وعُذْرًا ونُذْرًا في قَوْلِهِ تَعالى ﴿عُذْرًا أوْ نُذْرًا﴾ جُوِّزَ أنْ يَكُونا مَصْدَرَيْنِ مِن عَذَرَ إذا أزالَ الإساءَةَ، ومِن أنْذَرَ إذا خَوَّفَ جاءا عَلى فُعْلٍ كالشُّكْرِ والكُفْرِ والأوَّلُ ظاهِرٌ لِأنَّ فُعْلًا مِن مَصادِرِ الثُّلاثِيِّ، وأمّا الثّانِي فَعَلى خِلافِ القِياسِ مَصْدَرُ أفْعَلَ الأفْعالُ، وقِيلَ هو اسْمُ المَصْدَرِ كالطّاقَةِ أوْ مَصْدَرُ نَذَرَ بِمَعْنى أنْذَرَ وتُسُومِحَ فِيما تَقَدَّمَ وإنْ يَكُونا جَمْعَ عَذِيرٍ بِمَعْنى المَعْذِرَةِ ونَذِيرٍ بِمَعْنى الإنْذارِ وانْتِصابُهُما عَلى العِلِيَّةِ والعامِلُ فِيهِما «المُلْقِياتُ» أوْ ( ذِكْرًا ) وهو بِمَعْنى التَّذْكِيرِ والعِظَةِ بِالتَّرْغِيبِ والتَّرْهِيبِ أيْ ﴿فالمُلْقِياتِ ذِكْرًا﴾ لِأجْلِ العُذْرِ لِلْمُحِقِّينَ أوْ لِأجْلِ النُّذُرِ لِلْمُبْطِلِينَ أوْ عَلى الحالِيَّةِ مِنَ «المُلْقِياتِ» أوِ الضَّمِيرِ المُسْتَتِرِ فِيها عَلى التَّأْوِيلِ أيْ عاذِرِينَ أوْ مُنْذِرِينَ أوْ عَلى البَدَلِيَّةِ مِن ﴿ذِكْرًا﴾ عَلى أنَّ المُرادَ بِهِ الوَحْيُ فَيَكُونانِ بَدَلَ بَعْضٍ أوِ التَّذْكِيرُ والعِظَةُ فَيَكُونانِ بَدَلَ كُلٍّ وإنْ يَكُونا وصْفَيْنِ بِمَعْنى عاذِرِينَ ومُنْذِرِينَ فَنَصْبُهُما عَلى الحالِيَّةِ لا غَيْرَ.
وأوْ في جَمِيعِ ذَلِكَ لِلتَّنْوِيعِ لا لِلتَّرْدِيدِ ومِن ثَمَّ قالَ الدِّينَوَرِيُّ في مُشْكِلِ القُرْآنِ إنَّها بِمَعْنى الواوِ، وقِيلَ الثّانِيَةُ طَوائِفُ نَشَرْنَ الشَّرائِعَ في الأرْضِ إلى آخِرِ ما تَقَدَّمَ، ووَجْهُ العَطْفِ بِأنَّ المُرادَ أرَدْنَ النَّشْرَ فَنَزَلْنَ فَألْقَيْنَ واحْتِيجَ لِلتَّأْوِيلِ لِمَكانِ الإلْقاءِ إلى الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ وإلّا فَهو لا يَحْتاجُ إلَيْهِ في النَّشْرِ والفَرْقِ لِظُهُورِ تَرَتُّبِ الفَرْقِ عَلى النَّشْرِ كَذا قِيلَ فَلا تَغْفُلْ، وقِيلَ طَوائِفُ نَشَرْنَ النُّفُوسَ المَوْتى بِالكُفْرِ والجَهْلِ بِما أوْحَيْنَ فَفَرَّقْنَ إلَخِ والنَّشْرُ عَلى هَذا بِمَعْنى الإحْياءِ وفِيما قَبْلَهُ بِمَعْنى الإشاعَةِ.
