Tafsir Ibn Al-Qayyim

Multiple Ayahs

Tags

Download Links

Tafsir Ibn Al-Qayyim tafsir for Surah Al-Muzzammil — Ayah 5

(لطيفة)

ذكر أبو عمر عن ابن عيينة وسحنون: "أجسر الناس على الفتيا أقلهم علما".

وَفِي أثَرٍ مَرْفُوعٍ ذَكَرَهُ أبُو الفَرَجِ وغَيْرُهُ: «مَن أفْتى النّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ لَعَنَتْهُ مَلائِكَةُ السَّماءِ ومَلائِكَةُ الأرْضِ».

وَكانَ مالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ: مَن سُئِلَ عَنْ مَسْألَةٍ فَيَنْبَغِي لَهُ قَبْلَ أنْ يُجِيبَ فِيها أنْ يَعْرِضَ نَفْسَهُ عَلى الجَنَّةِ والنّارِ، وكَيْفُ يَكُونُ خَلاصُهُ في الآخِرَةِ، ثُمَّ يُجِيبَ فِيها.

وَسُئِلَ عَنْ مَسْألَةٍ فَقالَ: لا أدْرِي، فَقِيلَ لَهُ: إنّها مَسْألَةٌ خَفِيفَةٌ سَهْلَةٌ، فَغَضِبَ، وقالَ: لَيْسَ في العِلْمِ شَيْءٌ خَفِيفٌ، أما سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ: ﴿إنّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلا﴾ [المزمل: ٥] فالعِلْمُ كُلُّهُ ثَقِيلٌ، وخاصَّةً ما يُسْألُ عَنْهُ يَوْمَ القِيامَةِ وقالَ: ما أفْتَيْتُ حَتّى شَهِدَ لِي سَبْعُونَ أنِّي أهْلٌ لِذَلِكَ، وقالَ: لا يَنْبَغِي لِرَجُلٍ أنْ يَرى نَفْسَهُ أهْلًا لِشَيْءٍ حَتّى يَسْألَ مَن هو أعْلَمُ مِنهُ، وما أفْتَيْتُ حَتّى سَألْتُ رَبِيعَةَ ويَحْيى بْنَ سَعِيدٍ، فَأمَرانِي بِذَلِكَ، ولَوْ نَهَيانِي انْتَهَيْتُ، قالَ: وإذا كانَ أصْحابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ تَصْعُبُ عَلَيْهِمْ المَسائِلُ، ولا يُجِيبُ أحَدٌ مِنهم عَنْ مَسْألَةٍ حَتّى يَأْخُذَ رَأْيَ صاحِبِهِ مَعَ ما رُزِقُوا مِن السَّدادِ والتَّوْفِيقِ والطَّهارَةِ، فَكَيْفَ بِنا الَّذِينَ غَطَّتْ الذُّنُوبُ والخَطايا قُلُوبَنا؟ وكانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذا سُئِلَ عَنْ مَسْألَةٍ فَكَأنَّهُ واقِفٌ بَيْنَ الجَنَّةِ والنّارِ.

وَقالَ عَطاءُ بْنُ أبِي رَباحٍ: أدْرَكْتُ أقْوامًا إنْ كانَ أحَدُهم لَيُسْألُ عَنْ شَيْءٍ فَيَتَكَلَّمُ وإنَّهُ لَيَرْعَدُ.