Nazam Al-Durar Al-Biqa'i

Multiple Ayahs

Tags

Download Links

Nazam Al-Durar Al-Biqa'i tafsir for Surah Al-Insan — Ayah 1

هَلۡ أَتَىٰ عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ حِينٞ مِّنَ ٱلدَّهۡرِ لَمۡ يَكُن شَيۡـٔٗا مَّذۡكُورًا ١

(p-١٢٠)سُورَةُ الإنْسانِ وتُسَمّى هَلْ أتى والأمْشاجِ والدَّهْرِ.

مَقْصُودُها تَرْهِيبُ الإنْسانِ بِما دَلَّ عَلَيْهِ آخِرُ القِيامَةِ مِنَ العَرْضِ عَلى المَلِكِ الدَّيّانِ بِتَعْذِيبِ العاصِي ”فِي النِّيرانِ“ وتَنْعِيمِ المُطِيعِ في الجِنانِ بَعْدَ جَمْعِ الخَلائِقِ [كُلُّها -] الإنْسُ والمَلائِكَةُ والجانُّ وغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الحَيَوانِ، ويَكُونُ لَهم مَواقِفٌ طِوالٍ وأهْوالٍ وزِلْزالَ، لِكُلٍّ مِنها أعْظَمُ شَأْنٍ، وأدَلُّ ما فِيها عَلى ذَلِكَ الإنْسانِ بِتَأمُّلِ آيَتِهِ وتَدَبُّرِ مَبْدَئِهِ وغايَتِهِ، وكَذا تَسْمِيَتُها بِهَلْ أتى وبِالدَّهْرِ وبِالأمْشاجِ مِن غَيْرِ مَيْلٍ ولا اعْوِجاجٍ ( بِسْمِ اللَّهِ ) المَلِكِ الَّذِي خَلَقَ الخَلائِقَ لِمَعْرِفَةِ أسْمائِهِ الحُسْنى ( الرَّحْمَنِ ) الَّذِي عَمَّهم بِنِعْمَةِ الظّاهِرَةِ فُرادى ومَثْنى ( الرَّحِيمِ ) الَّذِي خَصَّ مِنهم مَنِ اخْتارَهُ لِوِدادِهِ بِالنِّعْمَةِ الباطِنَةِ والمَقامِ الأسْنى.

* *

ولَمّا تَقَدَّمَ في آخِرِ القِيامَةِ التَّهْدِيدُ عَلى مُطْلَقِ التَّكْذِيبِ، وأنَّ (p-١٢١)المَرْجِعَ إلى اللَّهِ وحْدَهُ، والإنْكارُ عَلى مَن ظَنَّ أنَّهُ يُتْرَكُ سُدًى والِاسْتِدْلالُ عَلى البَعْثِ وتَمامُ القُدْرَةِ [عَلَيْهِ-]، تَلاهُ أوَّلُ هَذِهِ بِالِاسْتِفْهامِ الإنْكارِيِّ عَلى ما يَقْطَعُ مَعَهُ بِأنْ لا يُتْرَكَ سُدًى، فَقالَ مُفَصَّلًا ما لَهُ سُبْحانَهُ عَلَيْهِ مِن نِعْمَةِ الإيجادِ والإعْدادِ والإمْدادِ والإسْعادِ: ﴿هَلْ أتى﴾ أيْ بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ ﴿عَلى الإنْسانِ﴾ أيْ هَذا النَّوْعُ الَّذِي شَغَلَهُ عَمّا يُرادُ بِهِ ويُرادُ لَهُ لِعِظَمِ مِقْدارِهِ في نَفْسِ الأمْرِ الأُنْسُ بِنَفْسِهِ والإعْجابُ بِظاهِرِ حِسِّهِ والنِّسْيانِ لِما بَعْدَ حُلُولِ رَمْسِهِ ﴿حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ﴾ أيْ مِقْدارٍ مَحْدُودٍ وإنْ قَلَّ مَنِ الزَّمانِ المُمْتَدِّ الغَيْرِ المَحْدُودِ حالَ كَوْنِهِ ﴿لَمْ يَكُنْ﴾ أيْ في ذَلِكَ الحِينِ كَوْنًا راسِخًا ﴿شَيْئًا مَذْكُورًا﴾ أيْ ذِكْرًا لَهُ اعْتِبارٌ ظاهِرٌ في المَلَأِ الأعْلى وغَيْرِهِ حَتّى أنَّهُ يَكُونُ مُتَهاوِنًا بِهِ غَيْرَ مَنظُورٍ إلَيْهِ لِيَجُوزَ أنْ يَكُونَ سُدًى بِلا أمْرٍ ونَهْيٍ، ثُمَّ يَذْهَبُ [عَدَمًا -] لَيْسَ الأمْرُ كَذَلِكَ، بَلْ ما أتى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِن ذَلِكَ بَعْدَ خَلْقِهِ إلّا وهو فِيهِ شَيْءٌ مَذْكُورٌ، وذَلِكَ أنَّ الدَّهْرَ هو الزَّمانُ، والزَّمانُ هو مِقْدارُ حَرَكَةِ الفَلَكِ - كَما نَقَلَهُ الرّازِيُّ في [كِتابِ -] اللَّوامِعِ في سُورَةِ ”يس“ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿ولا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ﴾ [يس: ٤٠] فَإنَّهُ قالَ: الزَّمانُ ابْتِداؤُهُ مِن حَرَكاتِ السَّماءِ فَإنَّ الزَّمانَ مِقْدارُ حَرَكاتِ الفَلَكِ انْتَهى.