وقِيلَ لا مُغايَرَةَ بَيْنَ الكُلِّ إلّا بِالصِّفاتِ وهم جَمِيعًا مِنَ المَلائِكَةِ عَلى الأقْوالِ السّابِقَةِ بَيْدَ أنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرْ هَذا القائِلُ تَفْسِيرَ النَّشْرِ بِنَشْرِ الأجْنِحَةِ فَقالَ: أقْسَمَ سُبْحانَهُ بِطَوائِفَ مِنَ المَلائِكَةِ أرْسَلَهُنَّ عَزَّ وجَلَّ بِأوامِرِهِ مُتَتابِعَةً فَعَصَفْنَ عَصْفَ الرِّياحِ في الِامْتِثالِ ونَشَرْنَ الشَّرائِعَ في الأرْضِ أوْ نَشَرْنَ النُّفُوسَ المَوْتى بِالجَهْلِ بِما أوْحَيْنَ مِنَ العِلْمِ فَفَرَّقْنَ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ فَألْقَيْنَ إلى الأنْبِياءِ ذِكْرًا، وظاهِرُهُ أيْضًا أنَّ الإرْسالَ لِلْأنْبِياءِ بِالشَّرائِعِ مِنَ الأمْرِ والنَّهْيِ بِناءً عَلى أنَّ الأوامِرَ جَمْعُ جَمْعٍ مَخْصُوصٌ بِالأمْرِ مُقابِلَ النَّهْيِ، فَفي كَلامِهِ الِاكْتِفاءُ.
وخُصَّ الأمْرُ بِالذِّكْرِ قِيلَ لِأنَّهُ أهَمُّ مَعَ أنَّهُ لا يُؤَدِّي ما يُرادُ مِنَ النَّهْيِ بِصِيغَتِهِ كَدَعْ مَثَلًا. وقِيلَ في عَطْفِ النّاشِراتِ بِالواوِ دُونَ الفاءِ وعَطْفِ «الفارِقاتِ» بِهِ أنَّ النَّشْرَ عَلَيْهِ بِمَعْنى الإشاعَةِ لِلشَّرائِعِ وهو يَكُونُ بَعْدَ الوَحْيِ والدَّعْوَةِ والقَبُولِ، ويَقْتَضِي زَمانًا فَلِذا جِيءَ بِالواوِ ولَمْ يُقْرَنْ بِالفاءِ التَّعْقِيبِيَّةِ. وإذا حَصَلَ النَّشْرُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الفَرْقُ مِن غَيْرِ مُهْلَةٍ ولا يُتَوَهَّمُ أنَّهُ كانَ حَقَّ النّاشِراتِ حِينَئِذٍ ثُمَّ لِأنَّهُ لا يَتَعَلَّقُ القَصْدُ
صفحة 171
هاهُنا بِالتَّراخِي ويَبْقى الكَلامُ في وجْهِ تَقْدِيمِ نَشْرِ الشَّرائِعِ أوْ نَشْرِ النُّفُوسِ والفَرْقِ عَلى الإلْقاءِ مَعَ أنَّهُما بَعْدَهُ في الواقِعِ فَقِيلَ الإيذانُ بِكَوْنِهِما غايَةً لِلْإلْقاءِ حَقِيقَةٌ بِالِاعْتِناءِ أوِ الإشْعارِ بِأنَّ كُلًّا مِنَ الأوْصافِ مُسْتَقِلٌّ بِالدَّلالَةِ عَلى اسْتِحْقاقِ التَّعْظِيمِ كَما سَمِعْتَ عَلى أنَّ بابَ التَّأْوِيلِ واسِعٌ فَتَذَكَّرْ.وقِيلَ: أقْسَمَ سُبْحانَهُ بِأفْرادِ نَوْعَيْنِ مِنَ الرِّياحِ فَيُقَدَّرُ لِلْمُرْسَلاتِ مَوْصُوفٌ ولِلنّاشِراتِ مَوْصُوفٌ آخَرُ، ويُرادُ بِالمُرْسِلاتِ الرِّياحُ المُرْسَلَةُ لِلْعَذابِ لِأنَّ الإرْسالَ شاعَ فِيهِ، وبِالنّاشِراتِ رِياحُ رَحْمَةٍ وحاصِلُهُ أنَّهُ جَلَّ وعَلا أقْسَمَ بِرِياحِ عَذابٍ أرْسَلَهُنَّ فَعَصَفْنَ ورِياحِ رَحْمَةٍ نَشَرْنَ السَّحابَ في الجَوِّ فَفَرَّقْنَهُ عَلى البِقاعِ فَألْقَيْنَ ذِكْرًا إمّا عُذْرًا لِلَّذِينَ يَعْتَذِرُونَ إلى اللَّهِ تَعالى بِتَوْبَتِهِمْ واسْتِغْفارِهِمْ إذا شاهَدُوا آثارَ رَحْمَتِهِ تَعالى في الغَيْثِ.
