You are reading tafsir of 20 ayahs: 71:5 to 71:24.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ما لَكم لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وقارًا﴾؟ فِيهِ أرْبَعَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: لا تَرَوْنَ لِلَّهِ عَظَمَةً، قالَهُ الفَرّاءُ، وابْنُ قُتَيْبَةَ.
والثّانِي: لا تَخافُونَ عَظَمَةَ اللَّهِ، قالَهُ الفَرّاءُ، وابْنُ قُتَيْبَةَ.
والثّالِثُ: لا تَرَوْنَ لِلَّهِ طاعَةً، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ.
والرّابِعُ: لا تَرْجُونَ عاقِبَةَ الإيمانِ والتَّوْحِيدِ، قالَهُ الزَّجّاجُ.
صفحة ٣٧١
﴿وَقَدْ خَلَقَكم أطْوارًا﴾ أيْ: وقَدْ جَعَلَ لَكم في أنْفُسِكم آيَةً تَدُلُّ عَلى تَوْحِيدِهِ مِن خَلْقِهِ إيّاكم مِن نُطْفَةٍ، ثُمَّ مِن عَلَقَةٍ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ إلى آخِرِ الخَلْقِ. قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: الطَّوْرُ: الحالُ، وجَمْعُهُ: أطْوارٌ. وقالَ ابْنُ فارِسٍ: الطَّوْرُ: التّارَةُ، طَوْرًا بَعْدَ طَوْرٍ، أيْ: تارَةً بَعْدَ تارَةٍ. وقِيلَ: أرادَ بِالأطْوارِ: اخْتِلافَ المَناظِرِ والأخْلاقِ، مِن طَوِيلٍ، وقَصِيرٍ، وغَيْرِ ذَلِكَ، ثُمَّ قَرَّرَهُمْ، فَقالَ تَعالى: ﴿ألَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقًا﴾ وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ، وابْنُ أبِي عَبْلَةَ "طِباقٍ" بِتَنْوِينِ القافِ، وكَسْرِها مِن غَيْرِ ألِفٍ. وقَدْ بَيَّنّا هَذا في سُورَةِ [المُلْكِ: ٣] .قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَجَعَلَ القَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا﴾ فِيهِ قَوْلانِ.
أحَدُهُما: أنَّ وجْهَ القَمَرِ قِبَلَ السَّمَواتِ، وظَهَرَهُ قِبَلَ الأرْضِ يُضِيءُ لِأهْلِ السَّمَواتِ، كَما يُضِيءُ لِأهْلِ الأرْضِ، وكَذَلِكَ الشَّمْسُ، هَذا قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو.
والثّانِي: أنَّ القَمَرَ في السَّماءِ الدُّنْيا. وإنَّما قالَ: ﴿فِيهِنَّ﴾ لِأنَّهُنَّ كالشَّيْءِ الواحِدِ، ذَكَرَهُ الأخْفَشُ والزَّجّاجُ، وغَيْرُهُما. وهَذا كَما تَقُولُ: أتَيْتُ بَنِي تَمِيمٍ، وإنَّما أتَيْتَ بَعْضَهُمْ، ورَكِبْتُ السُّفُنَ، ﴿وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجًا﴾ يَسْتَضِيءُ بِها العالَمُ ﴿واللَّهُ أنْبَتَكم مِنَ الأرْضِ﴾ يَعْنِي: أنَّ مُبْتَدَأ خَلَقِكِمْ مِنَ الأرْضِ، هو
صفحة ٣٧٢
آدَمُ ﴿نَباتًا﴾ قالَ الخَلِيلُ: مَعْناهُ: فَنَبَتُّمْ نَباتًا. وقالَ الزَّجّاجُ: "نَباتًا" مَحْمُولٌ في المَصْدَرِ عَلى المَعْنى، لِأنَّ مَعْنى أنْبَتَكُمْ: جَعَلَكم تَنْبُتُونَ نَباتًا. قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: هَذا مِمّا جاءَ فِيهِ المَصْدَرُ، عَلى غَيْرِ المَصْدَرِ لِأنَّهُ جاءَ في نَبَتَ. ومِثْلُهُ: ﴿وَتَبَتَّلْ إلَيْهِ تَبْتِيلا﴾ [المُزَّمِّلِ: ٨] فَجاءَ عَلى "بَتَّلَ"قالَ الشّاعِرُ:
وخَيْرُ الأمْرِ ما اسْتَقْبَلْتَ مِن هُ ولَيْسَ بِأنَّ تَتَبَّعَهُ اتِّباعا