وآدَمُ عَلَيْهِ السَّلامُ تَمَّ الخَلْقَ بِتَمامِ خَلْقِهِ في آخِرِ يَوْمِ الجُمْعَةِ أوَّلُ جُمْعَةٍ (p-١٢٢)كانَتْ، وكانَتْ [طِينَتُهُ -] قَبْلَ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ مُخَمَّرَةٍ هو فِيها بَيْنَ الرُّوحِ والجَسَدِ، قالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ مِن تُرابٍ فَأقامَ أرْبَعِينَ سَنَةً ثُمَّ مِن طِينٍ أرْبَعِينَ سَنَةً ثُمَّ مِن صَلْصالٍ أرْبَعِينَ سَنَةً ثُمَّ مِن حَمَإٍ [مَسْنُونٍ -] أرْبَعِينَ سَنَةً ثُمَّ خَلَقَهُ بَعْدَ سِتِّينَ ومِائَةِ سَنَةٍ، [ وقالَ البَغَوِيُّ: قالَ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما: ثُمَّ خَلَقَهُ بَعْدَ عِشْرِينَ ومِائَةِ سَنَةٍ -]: فَحِينَئِذٍ ما أتى عَلَيْهِ زَمانٌ إلّا وهو شَيْءٌ مَذْكُورٌ إمّا بِالتَّخْمِيرِ وإمّا بِتَمامِ التَّصْوِيرِ، فالِاسْتِفْهامُ عَلى بابِهِ وهو إنْكارِيٌّ، ولَيْسَتْ ”هَلْ“ بِمَعْنى ”قَدْ“ إلّا إنْ قُدِّرَتْ قَبْلَها الهَمْزَةُ، وكانَ الِاسْتِفْهامُ إنْكارِيًّا لِيَنْتَفِيَ مَضْمُونُ الكَلامِ، والمُرادُ أنَّهُ هو المُرادُ مِنَ العالَمِ، فَحِينَئِذٍ ما خَلَقَ الزَّمانَ إلّا لِأجْلِهِ، فَهو أشْرَفُ الخَلائِقِ، وهَذا أدَلُّ دَلِيلٍ عَلى بَعْثِهِ لِلْجَزاءِ، فَهَلْ يَجُوزُ مَعَ ذَلِكَ أنْ يُتْرَكَ سُدًى فَيَفْنى المَظْرُوفُ الَّذِي هو المَقْصُودُ بِالذّاتِ، ويَبْقى الظَّرْفُ الَّذِي ما خَلَقَ إلّا صِوانًا لَهُ، والَّذِي يَدُلُّ عَلى ذَلِكَ مِن أقْوالِ السَّلَفِ أنَّهُ رُوِيَ أنَّ رَجُلًا قَرَأها عِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقالَ: يا لَيْتَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ.