وإمّا إنْذارًا لِلَّذِينَ يَكْفُرُونَ ذَلِكَ ويَنْسُبُونَهُ إلى الأنْواءِ ونَحْوِها وإسْنادُ إلْقاءِ الذِّكْرِ إلَيْهِنَّ لِكَوْنِهِنَّ سَبَبًا في حُصُولِهِ إذا شَكَرَتِ النِّعْمَةَ فِيهِنَّ أوْ كَفَرَتْ فالتَّجَوُّزُ في الإسْنادِ، والمُرادُ بِعُرْفًا مُتَتابِعَةً أوِ النّاشِراتِ رِياحَ رَحْمَةٍ نَشَرْنَ النَّباتَ وأبْرَزْنَهُ أيْ صِرْنَ سَبَبًا لِذَلِكَ بِنَشْرِ السَّحابِ وإدْرارِهِ فَفَرَّقْنَ كُلَّ صِنْفٍ مِنهُ عَنْ سائِرِ الأصْنافِ بِالشَّكْلِ واللَّوْنِ وسائِرِ الخَواصِّ فَتَسَبَّبْنَ ذِكْرًا إمّا عُذْرًا لِلشّاكِرِينَ وإمّا نُذْرًا لِلْكافِرِينَ.
وقِيلَ أقْسَمَ سُبْحانَهُ أوَّلًا بِالرِّياحِ وثانِيًا بِسَحائِبَ نَشَرْنَ المَواتَ فَفَرَّقْنَ بَيْنَ مَن يَشْكُرُ وبَيْنَ مَن يَكْفُرُ كَقَوْلِهِ تَعالى ﴿لأسْقَيْناهم ماءً غَدَقًا﴾ ﴿لِنَفْتِنَهم فِيهِ﴾ [الجِنِّ: 16، 17] فَتَسَبَّبْنَ ذِكْرًا إمّا وإمّا وقِيلَ: أقْسَمَ جَلَّ وعَلا بِآياتِ القُرْآنِ المُرْسَلَةِ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَضْلًا وإحْسانًا أوْ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ لِأنَّها نَزَلَتْ مُنَجَّمَةً فَعَصَفْنَ وأذْهَبْنَ سائِرَ الكُتُبِ بِالنَّسْخِ ونَشَرْنَ آثارَ الهُدى في مَشارِقِ الأرْضِ ومَغارِبِها وفَرَّقْنَ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ فَألْقَيْنَ ذِكْرَ الحَقِّ في أكْتافِ العالَمِينَ.
