Nazam Al-Durar Al-Biqa'i

Multiple Ayahs

Tags

Download Links

Nazam Al-Durar Al-Biqa'i tafsir for Surah Al-Muzzammil — Ayah 9

رَّبُّ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَٱتَّخِذۡهُ وَكِيلٗا ٩

ولَمّا كانَ الواجِبُ عَلى كُلِّ أحَدٍ شُكْرَ المُنْعِمِ، بَيَّنَ أنَّهُ سُبْحانَهُ الَّذِي أنْعَمَ بِسَكَنِ اللَّيْلِ الَّذِي أمَرَ بِالتَّهَجُّدِ فِيهِ [و - ] مُنْتَشِرِ النَّهارِ الَّذِي أمَرَ بِالسَّبْحِ فِيهِ، فَقالَ واصِفًا الرَّبَّ المَأْمُورَ بِذِكْرِهِ في قِراءَةِ ابْنِ عامِرٍ ويَعْقُوبَ والكُوفِيِّينَ غَيْرَ حَفْصٍ مُعَظِّمًا لَهُ بِالقَطْعِ في قِراءَةِ الباقِينَ بِالرَّفْعِ: ﴿رَبُّ المَشْرِقِ﴾ أيْ مُوجِدٌ مَحَلِّ الأنْوارِ الَّتِي بِها يَنْمَحِي هَذا اللَّيْلُ الَّذِي أنْتَ قائِمٌ فِيهِ ويُضِيءُ بِها الصَّباحُ ”وعِنْدَ الصَّباحِ يَحْمَدُ القَوْمُ السُّرى“ بِما أنالَهم مِنَ الأنْوارِ في مِرائِي قُلُوبِهِمْ وما زَيَّنَها بِهِ مِن شُهُبِ المَعانِي كَما أوْجَدَ لَهم في آفاقِ أفَلاكِهِمْ مِن شُمُوسِ المَعانِي المُثْمِرَةِ لِيَدُورَ الأُنْسُ في مُواطِنَ القُدْسِ، فَلا يَطْلُعُ كَوْكَبٌ في المَوْضِعِ الَّذِي هو رَبُّهُ إلّا بِإذْنِهِ، وهو رَبُّ كُلِّ مَكانٍ، وما أحْسَنَ ما قالَ الإمامُ الرَّبّانِيُّ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ دَقِيقِ العِيدِ:

؎كَمْ لَيْلَةً فِيكَ وصَلْنا السُّرى ∗∗∗ لا نَعْرِفُ الغَمْضَ ولا نَسْتَرِيحُ ∗∗∗ (p-١٦)واخْتَلَفَ الأصْحابُ ماذا الَّذِي

؎ ∗∗∗ يُزِيحُ مِن شَكْواهم أوْ يُرِيحُ

؎فَقِيلَ تَعْرِيسُهم ساعَةً ∗∗∗ ∗∗∗ وقُلْتُ بَلْ ذِكْراكَ وهو الصَّحِيحُ

ولَمّا ذَكَرَ مَطالِعَ الأنْوارِ، لِأنَّها المَقْصُودُ لِما لَها مِن جَلِيِّ الإظْهارِ، ووَحَّدَ لِأنَّهُ أوْفَقُ لِمَقْصُودِ السُّورَةِ الَّذِي هو مَحَطَّةُ لِانْجِماحِ المَدْلُولِ عَلَيْهِ بِالتَّزَمُّلِ، أتْبَعَهُ مُقابِلُهُ فَقالَ: ﴿والمَغْرِبِ﴾ أيِ الَّذِي يَكُونُ عَنْهُ اللَّيْلُ والَّذِي هو مَحَلُّ السَّكَنِ ومَوْضِعُ الخَلَواتِ ولَذِيذِ المُناجاةِ، فَلا تَغْرُبُ شَمْسٌ ولا قَمَرٌ ولا نَجْمٌ إلّا بِتَقْدِيرِهِ سُبْحانَهُ، وإذا كانَ رَبُّ ما فِيهِ هَذِهِ الصَّنائِعُ الَّتِي هي أبْدَعُ ما يَكُونُ كانَ رَبَّ ما دُونُ ذَلِكَ.