(p-١٢٣)وقالَ الإمامُ أبُو جَعْفَرِ بْنُ الزُّبَيْرِ: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿هَلْ أتى عَلى الإنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا﴾ تَعْرِيفُ الإنْسانِ بِحالِهِ وابْتِداءِ أمْرِهِ لِيَعْلَمَ أنْ لا طَرِيقَ لَهُ لِلْكِبَرِ واعْتِقادِ السِّيادَةِ لِنَفْسِهِ، وأنْ لا يُغَلِّطَهُ ما اكْتَنَفَهُ مِنَ الألْطافِ الرَّبّانِيَّةِ والِاعْتِناءِ الإلَهِيِّ والتَّكْرِمَةِ فَيَعْتَقِدُ أنَّهُ يَسْتَوْجِبُ ذَلِكَ ويَسْتَحِقُّهُ ﴿وما بِكم مِن نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾ [النحل: ٥٣] ولَمّا تَقَدَّمَ في القِيامَةِ إخْبارُهُ تَعالى عَنْ حالِ مُنْكِرِي البَعْثِ عِنادًا واسْتِكْبارًا وتَعامِيًا عَنِ النَّظَرِ والِاعْتِبارِ ﴿أيَحْسَبُ الإنْسانُ ألَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ﴾ [القيامة: ٣] وقَوْلُهُ بَعْدَ ﴿فَلا صَدَّقَ ولا صَلّى﴾ [القيامة: ٣١] ﴿ولَكِنْ كَذَّبَ وتَوَلّى﴾ [القيامة: ٣٢] ﴿ثُمَّ ذَهَبَ إلى أهْلِهِ يَتَمَطّى﴾ [القيامة: ٣٣] أيْ يَتَبَخْتَرُ عُتُوًّا واسْتِكْبارًا ومَرَحًا وتَجَبُّرًا، وتَعْرِيفُهُ بِحالِهِ الَّتِي لَوْ فَكَّرَ فِيها لَمّا كانَ مِنهُ ما وصَفَ، [و -] ذَلِكَ قَوْلُهُ ﴿ألَمْ يَكُ نُطْفَةً مِن مَنِيٍّ يُمْنى﴾ [القيامة: ٣٧] ﴿ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوّى﴾ [القيامة: ٣٨] أتْبَعَ ذَلِكَ بِما هو أعْرَقُ في التَّوْبِيخِ وأوْغَلُ في التَّعْرِيفِ وهو أنَّهُ [قَدْ -] كانَ لا شَيْءَ فَلا نُطْفَةَ ولا عَلَقَةَ، ثُمَّ أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِنِعْمَةِ الإيجادِ ونَقَلَهُ تَعالى مَن طَوْرٍ إلى طَوْرٍ فَجَعَلَهُ نُطْفَةً مِن ماءٍ مَهِينٍ في قَرارٍ مَكِينٍ ثُمَّ كانَ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً إلى إخْراجِهِ وتَسْوِيَتِهِ خَلْقًا آخَرَ فَتَبارَكَ اللَّهُ أحْسَنَ الخالِقِينَ، فَمَنِ اعْتُبِرَ اتِّصافُهُ بِالعَدَمِ ثُمَّ تَقَلُّبُهُ في هَذِهِ الأطْوارِ المُسْتَنْكِفِ حالُها والواضِحُ (p-١٢٤)فَناؤُها واضْمِحْلالُها، وأمَدَّهُ اللَّهُ تَعالى بِتَوْفِيقِهِ عَرَفَ حِرْمانَ مِن وصْفٍ في قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ ذَهَبَ إلى أهْلِهِ يَتَمَطّى﴾ [القيامة: ٣٣] فَسُبْحانَ اللَّهُ ما أعْظَمَ حِلْمَهُ وكَرَمَهُ ورِفْقَهُ، [ثُمَّ -] بَيَّنَ تَعالى ما جَعَلَهُ لِلْإنْسانِ مِنَ السَّمْعِ والبَصَرِ ابْتِلاءً لَهُ، ومَن أدْرَكَهُ أدْرَكَهُ الغَلَطُ وارْتَكَبَ الشَّطَطَ - انْتَهى.

Tafsir Resource

QUL supports exporting tafsir content in both JSON and SQLite formats. Tafsir text may include <html> tags for formatting such as <b>, <i>, etc.

Example JSON Format:

{
  "2:3": {
    "text": "tafisr text.",
    "ayah_keys": ["2:3", "2:4"]
  },
  "2:4": "2:3"
}
  • Keys in the JSON are "ayah_key" in "surah:ayah", e.g. "2:3" means 3rd ayah of Surah Al-Baqarah.
  • The value of ayah key can either be:
    • an object — this is the main tafsir group. It includes:
      • text: the tafsir content (can include HTML)
      • ayah_keys: an array of ayah keys this tafsir applies to
    • a string — this indicates the tafsir is part of a group. The string points to the ayah_key where the tafsir text can be found.

SQLite exports includes the following columns

  • ayah_key: the ayah for which this record applies.
  • group_ayah_key: the ayah key that contains the main tafsir text (used for shared tafsir).
  • from_ayah / to_ayah: start and end ayah keys for convenience (optional).
  • ayah_keys: comma-separated list of all ayah keys that this tafsir covers.
  • text: tafsir text. If blank, use the text from the group_ayah_key.