وقِيلَ: أقْسَمَ جَلَّ جَلالُهُ بِرُسُلِهِ مِنَ البَشَرِ أُرْسِلُوا إحْسانًا وفَضْلًا كَما هو المَذْهَبُ الحَقُّ لا وُجُوبًا كَما زَعَمَ مِن زَعَمَ فاشْتَدُّوا وعَظُمَ أمْرُهم ونَشَرُوا دِينَهم وما جاؤُوا بِهِ فَفَرَّقُوا بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ والحَلالِ والحَرامِ فَألْقَوْا ذِكْرًا بَيْنَ المُكَلَّفِينَ، ويَجُوزُ أنْ يُرادَ عَلى هَذا بِعُرْفًا مُتَتابِعَةً.
وقِيلَ: أقْسَمَ تَبارَكَ وتَعالى بِالنُّفُوسِ الكامِلَةِ أيِ المَخْلُوقَةِ عَلى صِفَةِ الكَمالِ والِاسْتِعْدادِ لِقَبُولِ ما كُلِّفَتْ بِهِ وخُلِقَتْ لِأجْلِهِ المُرْسَلَةِ إحْسانًا إلى الأبْدانِ لِاسْتِكْمالِها فَعَصَفْنَ وأذْهَبْنَ ما سِوى الحَقِّ بِالنَّظَرِ في الأدِلَّةِ الحَقَّةِ فَفَرَّقْنَ بَيْنَ الحَقِّ المُتَحَقِّقِ بِذاتِهِ الَّذِي لا مَدْخَلَ لِلْغَيْرِ فِيهِ وهو واجِبُ الوُجُودِ سُبْحانَهُ وبَيْنَ الباطِلِ المَعْدُومِ في نَفْسِهِ فَرَأيْنَ كُلَّ شَيْءٍ هالِكًا إلّا وجْهَهُ فَألْقَيْنَ في القُلُوبِ والألْسِنَةِ ومَكَّنَّ فِيها ذِكْرَهُ تَعالى فَلَيْسَ في قُلُوبِها وألْسِنَتِها إلّا ذِكْرُهُ عَزَّ وجَلَّ، أوْ طَرَحْنَ ذِكْرَ غَيْرِهِ سُبْحانَهُ عَنِ القُلُوبِ والألْسِنَةِ فَلا ذِكْرَ فِيها لِما عَداهُ. وقِيلَ: الثَّلاثَةُ الأُوَلُ الرِّياحُ والأخِيرَتانِ المَلائِكَةُ عَلَيْهِمُ السَّلامُ وقِيلَ بِالعَكْسِ، والمُناسَبَةُ بِاللَّطافَةِ وسُرْعَةِ الحَرَكَةِ وقِيلَ الأُولَتانِ المَلائِكَةُ إلّا أنَّ المُرْسَلاتِ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ، والعاصِفاتُ مَلائِكَةُ العَذابِ، والثَّلاثَةُ الأخِيرَةُ آياتُ القُرْآنِ النّازِلَةُ بِها المَلائِكَةُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ المُنْذِرِ مِن وجْهٍ عَنْ أبِي صالِحٍ أنَّهُ قالَ: المُرْسَلاتِ عُرْفًا الرُّسُلُ تُرْسَلُ بِالمَعْرُوفِ، ﴿فالعاصِفاتِ عَصْفًا﴾ الرِّيحُ ﴿والنّاشِراتِ نَشْرًا﴾ المَطَرُ، ﴿فالفارِقاتِ فَرْقًا﴾ الرُّسُلُ ومِن وجْهٍ آخَرَ المُرْسَلاتِ عُرْفًا المَلائِكَةُ ﴿فالعاصِفاتِ عَصْفًا﴾ الرِّياحُ العَواصِفُ ﴿والنّاشِراتِ نَشْرًا﴾ المَلائِكَةُ يَنْشُرُونَ الكُتُبَ أيْ كُتُبَ الأعْمالِ كَما جاءَ مُصَرَّحًا بِهِ في بَعْضِ الرِّواياتِ ﴿فالفارِقاتِ فَرْقًا﴾ المَلائِكَةُ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ ﴿فالمُلْقِياتِ ذِكْرًا﴾ المَلائِكَةُ أيْضًا يَجِيئُونَ بِالقُرْآنِ والكِتابِ ﴿عُذْرًا أوْ نُذْرًا﴾ مِنهُ تَعالى إلى النّاسِ وهُمُ الرُّسُلُ يَعْذُرُونَ ويُنْذِرُونَ.
