وقَوْلُهُ تَعالى ﴿ولَوْ ألْقى مَعاذِيرَهُ﴾ أيْ ولَوْ جاءَ بِكُلِّ مَعْذِرَةٍ يُمْكِنُ أنْ يَعْتَذِرَ بِها عَنْ نَفْسِهِ حالٌ مِنَ المُسْتَكِنَّ في بَصِيرَةٌ أوْ مِن مَرْفُوعِ يُنَبَّؤُا أيْ هو عَلى نَفْسِهِ حُجَّةٌ وهو شاهِدٌ عَلَيْها ولَوْ أتى بِكُلِّ عُذْرٍ في الذَّبِّ عَنْها فَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلى أنَّ الذَّبَّ لا رَواجَ لَهُ أوْ يُنَبَّأُ بِأعْمالِهِ ويُجازى ويُعاقَبُ لا مَحالَةَ ولَوْ أتى بِكُلِّ عُذْرٍ فَهو تَأْكِيدٌ لِما يُفْهَمُ مِن مَجْمُوعِ قَوْلِهِ تَعالى ﴿يُنَبَّأُ الإنْسانُ﴾ إلَخِ.
والمَعاذِيرُ جَمْعُ مَعْذِرَةٍ بِمَعْنى العُذْرِ عَلى خِلافِ القِياسِ والقِياسُ مَعاذِرُ بِغَيْرِ ياءٍ وأطْلَقَ عَلَيْهِ الزَّمَخْشَرِيُّ اسْمَ الجَمْعِ كَعادَتِهِ في إطْلاقِ ذَلِكَ عَلى الجُمُوعِ المُخالِفَةِ لِلْقِياسِ وإلّا فَهو لَيْسَ مِن أبْنِيَةِ اسْمِ الجَمْعِ.
وقالَ صاحِبُ الفَرائِدِ: يُمْكِنُ أنْ يُقالَ الأصْلُ فِيهِ مَعاذِرُ فَحَصَلَتِ الياءُ مِن إشْباعِ الكَسْرَةِ وهو كَما تَرى أوْ جَمْعُ مِعْذارٍ عَلى القِياسِ وهو بِمَعْنى العُذْرِ، وتُعُقِّبَ بِأنَّهُ بِهَذا المَعْنى لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الثِّقاتِ نَعَمْ قالَ السُّدِّيُّ والضَّحّاكُ: المَعاذِيرُ السُّتُورُ بِلُغَةِ اليَمَنِ واحِدُها مِعْذارٌ وحُكِيَ ذَلِكَ عَنِ الزَّجّاجِ أيْ ولَوْ أرْخى سُتُورَهُ، والمَعْنى أنَّ احْتِجابَهُ في الدُّنْيا واسْتِتارَهُ لا يُغْنِي عَنْهُ شَيْئًا لِأنَّ عَلَيْهِ مِن نَفْسِهِ بَصِيرَةً وفِيهِ تَلْوِيحٌ إلى مَعْنى قَوْلِهِ تَعالى ﴿وما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ﴾ [فُصِّلَتْ: 22] الآيَةَ وقِيلَ البَصِيرَةُ عَلَيْهِ الكاتِبانِ يَكْتُبانِ ما يَكُونُ مِن خَيْرٍ أوْ شَرٍّ، فالمَعْنى بَلِ الإنْسانُ عَلَيْهِ كاتِبانِ يَكْتُبانِ أعْمالَهُ ولَوْ تَسَتَّرَ بِالسُّتُورِ ولا يَكُونُ في الكَلامِ عَلى هَذا شائِبَةُ تَجْرِيدٍ كَما تَقَدَّمَ، والإلْقاءُ عَلى إرادَةِ السُّتُورِ ظاهِرٌ وأمّا عَلى إرادَةِ الأعْذارِ فَقِيلَ شَبَّهَ المَجِيءَ بِالعُذْرِ بِإلْقاءِ الدَّلْوِ في البِئْرِ لِلِاسْتِقاءِ بِهِ فَيَكُونُ فِيهِ تَشْبِيهُ ما يُرادُ بِذَلِكَ بِالماءِ المَرْوِيِّ لِلْعَطَشِ ويُشِيرُ إلى هَذا قَوْلُ السُّدِّيِّ في ذَلِكَ ولَوْ أدْلى بِحُجَّةٍ وعُذْرٍ وقِيلَ المَعْنى ولَوْ رَمى بِأعْذارِهِ وطَرَحَها واسْتَسْلَمَ وقِيلَ ولَوْ أحالَ بَعْضُهم عَلى بَعْضٍ كَما يَقُولُ بَعْضُهم لِبَعْضٍ ﴿لَوْلا أنْتُمْ لَكُنّا مُؤْمِنِينَ﴾ [سَبَأٍ: 31] ولَوْ عَلى جَمِيعِ هَذِهِ الأقْوالِ إمّا أنْ يَكُونَ مَعْنى الشَّرْطِيَّةِ مُنْسَلِخًا عَنْها كَما قِيلَ فَلا جَوابَ لَها، وإمّا أنْ يَكُونَ باقِيًا فِيها فالجَوابُ مَحْذُوفٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ ما قَبْلُ. واسْتَظْهَرَ الخَفاجِيُّ الأوَّلَ وفي الآيَةِ عَلى بَعْضِ وُجُوهِها دَلِيلٌ كَما قالَ ابْنُ العَرَبِيِّ عَلى قَبُولِ إقْرارِ المَرْءِ عَلى نَفْسِهِ وعَدَمِ قَبُولِ الرُّجُوعِ عَنْهُ واللَّهُ تَعالى أعْلَمُ.
أخْرَجَ الإمامُ أحْمَدُ والبُخارِيُّ ومُسْلِمٌ والتِّرْمِذِيُّ والنِّسائِيُّ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ والطَّبَرانِيُّ وأبُو نُعَيْمٍ والبَيْهَقِيُّ مَعًا في الدَّلائِلِ وجَماعَةٌ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُعالِجُ مِنَ التَّنْزِيلِ شِدَّةً فَكانَ يُحَرِّكُ بِهِ لِسانَهُ وشَفَتَيْهِ مَخافَةَ أنْ يَنْفَلِتَ مِنهُ يُرِيدُ أنْ يَحْفَظَهُ فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى ﴿لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ﴾ إلَخِ فَكانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَعْدَ ذَلِكَ إذا أتاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ أطْرَقَ وفي
صفحة 142
لَفْظٍ اسْتَمَعَ فَإذا ذَهَبَ قَرَأهُ كَما وعَدَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ» .
QUL supports exporting tafsir content in both JSON and SQLite formats.
Tafsir text may include <html>
tags for formatting such as <b>
,
<i>
, etc.
Note:
Tafsir content may span multiple ayahs. QUL exports both the tafsir text and the ayahs it applies to.
Example JSON Format:
{ "2:3": { "text": "tafisr text.", "ayah_keys": ["2:3", "2:4"] }, "2:4": "2:3" }
"ayah_key"
in "surah:ayah"
, e.g. "2:3"
means
3rd ayah of Surah Al-Baqarah.
text
: the tafsir content (can include HTML)ayah_keys
: an array of ayah keys this tafsir applies toayah_key
where the tafsir text can be found.
ayah_key
: the ayah for which this record applies.group_ayah_key
: the ayah key that contains the main tafsir text (used for shared tafsir).
from_ayah
/ to_ayah
: start and end ayah keys for convenience (optional).ayah_keys
: comma-separated list of all ayah keys that this tafsir covers.text
: tafsir text. If blank, use the text
from the group_ayah_key
.