Tafsir Al-Alusi

Multiple Ayahs

Tags

Download Links

Tafsir Al-Alusi tafsir for Surah Al-Insan — Ayah 16

قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٖ قَدَّرُوهَا تَقۡدِيرٗا ١٦

وقَوْلُهُ تَعالى ﴿قَوارِيرا مِن فِضَّةٍ﴾ بَدَلٌ والكَلامُ عَلى التَّشْبِيهِ البَلِيغِ فالمُرادُ تَكَوَّنَتْ جامِعَةً بَيْنَ صَفاءِ الزُّجاجَةِ وشَفِيفِها ولِينِ الفِضَّةِ وبَياضِها. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ والبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: لَوْ أخَذْتَ فِضَّةً مِن فِضَّةِ الدُّنْيا فَضَرَبْتَها حَتّى جَعَلْتَها مِثْلَ جَناحِ الذُّبابِ لَمْ يُرَ الماءُ مِن ورائِها ولَكِنْ قَوارِيرُ الجَنَّةِ بِبَياضِ الفِضَّةِ مَعَ صَفاءِ القَوارِيرِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ أنَّهُ قالَ: لَيْسَ في الجَنَّةِ شَيْءٌ إلّا قَدْ أُعْطِيتُمْ في الدُّنْيا شَبَهَهُ إلّا قَوارِيرَ مِن فِضَّةٍ.

وقَرَأ نافِعٌ والكِسائِيُّ وأبُو بَكْرٍ بِتَنْوِينِ «قَوارِيرَ» في المَوْضِعَيْنِ وصْلًا وإبْدالِهِ ألِفًا وقْفًا وابْنُ كَثِيرٍ يَمْنَعُ صَرْفَ الثّانِي ويَصْرِفُ الأوَّلَ لِوُقُوعِهِ في الفاصِلَةِ وآخِرِ الآيَةِ، وقَفَ عَلَيْهِ بِألْفٍ مُشاكَلَةً لِغَيْرِهِ مِن كَلِماتِ الفَواصِلِ والتَّنْوِينُ عِنْدَ الزَّمَخْشَرِيِّ في الأوَّلِ بَدَلٌ مِن ألْفِ الإطْلاقِ كَما في قَوْلِهِ:

يا صاحِ ما هاجَ العُيُونَ الذَّرْفَنْ

وفِي الثّانِي لِلِاتِّباعِ فَتَذَكَّرْ، والقِراءَةُ بِمَنعِ صَرْفِهِما لِحَفْصٍ وابْنِ عامِرٍ وحَمْزَةَ وأبِي عَمْرٍو وقَرَأ الأعْمَشُ الثّانِي «قَوارِيرُ» بِالرَّفْعِ أيْ هي قَوارِيرُ ﴿قَدَّرُوها تَقْدِيرًا﴾ أيْ قَدَّرُوا تِلْكَ القَوارِيرَ في أنْفُسِهِمْ فَجاءَتْ حَسَبَ ما قَدَّرُوا لا مَزِيدَ عَلى ذَلِكَ ولا يُمْكِنُ أنْ يَقَعَ زِيادَةٌ عَلَيْهِ، وفي مَعْناهُ قَوْلُ الطّائِيِّ:

ولَوْ صَوَّرَتْ نَفْسَكَ لَمْ تَزِدْها ∗∗∗ عَلى ما فِيكَ مِن كَرَمِ الطِّباعِ

صفحة 160

فَإنَّهُ يُنْبِئُ عَنْ كَوْنِ نَفْسِهِ خُلِقَتْ عَلى أتَمِّ ما يَنْبَغِي مِن مَكارِمِ الصِّفاتِ بِحَيْثُ لا مَزِيدَ عَلى ذَلِكَ فَضَمِيرُ ﴿قَدَّرُوها﴾ لِلْأبْرارِ المُطافِ عَلَيْهِمْ أوْ قَدَّرُوا شَرابَها عَلى قَدْرِ الرَّيِّ وهو ألَذُّ لِلشّارِبِ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: أتَوْا بِها عَلى الحاجَةِ لا يُفَضِّلُونَ شَيْئًا ولا يَشْتَهُونَ بَعْدَها شَيْئًا وعَنْ مُجاهِدٍ تَقْدِيرُها أنَّها لَيْسَتْ بِالمَلْأى الَّتِي تَفِيضُ ولا بِالنّاقِصَةِ الَّتِي تَغِيضُ، فالضَّمِيرُ عَلى ما هو الظّاهِرُ لِلسُّقاةِ الطّائِفِينَ بِها المَدْلُولِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعالى ( يُطافُ عَلَيْهِمْ) .

