Tafsir Ibn Al-Jawzi

Multiple Ayahs

Tags

Download Links

Tafsir Ibn Al-Jawzi tafsir for Surah Al-Muddaththir — Ayah 41

كُلُّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡ رَهِينَةٌ ٣٨ إِلَّآ أَصۡحَٰبَ ٱلۡيَمِينِ ٣٩ فِي جَنَّٰتٖ يَتَسَآءَلُونَ ٤٠ عَنِ ٱلۡمُجۡرِمِينَ ٤١ مَا سَلَكَكُمۡ فِي سَقَرَ ٤٢ قَالُواْ لَمۡ نَكُ مِنَ ٱلۡمُصَلِّينَ ٤٣ وَلَمۡ نَكُ نُطۡعِمُ ٱلۡمِسۡكِينَ ٤٤ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ ٱلۡخَآئِضِينَ ٤٥ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوۡمِ ٱلدِّينِ ٤٦ حَتَّىٰٓ أَتَىٰنَا ٱلۡيَقِينُ ٤٧ فَمَا تَنفَعُهُمۡ شَفَٰعَةُ ٱلشَّٰفِعِينَ ٤٨ فَمَا لَهُمۡ عَنِ ٱلتَّذۡكِرَةِ مُعۡرِضِينَ ٤٩ كَأَنَّهُمۡ حُمُرٞ مُّسۡتَنفِرَةٞ ٥٠ فَرَّتۡ مِن قَسۡوَرَةِۭ ٥١ بَلۡ يُرِيدُ كُلُّ ٱمۡرِيٕٖ مِّنۡهُمۡ أَن يُؤۡتَىٰ صُحُفٗا مُّنَشَّرَةٗ ٥٢ كـَلَّاۖ بَل لَّا يَخَافُونَ ٱلۡأٓخِرَةَ ٥٣ كـَلَّآ إِنَّهُۥ تَذۡكِرَةٞ ٥٤ فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُۥ ٥٥ وَمَا يَذۡكُرُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ هُوَ أَهۡلُ ٱلتَّقۡوَىٰ وَأَهۡلُ ٱلۡمَغۡفِرَةِ ٥٦

صفحة ٤١١

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ.

أحَدُها: كُلُّ نَفْسٍ بالِغَةٍ مُرْتَهَنَةٌ بِعَمَلِها لِتُحاسَبَ عَلَيْهِ ﴿إلا أصْحابَ اليَمِينِ﴾ وهم أطْفالُ المُسْلِمِينَ، فَإنَّهُ لا حِسابَ عَلَيْهِمْ، لِأنَّهُ لا ذُنُوبَ لَهُمْ، قالَهُ عَلِيٌّ، واخْتارَهُ الفَرّاءُ.

والثّانِي: كُلُّ نَفْسٍ مِن أهْلِ النّارِ مُرْتَهَنَةٌ في النّارِ، إلّا أصْحابَ اليَمِينِ، وهُمُ المُؤْمِنُونَ، فَإنَّهم في الجَنَّةِ، قالَهُ الضَّحّاكُ.

والثّالِثُ: كُلُّ نَفْسٍ مُرْتَهَنَةٌ بِعَمَلِها لَتُحاسَبَ عَلَيْهِ إلّا أصْحابَ اليَمِينِ، فَإنَّهم لا يُحاسَبُونَ، قالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ.

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَتَساءَلُونَ﴾ ﴿عَنِ المُجْرِمِينَ﴾ قالَ مُقاتِلٌ: إذا خَرَجَ أهْلُ التَّوْحِيدِ مِنَ النّارِ قالَ المُؤْمِنُونَ لِمَن بَقِيَ في النّارِ: ﴿ما سَلَكَكم في سَقَرَ؟﴾ قالَ المُفَسِّرُونَ: سَلَكَكم بِمَعْنى: أدْخَلَكم. وقالَ مُقاتِلٌ: ما حَبَسَكم فِيها؟ ﴿قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ المُصَلِّينَ﴾ لِلَّهِ في دارِ الدُّنْيا ﴿وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ المِسْكِينَ﴾ أيْ: لَمْ نَتَصَدَّقْ لِلَّهِ ﴿وَكُنّا نَخُوضُ مَعَ الخائِضِينَ﴾ أهْلِ الباطِلِ والتَّكْذِيبِ ﴿وَكُنّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ﴾ أيْ" بِيَوْمِ الجَزاءِ والحِسابِ ﴿حَتّى أتانا اليَقِينُ﴾ وهو المَوْتُ. يَقُولُ اللَّهُ تَعالى: ﴿فَما تَنْفَعُهم

