Tafsir Ibn Al-Qayyim

Multiple Ayahs

Tags

Download Links

Tafsir Ibn Al-Qayyim tafsir for Surah Al-Jinn — Ayah 2

قُلۡ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسۡتَمَعَ نَفَرٞ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَقَالُوٓاْ إِنَّا سَمِعۡنَا قُرۡءَانًا عَجَبٗا ١ يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلرُّشۡدِ فَـَٔامَنَّا بِهِۦۖ وَلَن نُّشۡرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَدٗا ٢

فَأمّا سَماعُ الإدْراكِ فَفي قَوْلِهِ تَعالى حِكايَةً عَنْ مُؤْمِنِي الجِنِّ قَوْلَهم ﴿إنّا سَمِعْنا قُرْآنًا عَجَبًا (١) يَهْدِي إلى الرُّشْدِ فَآمَنّا بِهِ﴾

وَقَوْلِهِ: ﴿ياقَوْمَنا إنّا سَمِعْنا كِتابًا أُنْزِلَ مِن بَعْدِ مُوسى﴾ [الأحقاف: ٣٠] الآيَةَ.

فَهَذا سَماعُ إدْراكٍ اتَّصَلَ بِهِ الإيمانُ والإجابَةُ.

(فصل: في الطبقة الثامنة عشرة: طبقة الجن)

وقد اتفق المسلمون على أن منهم المؤمن والكافر والبر والفاجر قال تعالى إخبارًا عنهم: ﴿وَأنّا مِنّا الصّالِحُونَ ومِنّا دُونَ ذَلِكَ كُنّا طَرائِقَ قِدَدًا﴾ [الجن: ١١]

قال مجاهد: يعنون مسلمين وكافرين.

وقد اتفق المسلمون على أن كفار الجن في النار وقد دل على ذلك القرآن في غير موضع كقوله: ﴿وَلَكِنْ حَقَّ القَوْلُ مِنِّي لأمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ والنّاسِ أجْمَعِينَ﴾ [السجدة: ١٣]

وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الجِنِّ والإنْسِ﴾ [الأعراف: ١٧٩].

وبالجملة فهذا أمر معلوم بالاضطرار من دين الإسلام وهو يستلزم تكليف الجن بشرائع الأنبياء ووجوب اتباعهم لهم، وأجمع المسلمون على أن محمدًا ﷺ بعث إلى الجن والإنس وأنه يجب على الجن طاعته كما يجب على الإنس.

وأما حكم مؤمنيهم في الدار الآخرة فجمهور السلف والخلف على أنهم في الجنة وترجم على ذلك البخاري في صحيحه فقال: باب ثواب الجن وعقابهم لقوله تعالى: ﴿يا مَعْشَرَ الجِنِّ والإنْسِ ألَمْ يَأْتِكم رُسُلٌ مِنكم يَقُصُّونَ عَلَيْكم آياتِي﴾ [الأنعام: ١٣٠]

فهذه مذاهب الناس في أحكامهم في الآخرة.

وأما أحكامهم في الدنيا فاختلف الناس هل هم مُكلَّفون بالأمر والنهي أم لا؟

والصواب الذي عليه جمهور أهل الإسلام أنهم مأمورون منهيون مُكلَّفون بالشريعة الإسلامية وأدلة القرآن والسنة على ذلك أكثر من أن تُحصر، ومما يدل على تكليفهم قوله تعالى: ﴿وَإذْ صَرَفْنا إلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الجِنِّ يَسْتَمِعُونَ القُرْآنَ فَلَمّا حَضَرُوهُ قالُوا أنْصِتُوا فَلَمّا قُضِيَ ولَّوْا إلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ﴾ [الأحقاف: ٢٩ إلى: ٣٢] فهذا يدل على تكليفهم من وجوه متعددة:

١ - أن الله سبحانه وتعالى صرفهم إلى رسوله يستمعون القرآن ليؤمنوا به ويأتمروا بأوامره وينتهوا عن نواهيه.

٢ - أنهم ولوا إلى قومهم منذرين والإنذار هو الإعلام بالخوف بعد انعقاد أسبابه فعلم أنهم منذرون لهم بالنار إن عصوا الرسول.

٣ - أنهم أخبروا أنهم سمعوا القرآن وعقلوه وفهموه وهذا يدل على تمكنهم من العلم الذي تقوم به الحجة وهم قادرون على امتثال ما فيه والتكليف إنما يستلزم العلم والقدرة.

٤ - أنهم قالوا لقومهم: ﴿يا قَوْمَنا أجِيبُوا داعِيَ اللهِ وآمِنُوا بِهِ﴾ وهذا صريح في أنهم مُكلَّفون مأمورون بإجابة الرسول، وهي تصديقه فيما أخبر وطاعته فيما أمر.

٥ - أنهم قالوا: ﴿يَغْفِرْ لَكم مِن ذُنُوبِكُمْ﴾ والمغفرة لا تكون إلا عن ذنب وهو مخالفة الأمر.

٦ - أنهم قالوا: ﴿وَيُجِرْكم مِن عَذابٍ ألِيمٍ﴾ وهذا يدل على أن من لم يستجب منهم لداعي الله لم يجره من العذاب الأليم وهذا صريح في تعلق الشريعة الإسلامية بهم.

٧ - أنهم قالوا: ﴿وَمَن لا يُجِبْ داعِيَ اللهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ في الأرْضِ ولَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أوْلِياءُ﴾ وهذا تهديد شديد لمن تخلف عن داعي الله منهم.

وقد صحَّ أن رسول الله ﷺ قرأ عليهم القرآن وأنهم سألوه الزاد لهم ولدوابهم فجعل لهم كل عظم ذكر اسم الله عليه وكل بعرة علف لدوابهم ونهانا عن الاستنجاء بهما (١) ولو لم يكن في هذا إلا قوله تعالى: ﴿وَما كُنّا مُعَذِّبِينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء: ١٥]

وقد أخبر أنه يعذب كفرة الجن لكفى به حجة على أنهم مكلفون باتباع الرسل.

فإذا علم تكليفهم بشرائع الأنبياء ومطالبتهم بها وحشرهم يوم القيامة للثواب والعقاب علم أن محسنهم في الجنة كما أن مسيئهم في النار.

وإذا ثبت تكليفهم بانقسامهم إلى المسلمين والكفار والصالحين ودون ذلك - كما تضمنته سورة الجن - فهم في الموازنة على نحو طبقات الإنس المتقدمة إلا أنهم ليس فيهم رسول بل فيهم النذر وأفضل درجاته درجة الصالحين ولو كان لهم درجة أفضل منها لذكروها، فقد دل القرآن على انقسامهم إلى ثلاثة أقسام صالحين ودونهم وكفار وزاد عليهم الإنس بدرجة الرسالة والنبوة ودرجة المقربين والله أعلم.

فهذا ما وصل إليه الإحصاء من طبقات المكلفين في الدار الآخرة وهي ثماني عشرة طبقة وكل طبقة منها لها أعلى وأدنى ووسط وهم درجات عند الله والله تعالى يحشر الشكل مع شكله والنظير مع نظيره ويقرن بينهما في الدرجة والحمد لله رب العالمين.

Tafsir Resource

QUL supports exporting tafsir content in both JSON and SQLite formats. Tafsir text may include <html> tags for formatting such as <b>, <i>, etc.

Example JSON Format:

{
  "2:3": {
    "text": "tafisr text.",
    "ayah_keys": ["2:3", "2:4"]
  },
  "2:4": "2:3"
}
  • Keys in the JSON are "ayah_key" in "surah:ayah", e.g. "2:3" means 3rd ayah of Surah Al-Baqarah.
  • The value of ayah key can either be:
    • an object — this is the main tafsir group. It includes:
      • text: the tafsir content (can include HTML)
      • ayah_keys: an array of ayah keys this tafsir applies to
    • a string — this indicates the tafsir is part of a group. The string points to the ayah_key where the tafsir text can be found.

SQLite exports includes the following columns

  • ayah_key: the ayah for which this record applies.
  • group_ayah_key: the ayah key that contains the main tafsir text (used for shared tafsir).
  • from_ayah / to_ayah: start and end ayah keys for convenience (optional).
  • ayah_keys: comma-separated list of all ayah keys that this tafsir covers.
  • text: tafsir text. If blank, use the text from the group_ayah_key.