﴿إنّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ﴾ أيْ: سَنُوحِي إلَيْكَ، وإيثارُ الإلْقاءِ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿قَوْلا ثَقِيلا﴾ وهو القرآن العَظِيمُ المُنْطَوِي عَلى تَكالِيفَ شاقَّةٍ ثَقِيلَةٍ عَلى المُكَلَّفِينَ، لا سِيَّما عَلى الرَّسُولِ ﷺ، فَإنَّهُ مَأْمُورٌ بِتَحَمُّلِها وتَحْمِيلِها لِلْأُمَّةِ، والجُمْلَةُ اعْتِراضٌ بَيْنَ الأمْرِ، وتَعْلِيلُهُ لِتَسْهِيلِ ما كَلَّفَهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ مِنَ القِيامِ، وقِيلَ مَعْنى كَوْنِهِ ثَقِيلًا: أنَّهُ رَصِينٌ لِرَزانَةِ لَفْظِهِ ومَتانَةِ مَعْناهُ، أوْ ثَقِيلٌ عَلى المُتَأمِّلِ فِيهِ؛ لِافْتِقارِهِ إلى مَزِيدِ تَصْفِيَةٍ لِلسِّرِّ وتَجْرِيدٍ لِلنَّظَرِ، أوْ ثَقِيلٌ في المِيزانِ، أوْ عَلى الكُفّارِ والفُجّارِ، أوْ ثَقِيلٌ تَلَقِّيهِ.
عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما" كانَ إذا نَزَلَ عَلَيْهِ الوَحْيُ ثَقُلَ عَلَيْهِ وتَرَبَّدَ لَهُ جِلْدُهُ، وعَنْ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها: رَأيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الوَحْيُ في اليَوْمِ الشَّدِيدِ البَرْدِ فَيُفْصِمُ عَنْهُ وإنَّ جَبِينَهُ لِيَرْفَضُّ عَرَقًا.