فَجاءَ عَلى اتَّبَعْتُ.وَقالَ الآخَرُ:
وإنْ شِئْتُمْ تَعاوَدْنا عِوادًا
فَجاءَ عَلى "عاوَدْنا" وإنَّما تَجِيءُ المَصادِرُ مُخالِفَةً الأفْعالَ، لِأنَّ الأفْعالَ وإنِ اخْتَلَفَتْ أبْنِيَتُها، واحِدَةٌ في المَعْنى.قَوْلُهُ تَعالى ﴿سُبُلا فِجاجًا﴾ قالَ الفَرّاءُ: هي الطُّرُقُ الواسِعَةُ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿واتَّبَعُوا مَن لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ ووَلَدُهُ﴾ قَرَأ أهْلُ المَدِينَةِ، وابْنُ عامِرٍ، وعاصِمٌ، "وَوَلَدُهُ" بِفَتْحِ اللّامِ والواوِ. وقَرَأ الباقُونَ "وُلْدُهُ" بِضَمِّ الواوِ،
صفحة ٣٧٣
وَسُكُونِ اللّامِ. قالَ الزَّجّاجُ: وهُما بِمَعْنًى واحِدٍ، مِثْلُ العَرَبِ، والعُرْبِ، والعَجَمِ، والعُجْمِ. وقَرَأ الحَسَنُ، وأبُو العالِيَةِ، وابْنُ يَعْمَرَ، والجَحْدَرِيُّ: "وَوِلْدُهُ" بِكَسْرِ الواوِ، وإسْكانِ اللّامِ. قالَ المُفَسِّرُونَ: المَعْنى: أنَّ الأتْباعَ، والفُقَراءَ اتَّبَعُوا رَأْيَ الرُّؤَساءِ والكُبَراءِ.قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبّارًا﴾ قَرَأ أبُو رَجاءٍ، وأبُو عِمْرانَ: "كُبارًا" بِرَفْعِ الكافِ وتَخْفِيفِ الباءِ. وقَرَأ ابْنُ يَعْمَرَ، وأبُو الجَوْزاءِ، وابْنُ مُحَيْصِنٍ "كِبارًا" بِكَسْرِ الكافِ مَعَ تَخْفِيفِ الباءِ. والمَعْنى "كَبِيرًا" يُقالُ: كَبِيرٌ، وكُبارٌ. وقَدْ شَرَحْنا هَذا في أوَّلِ [ص] ومَعْنى "المَكْرِ": السَّعْيُ في الفَسادِ. وذَلِكَ أنَّ الرُّؤَساءَ مَنَعُوا أتْباعَهم مِنَ الإيمانِ بِنُوحٍ ﴿وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ﴾ أيْ: لا تَدَعُنَّ عِبادَتَها ﴿وَلا تَذَرُنَّ ودًّا﴾ قَرَأ أبُو جَعْفَرٍ، ونافِعٌ بِضَمِّ الواوِ. والباقُونَ بِفَتْحِها. وهَذا الِاسْمُ وما بَعْدَهُ أسْماءُ آلِهَتِهِمْ. وجاءَ في التَّفْسِيرِ أنَّ هَذِهِ أسْماءُ قَوْمٍ صالِحِينَ، كانُوا بَيْنَ آدَمَ ونُوحٍ، ونَشَأ قَوْمٌ بَعْدَهم يَأْخُذُونَ بِأخْذِهِمْ في العِبادَةِ، فَقالَ لَهم إبْلِيسُ: لَوْ صَوَّرْتُمْ صُوَرَهم كانَ أنْشَطَ لَكُمْ، وأشْوَقَ لِلْعِبادَةِ، فَفَعَلُوا. ثُمَّ نَشَأ قَوْمٌ بَعْدَهُمْ، فَقالَ لَهم إبْلِيسُ: إنَّ الَّذِينَ مِن قَبْلِكم كانُوا يَعْبُدُونَهُمْ، فَعَبَدُوهُمْ، وكانَ ابْتِداءُ عِبادَةِ الأوْثانِ مِن ذَلِكَ الوَقْتِ. وسُمِّيَتْ تِلْكَ الصُّوَرُ بِهَذِهِ الأسْماءِ، لِأنَّهم صَوَّرُوها عَلى صُوَرِ أُولَئِكَ القَوْمِ المُسَمَّيْنَ بِهَذِهِ الأسْماءِ. وقِيلَ: إنَّما هي أسْماءٌ لِأوْلادِ آدَمَ، ماتَ مِنهم واحِدٌ، فَجاءَ الشَّيْطانُ فَقالَ: هَلْ لَكَمَ أنْ أُصَوِّرَ لَكم صُورَتَهُ، فَتَذْكُرُونَهُ بِها؟ فَصَوَّرَها. ثُمَّ ماتَ آخَرُ، فَصَوَّرَ لَهم صُورَتَهُ، إلى أنَّ صَوَّرَ صُوَرًا خَمْسَةً. ثُمَّ طالَ الزَّمانُ، وتَرَكُوا عِبادَةَ اللَّهِ، فَقالَ لَهُمُ الشَّيْطانُ: ما لَكم لا تَعْبُدُونَ شَيْئًا؟ فَقالُوا: لِمَن نَعْبُدُ؟ قالَ: هَذِهِ آلِهَتُكُمْ، وآلِهَةُ آبائِكُمْ، ألا تَرَوْنَها مُصَوَّرَةً في مُصَلّاكُمْ؟! فَعَبَدُوها.