ولَمّا عَلِمَ بِهَذا أنَّهُ المُخْتَصُّ بِتَدْبِيرِ الكائِناتِ، المُتَفَرِّدِ بِإيجادِ المَوْجُوداتِ، كانَ أهْلًا لِأنْ يُفْرَدَ بِالعِبادَةِ وجَمِيعَ التَّوَجُّهِ فَقالَ مُسْتَأْنِفًا: ﴿لا إلَهَ﴾ أيْ مَعْبُودٌ بِحَقٍّ ﴿إلا هُوَ﴾ أيْ رَبُّكَ الَّذِي دَلَّتْ تَرْبِيَتُهُ لَكَ عَلى مَجامِعِ العَظَمَةِ وأنْهى صِفاتِ الكَمالِ والتَّنَزُّهِ عَنْ كُلِّ شائِبَةِ نَقْصٍ. ولَمّا عَلِمَ تَفَرُّدَهُ سُبْحانَهُ كانَ الَّذِي يَنْبَغِي لِعِبادِهِ أنْ لا يُوَجَّهَ [أحَدٌ -] مِنهم شَيْئًا مِن رَغْبَتِهِ لِغَيْرِهِ فَلِذَلِكَ سَبَّبَ عَنْهُ قَوْلُهُ: ﴿فاتَّخِذْهُ﴾ أيْ خُذْهُ بِجَمِيعِ جُهْدِكَ وذَلِكَ بِإفْرادِكَ إيّاهُ بِكَوْنِهِ تَعالى ﴿وكِيلا﴾ أيْ عَلى كُلِّ مَن خالَفَكَ بِأنْ تُفَوِّضَ جَمِيعَ أُمُورِكَ إلَيْهِ فَإنَّهُ يَكْفِيكَها كُلَّها ويَكْلَؤُها (p-١٧)غايَةَ الكَلايَةَ فَإنَّهُ المُتَفَرِّدُ بِالقُدْرَةِ عَلَيْها، ولا شَيْءَ أصْلًا في يَدِ غَيْرِهِ، فَلا تَهْتَمَّ بِشَيْءٍ أصْلًا، ولَيْسَ ذَلِكَ بِأنْ يَتْرُكَ الإنْسانُ كُلَّ عَمَلٍ، فَإنَّ ذَلِكَ طَمَعٌ فارِغٌ بَلْ بِالإجْمالِ في طَلَبِ كُلِّ ما نُدِبَ الإنْسانُ إلى طَلَبِهِ، لِيَكُونَ مُتَوَكِّلًا في السَّبَبِ لا مِن دُونِ سَبَبٍ، فَإنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ كَمَن يَطْلَبُ الوَلَدَ مِن غَيْرِ زَوْجَةٍ، وهو مُخالِفٌ لِحِكْمَةِ هَذِهِ الدّارِ المَبْنِيَّةِ عَلى الأسْبابِ، ولَوْ لَمْ يَكُنْ [فِي -] إفْرادِهِ بِالوِكالَةِ إلّا أنَّهُ يُفارِقُ الوُكَلاءَ بِالعَظَمَةِ والشَّرَفِ والرِّفْقِ مِن جَمِيعِ الوُجُوهِ فَإنَّ وكِيلَكَ مِنَ النّاسِ دُونَكَ وأنْتَ تَتَوَقَّعُ أنْ يُكَلِّمَكَ كَثِيرًا في مَصالِحِكَ ورَبُّكَ أعْظَمُ العُظَماءِ وهو يَأْمُرُكَ أنْ تُكَلِّمَهُ كَثِيرًا في مَصالِحِكَ وتَسْألُهُ طَوِيلًا ووَكِيلُكَ مِنَ [ النّاسِ - ] إذا حَصَّلَ مالَكَ سَألَكَ الأُجْرَةَ وهو سُبْحانَهُ يُوَفِّرُ مالِكَ ويُعْطِيكَ الأجْرَ، ووَكِيلُكَ مِنَ النّاسِ يُنْفِقُ عَلَيْكَ مِن مالِكَ وهو سُبْحانَهُ يَرْزُقُكَ ويُنْفِقُ عَلَيْكَ مِن مالِهِ، ومَن تَمَسَّكَ بِهَذِهِ الآيَةِ عاشَ حُرًّا كَرِيمًا، وماتَ خالِصًا شَرِيفًا، ولَقِيَ اللَّهَ تَعالى عَبْدًا صافِيًا مُخْتارًا تَقِيًّا، ومِن شَرْطِ المُوَحِّدِ أنْ يَتَوَجَّهَ إلى الواحِدِ ويُقْبِلُ عَلى الواحِدِ ويَبْذُلُ لَهُ نَفْسَهُ عُبُودِيَّةً ويَأْتَمِنَهُ عَلى نَفْسِهِ ويُفَوِّضَ إلَيْهِ أُمُورَهُ ويَتْرُكَ التَّدْبِيرَ ويَثِقَ بِهِ ويَرْكَنَ إلَيْهِ ويَتَذَلَّلَ لِرُبُوبِيَّتِهِ، ويَتَواضَعَ لِعَظَمَتِهِ ويَتَزَيَّنَ بِبَهائِهِ ويَتَّخِذَهُ عُدَّةً لِكُلِّ نائِبَةِ دُنْيا وآخِرَةٍ.

📖 Tafsir Resource

QUL supports exporting tafsir content in both JSON and SQLite formats. Tafsir text may include <html> tags for formatting such as <b>, <i>, etc.

Example JSON Format:

{
  "2:3": {
    "text": "tafisr text.",
    "ayah_keys": ["2:3", "2:4"]
  },
  "2:4": "2:3"
}
  • Keys in the JSON are "ayah_key" in "surah:ayah", e.g. "2:3" means 3rd ayah of Surah Al-Baqarah.
  • The value of ayah key can either be:
    • an object — this is the main tafsir group. It includes:
      • text: the tafsir content (can include HTML)
      • ayah_keys: an array of ayah keys this tafsir applies to
    • a string — this indicates the tafsir is part of a group. The string points to the ayah_key where the tafsir text can be found.

SQLite exports includes the following columns

  • ayah_key: the ayah for which this record applies.
  • group_ayah_key: the ayah key that contains the main tafsir text (used for shared tafsir).
  • from_ayah / to_ayah: start and end ayah keys for convenience (optional).
  • ayah_keys: comma-separated list of all ayah keys that this tafsir covers.
  • text: tafsir text. If blank, use the text from the group_ayah_key.