وعَنْ أبِي صالِحٍ رِواياتٌ أُخَرُ في ذَلِكَ وكَذا عَنْ أجِلَّةِ الصَّحابَةِ والتّابِعِينَ، فَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وأبِي هُرَيْرَةَ ومُقاتِلٍ المُرْسَلاتِ المَلائِكَةُ أُرْسِلَتْ بِالعُرْفِ ضِدَّ النُّكْرِ وهو الوَحْيُ.
وفِي أُخْرى عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أنَّها الرِّياحُ وفَسَّرَ العاصِفاتِ بِالشَّدِيداتِ الهُبُوبِ. ورُوِيَ تَفْسِيرُ المُرْسَلاتِ بِذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ومُجاهِدٍ وقَتادَةَ. وفي أُخْرى عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ
صفحة 172
أنَّها جَماعَةُ الأنْبِياءِ أُرْسِلَتْ إفْضالًا مِنَ اللَّهِ تَعالى عَلى عِبادِهِ وعَنْ أبِي مَسْعُودٍ النّاشِراتِ الرِّياحُ تَنْشُرُ رَحْمَةَ اللَّهِ تَعالى ومَطَرَهُ. ورُوِيَ عَنْ مُجاهِدٍ وقَتادَةَ وقالَ الرَّبِيعُ: المَلائِكَةُ تَنْشُرُ النّاسَ مِن قُبُورِهِمْ.قالَ الضَّحّاكُ: الصُّحُفُ تَنْشُرُ عَلى اللَّهِ تَعالى بِأعْمالِ العِبادِ وعَلَيْهِ تَكُونُ النّاشِراتِ عَلى مَعْنى النَّسَبِ.
وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وابْنِ عَبّاسٍ ومُجاهِدٍ والضَّحّاكِ «الفارِقاتِ» المَلائِكَةُ تُفَرِّقُ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ والحَلالِ والحَرامِ. وقالَ قَتادَةُ والحَسَنُ وابْنُ كَيْسانَ: آياتُ القُرْآنِ فَرَّقَتْ بَيْنَ ما يَحِلُّ وما يَحْرُمُ. وعَنْ مُجاهِدٍ أيْضًا الرِّياحُ تُفَرِّقُ بَيْنَ السَّحابِ فَتُبَدِّدُهُ.
وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ وقَتادَةَ والجُمْهُورِ «المُلْقِياتِ» المَلائِكَةُ تُلْقِي ما حَمَلَتْ مِنَ الوَحْيِ إلى الأنْبِياءِ. وعَنِ الرَّبِيعِ آياتُ القُرْآنِ ومِنَ النّاسِ مَن فَسَّرَ «العاصِفاتِ» بِالآياتِ المُهْلِكَةِ كالزَّلازِلِ والصَّواعِقِ وغَيْرِها، ومِنهم مَن فَسَّرَ «الفارِقاتِ» بِالسَّحائِبِ الماطِرَةِ عَلى تَشْبِيهِها بِالنّاقَةِ الفارُوقِ وهي الحامِلُ الَّتِي تَجْزَعُ حِينَ تَضَعُ، ومِنهم مَن فَسَّرَها بِالعُقُولِ تُفَرِّقُ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ والصَّحِيحِ والفاسِدِ إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الرِّواياتِ والأقْوالِ الَّتِي لا تَكادُ تَنْضَبِطُ والَّذِي أخالُهُ أظْهَرَ كَوْنُ المُقْسَمِ بِهِ شَيْئَيْنِ «المُرْسَلاتِ العاصِفاتِ والنّاشِراتِ الفارِقاتِ المُلْقِياتِ» لِشِدَّةِ ظُهُورِ العَطْفِ بِالواوِ في ذَلِكَ وكَوْنِ الكُلِّ مِن جِنْسِ الرِّيحِ لِأنَّهُ أوْفَقُ بِالمَقامِ المُتَضَمِّنِ لِأمْرِ الحَشْرِ والنَّشْرِ لِما أنَّ الآثارَ المُشاهَدَةَ المُتَرَتِّبَةَ عَلى الرِّياحِ تَرَتُّبًا قَرِيبًا وبَعِيدًا تُنادِي بِأعْلى صَوْتٍ حَتّى يَكادَ يُشْبِهُ صَوْتَ النَّفْخِ في الصُّوَرِ عَلى إمْكانِ ذَلِكَ وصِحَّتِهِ ودُخُولِهِ في حِيطَةِ مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعالى وعَظِيمِ قُدْرَتِهِ ومَعَ هَذا الأقْوالُ كَثِيرَةٌ لَدَيْكَ وأنْتَ غَيْرُ مَجْحُودٍ عَلَيْكَ فاخْتَرْ لِنَفْسِكَ ما يَحْلُو.
وقَرَأ عِيسى عُرُفًا بِضَمَّتَيْنِ نَحْوَ نُكُرٍ في نُكْرٍ وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ (فالمُلَّقِياتِ) بِالتَّشْدِيدِ مِنَ التَّلْقِيَةِ وقِيلَ وهي كالإلْقاءِ إيصالُ الكَلامِ إلى المُخاطَبِ، يُقالُ: لَقَّيْتُهُ الذِّكْرَ فَتَلَقّاهُ. وذَكَرَ المَهْدَوِيُّ أنَّهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَرَأ (فالمُلَقَّياتِ) بِفَتْحِ اللّامِ وتَشْدِيدِ القافِ اسْمُ مَفْعُولٍ أيْ مُلَقَّيَةً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ. وقَرَأ زَيْدُ بْنُ ثابِتٍ وابْنُ خارِجَةَ وطِلْحَةُ وأبُو جَعْفَرٍ وأبُو حَيْوَةَ وعِيسى والحَسَنُ بِخِلافٍ والأعْمَشُ عَنْ أبِي بَكْرٍ عُذُرًا أوْ نُذُرًا بِضَمِّ الذّالَيْنِ.
وقَرَأ الحَرَمِيّانِ وأبُو عامِرٍ وأبُو بَكْرٍ وزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وشَيْبَةُ وأبُو جَعْفَرٍ أيْضًا بِسُكُونِ الذّالِ في «عُذْرًا» وضَمِّها في «نُذُرًا» وقَرَأ إبْراهِيمُ التَّيْمِيُّ «ونُذُرًا» بِالواوِ. .
QUL supports exporting tafsir content in both JSON and SQLite formats.
Tafsir text may include <html>
tags for formatting such as <b>
,
<i>
, etc.
Note:
Tafsir content may span multiple ayahs. QUL exports both the tafsir text and the ayahs it applies to.
Example JSON Format:
{ "2:3": { "text": "tafisr text.", "ayah_keys": ["2:3", "2:4"] }, "2:4": "2:3" }
"ayah_key"
in "surah:ayah"
, e.g. "2:3"
means
3rd ayah of Surah Al-Baqarah.
text
: the tafsir content (can include HTML)ayah_keys
: an array of ayah keys this tafsir applies toayah_key
where the tafsir text can be found.
ayah_key
: the ayah for which this record applies.group_ayah_key
: the ayah key that contains the main tafsir text (used for shared tafsir).
from_ayah
/ to_ayah
: start and end ayah keys for convenience (optional).ayah_keys
: comma-separated list of all ayah keys that this tafsir covers.text
: tafsir text. If blank, use the text
from the group_ayah_key
.