صفحة ٣٧٤
وَقالَ الزَّجّاجُ: هَذِهِ الأصْنامُ كانَتْ لِقَوْمِ نُوحٍ، ثُمَّ صارَتْ إلى العَرَبِ، فَكانَ "وَدٌّ" لِكَلْبٍ، "وَسُواعٌ" لِهَمَدانَ، و"يَغُوثُ" لِبَنِي غُطَيْفٌ، وهم حَيٌّ مِن مُرادٍ. وقِيلَ: لَمّا جاءَ الطُّوفانُ غَطّى عَلى هَذِهِ الأصْنامِ وطَمَّها التُّرابُ، فَلَمّا ظَهَرَتْ بَعْدَ الطُّوفانِ صارَتْ إلى هَؤُلاءِ المَذْكُورِينَ، قالَ الواقِدِيُّ: كانَ "وَدٌّ" عَلى صُورَةِ رَجُلٍ، و"سُواعٌ" عَلى صُورَةِ امْرَأةٍ، و"يَغُوثُ" عَلى صُورَةِ أسَدٍ، و"يَعُوقُ" عَلى صُورَةِ فَرَسٍ، و"نَسْرٌ" عَلى صُورَةِ النَّسْرِ مِنَ الطَّيْرِ.قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَقَدْ أضَلُّوا كَثِيرًا﴾ فِيهِ قَوْلانِ.
أحَدُهُما: وقَدْ أضَلَّتِ الأصْنامُ كَثِيرًا مِنَ النّاسِ، أيْ: ضَلُّوا بِسَبَبِها.
والثّانِي: وقَدْ أضَلَّ الكُبَراءُ كَثِيرًا مِنَ النّاسِ ﴿وَلا تَزِدِ الظّالِمِينَ﴾ يَعْنِي: الكافِرِينَ ﴿إلا ضَلالا﴾ وهَذا دُعاءٌ مِن نُوحٍ عَلَيْهِمْ، لَمّا أعْلَمَهُ اللَّهُ أنَّهم لا يُؤْمِنُونَ.
QUL supports exporting tafsir content in both JSON and SQLite formats.
Tafsir text may include <html>
tags for formatting such as <b>
,
<i>
, etc.
Note:
Tafsir content may span multiple ayahs. QUL exports both the tafsir text and the ayahs it applies to.
Example JSON Format:
{ "2:3": { "text": "tafisr text.", "ayah_keys": ["2:3", "2:4"] }, "2:4": "2:3" }
"ayah_key"
in "surah:ayah"
, e.g. "2:3"
means
3rd ayah of Surah Al-Baqarah.
text
: the tafsir content (can include HTML)ayah_keys
: an array of ayah keys this tafsir applies toayah_key
where the tafsir text can be found.
ayah_key
: the ayah for which this record applies.group_ayah_key
: the ayah key that contains the main tafsir text (used for shared tafsir).
from_ayah
/ to_ayah
: start and end ayah keys for convenience (optional).ayah_keys
: comma-separated list of all ayah keys that this tafsir covers.text
: tafsir text. If blank, use the text
from the group_ayah_key
.