحُفِ في الأيْدِي فَآخِذٌ بِيَمِينِهِ وآخِذٌ بِشِمالِهِ» .

وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ نَحْوَهُ.

Tafsir Resource

QUL supports exporting tafsir content in both JSON and SQLite formats. Tafsir text may include <html> tags for formatting such as <b>, <i>, etc.

Example JSON Format:

{
  "2:3": {
    "text": "tafisr text.",
    "ayah_keys": ["2:3", "2:4"]
  },
  "2:4": "2:3"
}
  • Keys in the JSON are "ayah_key" in "surah:ayah", e.g. "2:3" means 3rd ayah of Surah Al-Baqarah.
  • The value of ayah key can either be:
    • an object — this is the main tafsir group. It includes:
      • text: the tafsir content (can include HTML)
      • ayah_keys: an array of ayah keys this tafsir applies to
    • a string — this indicates the tafsir is part of a group. The string points to the ayah_key where the tafsir text can be found.

SQLite exports includes the following columns

  • ayah_key: the ayah for which this record applies.
  • group_ayah_key: the ayah key that contains the main tafsir text (used for shared tafsir).
  • from_ayah / to_ayah: start and end ayah keys for convenience (optional).
  • ayah_keys: comma-separated list of all ayah keys that this tafsir covers.
  • text: tafsir text. If blank, use the text from the group_ayah_key.