وقَدْ رَوى عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ قالَ قَدَّرَتْها السُّقاةُ وقِيلَ: المَعْنى قَدَّرُوها بِأعْمالِهِمُ الصّالِحَةِ فَجاءَتْ عَلى حَسَبِها والضَّمِيرُ عَلى هَذا قِيلَ لِلْمَلائِكَةِ وقِيلَ لِلسُّقاةِ. وقَرَأ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعالى وجْهَهُ وابْنُ عَبّاسٍ والسِّلْمِيُّ والشَّعْبِيُّ وقَتادَةُ وزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ والجَحْدَرِيُّ والأصْمَعِيُّ عَنْ أبِي عَمْرٍو وابْنِ عَبْدِ الخالِقِ عَنْ يَعْقُوبَ وغَيْرِهِمْ «قَدَّرُوها» عَلى البِناءِ لِلْمَفْعُولِ واخْتُلِفَ في تَخْرِيجِها فَقالَ أبُو عَلِيٍّ: كانَ اللَّفْظُ قَدَّرُوا عَلَيْها، وفي المُغْنِي قَلْبٌ لِأنَّ حَقِيقَتَهُ أنْ يُقالَ قَدَرْتُ عَلَيْهِمْ فَهو نَحْوُ قَوْلِهِ تَعالى ﴿ما إنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالعُصْبَةِ أُولِي القُوَّةِ﴾ [القَصَصِ: 76] وقَوْلِ العَرَبِ إذا طَلَعَتِ الجَوْزاءُ ارْتَقى العُودُ عَلى الحِرْباءِ.

وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وجْهُ ذَلِكَ أنْ يَكُونَ مِن قَدَرْتَ الشَّيْءَ بِالتَّخْفِيفِ أيْ بَيَّنْتَ مِقْدارَهُ فَنُقِلَ إلى التَّفْعِيلِ فَتَعَدّى لِاثْنَيْنِ أحَدُهُما الضَّمِيرُ النّائِبُ عَنِ الفاعِلِ، والثّانِي ها والمَعْنى جَعَلُوا قادِرِينَ لَها كَما شاؤُوا وأطْلَقَ لَهم أنْ يُقَدِّرُوا عَلى حَسَبِ ما اشْتَهَوْا وقالَ أبُو حاتِمٍ: قُدِّرَتِ الأوانِي عَلى قَدْرِ رَيِّهِمْ فَفَسَّرَ بَعْضُهم هَذا بِأنَّ في الكَلامِ حَذْفًا وهو أنَّهُ كانَ قَدْرٌ عَلى قَدْرِ رَيِّهِمْ إيّاها فَحُذِفَ عَلى فَصارَ قَدْرُ نائِبَ الفاعِلِ ثُمَّ حُذِفَ فَصارَ رَيُّهم نائِبَ الفاعِلِ ثُمَّ حُذِفَ وصارُوا والجَمْعُ نائِبَ الفاعِلِ واتَّصَلَ المَفْعُولُ الثّانِي بِقَدْرٍ فَصارَ قَدْرُها وقالَ أبُو حَيّانٍ الأقْرَبُ أنْ يَكُونَ الأصْلُ قَدْرَ رَيِّهِمْ مِنها تَقْدِيرًا فَحُذِفَ المُضافُ وهو الرَّيُّ وأُقِيمَ الضَّمِيرُ مَقامَهُ فَصارَ قَدَّرُوا مِنها ثُمَّ اتَّسَعَ في الفِعْلِ فَحُذِفَتْ مِن ووَصَلَ الفِعْلُ إلى الضَّمِيرِ بِنَفْسِهِ فَصارَ ﴿قَدَّرُوها﴾ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ إلّا حَذْفُ مُضافٍ واتِّساعٌ في المَجْرُورِ.

ولا يَخْفى أنَّ القَلْبَ زَيْفٌ وما قَرَّرَهُ البَعْضُ تَكَلُّفٌ جِدًّا وفي كَوْنِ ما اخْتارَهُ أبُو حَيّانٍ أقْرَبَ مِمّا اخْتارَهُ جارُ اللَّهِ نَظَرٌ ولَعَلَّهُ أكْثَرُ تَكَلُّفًا مِنهُ.

Tafsir Resource

QUL supports exporting tafsir content in both JSON and SQLite formats. Tafsir text may include <html> tags for formatting such as <b>, <i>, etc.

Example JSON Format:

{
  "2:3": {
    "text": "tafisr text.",
    "ayah_keys": ["2:3", "2:4"]
  },
  "2:4": "2:3"
}
  • Keys in the JSON are "ayah_key" in "surah:ayah", e.g. "2:3" means 3rd ayah of Surah Al-Baqarah.
  • The value of ayah key can either be:
    • an object — this is the main tafsir group. It includes:
      • text: the tafsir content (can include HTML)
      • ayah_keys: an array of ayah keys this tafsir applies to
    • a string — this indicates the tafsir is part of a group. The string points to the ayah_key where the tafsir text can be found.

SQLite exports includes the following columns

  • ayah_key: the ayah for which this record applies.
  • group_ayah_key: the ayah key that contains the main tafsir text (used for shared tafsir).
  • from_ayah / to_ayah: start and end ayah keys for convenience (optional).
  • ayah_keys: comma-separated list of all ayah keys that this tafsir covers.
  • text: tafsir text. If blank, use the text from the group_ayah_key.