صفحة ٤١٢

شَفاعَةُ الشّافِعِينَ﴾ وهَذا إنَّما جَرى بَعْدَ شَفاعَةِ الأنْبِياءِ والمَلائِكَةِ والشُّهَداءِ والمُؤْمِنِينَ. وهَذا يَدُلُّ عَلى نَفْعِ الشَّفاعَةِ لِمَن آمَنَ ﴿فَما لَهم عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ؟﴾ يَعْنِي: كَفّارَ قُرَيْشٍ حِينَ نَفَرُوا مِنَ القُرْآنِ والتَّذْكِيرِ بِمَواعِظِهِ. والمَعْنى: لا شَيْءَ لَهم في الآخِرَةِ إذْ أعْرَضُوا عَنِ القُرْآنِ فَلَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ، ثُمَّ شَبَّهَهم في نُفُورِهِمْ عَنْهُ بِالحُمُرِ، فَقالَ تَعالى: ﴿كَأنَّهم حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ﴾ قَرَأ أبُو جَعْفَرٍ، ونافِعٌ، وابْنُ عامِرٍ، والمُفَضَّلُ عَنْ عاصِمٍ بِفَتْحِ الفاءِ. والباقُونَ بِكَسْرِها. قالَ أبُو عُبَيْدَةَ، وابْنُ قُتَيْبَةَ: مَن قَرَأ بِفَتْحِ الفاءِ أرادَ: مَذْعُورَةً، اسْتُنْفِرَتْ فَنَفَرَتْ. ومَن قَرَأ بِكَسْرِ الفاءِ أرادَ: نافِرَةً. قالَ الفَرّاءُ: أهْلُ الحِجازِ يَقُولُونَ: حُمُرٌ مُسْتَنْفَرَةٌ. وناسٌ مِنَ العَرَبِ يَكْسِرُونَ الفاءَ. والفَتْحُ أكْثَرُ في كَلامِ العَرَبِ. وقِراءَتُنا بِالكَسْرِ. أنْشَدَنِي الكِسائِيُّ:

احْبِسْ حِمارَكَ إنَّهُ مُسْتَنْفِرٌ في إثْرِ أحْمِرَةٍ عَمَدْنَ لِغُرَّبِ

"وَغُرَّبٌ" مَوْضِعٌ.

وَفِي "القَسْوَرَةِ" سَبْعَةُ أقْوالٍ.

أحَدُها: أنَّهُ الأسَدُ، رَواهُ يُوسُفُ بْنُ مِهْرانَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. وبِهِ قالَ أبُو هُرَيْرَةَ، وزَيْدُ بْنُ أسْلَمَ، وابْنُهُ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: الحُمُرُ الوَحْشِيَّةُ إذا عايَنَتِ الأسَدَ هَرَبَتْ مِنهُ، فَكَذَلِكَ هَؤُلاءِ المُشْرِكُونَ إذا سَمِعُوا النَّبِيَّ ﷺ هَرَبُوا مِنهُ،

صفحة ٤١٣

وَإلى هَذا ذَهَبَ أبُو عُبَيْدَةَ، والزَّجّاجُ. قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: كَأنَّهُ مِنَ القَسْرِ والقَهْرِ. فالأسَدُ يَقْهَرُ السِّباعَ.

والثّانِي: أنَّ القَسْوَرَةَ: الرُّماةُ، رَواهُ عَطاءٌ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وبِهِ قالَ أبُو مُوسى الأشْعَرِيُّ، ومُجاهِدٌ، وقَتادَةُ، والضَّحّاكُ، ومُقاتِلٌ، وابْنُ كَيْسانَ.

والثّالِثُ: أنَّ القَسْوَرَةَ: حِبالُ الصَّيّادِينَ، رَواهُ عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ.

والرّابِعُ: أنَّهم عُصَبُ الرِّجالِ، رَواهُ أبُو حَمْزَةَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. واسْمُ أبِي حَمْزَةَ: نَصْرُ بْنُ عِمْرانَ الضَّبْعِيُّ.

والخامِسُ: أنَّهُ رِكْزُ النّاسِ، وهَذا في رِوايَةِ عَطاءٍ أيْضًا عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. ورِكْزُ النّاسِ: حِسُّهم وأصْواتُهم.

والسّادِسُ: أنَّهُ الظُّلْمَةُ واللَّيْلُ، قالَهُ عِكْرِمَةُ.

والسّابِعُ: أنَّهُ النَّبْلُ، قالَهُ قَتادَةُ.

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنهم أنْ يُؤْتى صُحُفًا مُنَشَّرَةً﴾ فِيها ثَلاثَةُ أقْوالٍ.

أحَدُها: أنَّهم قالُوا لِلنَّبِيِّ ﷺ: إنْ سَرَّكَ أنْ نَتَّبِعَكَ، فَلْيُصْبِحْ عِنْدَ رَأْسِ كُلِّ رَجُلٍ مِنّا كِتابٌ مَنشُورٌ مِنَ اللَّهِ تَعالى إلى فُلانِ بْنِ فُلانٍ يُؤْمَرُ فِيهِ بِاتِّباعِكَ، قالَهُ الجُمْهُورُ.

والثّانِي: أنَّهم أرادُوا بَراءَةً مِنَ النّارِ أنْ لا يُعَذَّبُوا بِها، قالَهُ أبُو صالِحٍ.

والثّالِثُ: أنَّهم قالُوا: كانَ الرَّجُلُ إذا أذْنَبَ في بَنِي إسْرائِيلَ وجَدَهُ مَكْتُوبًا إذا أصْبَحَ في رُقْعَةٍ. فَما بالُنا لا نَرى ذَلِكَ؟ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، قالَهُ الفَرّاءُ. فَقالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿كَلا﴾ أيْ: لا يُؤْتَوْنَ الصُّحُفَ ﴿بَلْ لا يَخافُونَ الآخِرَةَ﴾ أيْ: لا يَخْشَوْنَ عَذابَها. والمَعْنى: أنَّهم لَوْ خافُوا النّارَ لَما اقْتَرَحُوا الآياتِ بَعْدَ قِيامِ

صفحة ٤١٤

الدَّلالَةِ "كَلّا" أيْ: حَقًّا. وقِيلَ: مَعْنى ﴿كَلا﴾: لَيْسَ الأمْرُ كَما يُرِيدُونَ ويَقُولُونَ ﴿إنَّهُ تَذْكِرَةٌ﴾ أيْ: تَذْكِيرٌ ومَوْعِظَةٌ ﴿فَمَن شاءَ ذَكَرَهُ﴾ الهاءُ عائِدَةٌ عَلى القُرْآنِ فالمَعْنى: فَمَن شاءَ أنْ يَذْكُرَ القُرْآنَ ويَتَّعِظَ بِهِ ويَفْهَمَهُ، ذَكَرَهُ. ثُمَّ رَدَّ المَشِيئَةَ إلى نَفْسِهِ فَقالَ تَعالى: ﴿وَما يَذْكُرُونَ إلا أنْ يَشاءَ اللَّهُ﴾ أيْ: إلّا أنْ يُرِيدَ لَهُمُ الهُدى ﴿هُوَ أهْلُ التَّقْوى﴾ أيْ: أهْلٌ أنْ يُتَّقى ﴿وَأهْلُ المَغْفِرَةِ﴾ أيْ: أهْلُ أنْ يَغْفِرَ لِمَن تابَ. رَوى أنَسٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ «أنَّهُ تَلا هَذِهِ الآيَةَ، فَقالَ: قالَ رَبُّكم عَزَّ وجَلَّ: أنا أهْلٌ أنْ أُتَّقى، فَلا يُشْرِكُ بِي غَيْرِي. وأنا أهْلٌ لِمَنِ اتَّقى أنْ يُشْرِكَ بِي غَيْرِي أنْ أغْفِرَ لَهُ.»

Tafsir Resource

QUL supports exporting tafsir content in both JSON and SQLite formats. Tafsir text may include <html> tags for formatting such as <b>, <i>, etc.

Example JSON Format:

{
  "2:3": {
    "text": "tafisr text.",
    "ayah_keys": ["2:3", "2:4"]
  },
  "2:4": "2:3"
}
  • Keys in the JSON are "ayah_key" in "surah:ayah", e.g. "2:3" means 3rd ayah of Surah Al-Baqarah.
  • The value of ayah key can either be:
    • an object — this is the main tafsir group. It includes:
      • text: the tafsir content (can include HTML)
      • ayah_keys: an array of ayah keys this tafsir applies to
    • a string — this indicates the tafsir is part of a group. The string points to the ayah_key where the tafsir text can be found.

SQLite exports includes the following columns

  • ayah_key: the ayah for which this record applies.
  • group_ayah_key: the ayah key that contains the main tafsir text (used for shared tafsir).
  • from_ayah / to_ayah: start and end ayah keys for convenience (optional).
  • ayah_keys: comma-separated list of all ayah keys that this tafsir covers.
  • text: tafsir text. If blank, use the text from the group_ayah_key.