Al-Muharrar Al-Wajiz Ibn Atiyyah

Multiple Ayahs

Tags

Download Links

Al-Muharrar Al-Wajiz Ibn Atiyyah tafsir for Surah Al-Insan — Ayah 11

يُوفُونَ بِٱلنَّذۡرِ وَيَخَافُونَ يَوۡمٗا كَانَ شَرُّهُۥ مُسۡتَطِيرٗا ٧ وَيُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسۡكِينٗا وَيَتِيمٗا وَأَسِيرًا ٨ إِنَّمَا نُطۡعِمُكُمۡ لِوَجۡهِ ٱللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمۡ جَزَآءٗ وَلَا شُكُورًا ٩ إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوۡمًا عَبُوسٗا قَمۡطَرِيرٗا ١٠ فَوَقَىٰهُمُ ٱللَّهُ شَرَّ ذَٰلِكَ ٱلۡيَوۡمِ وَلَقَّىٰهُمۡ نَضۡرَةٗ وَسُرُورٗا ١١ وَجَزَىٰهُم بِمَا صَبَرُواْ جَنَّةٗ وَحَرِيرٗا ١٢ مُّتَّكِـِٔينَ فِيهَا عَلَى ٱلۡأَرَآئِكِۖ لَا يَرَوۡنَ فِيهَا شَمۡسٗا وَلَا زَمۡهَرِيرٗا ١٣

قوله عزّ وجلّ:

﴿يُوفُونَ بِالنَذْرِ ويَخافُونَ يَوْمًا كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا﴾ ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِينًا ويَتِيمًا وأسِيرًا﴾ ﴿إنَّما نُطْعِمُكم لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنكم جَزاءً ولا شُكُورًا﴾ ﴿إنّا نَخافُ مِن رَبِّنا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا﴾ ﴿فَوَقاهُمُ اللهُ شَرَّ ذَلِكَ اليَوْمِ ولَقّاهم نَضْرَةً وسُرُورًا﴾ ﴿وَجَزاهم بِما صَبَرُوا جَنَّةً وحَرِيرًا﴾ ﴿مُتَّكِئِينَ فِيها عَلى الأرائِكِ لا يَرَوْنَ فِيها شَمْسًا ولا زَمْهَرِيرًا﴾

وصَفَ اللهُ تَعالى حالَ الأبْرارِ بِأنَّهم كانُوا يُوفُونَ بِالنَذْرِ، أيْ بِكُلِّ ما نَذَرُوهُ وأعْطَوْا بِهِ عَهْدًا، يُقالُ: وفى الرَجُلُ وأوفى، واليَوْمُ المُشارُ إلَيْهِ يَوْمُ القِيامَةِ، و"مُسْتَطِيرًا" مَعْناهُ: مُتَّصِلًا شائِعًا كاسْتِطارَةِ الفَجْرِ والصَدْعِ في الزَجّاجُةِ، وبِهِ شُبِّهَ في القَلْبِ، ومِن ذَلِكَ قَوْلُ الأعْشى:

؎ فَبانَتْ وقَدْ أورَثَتْ في الفُؤا دِ صَدْعًا- عَلى نَأْيِها مُسْتَطِيرًا

(p-٤٩٠)وَقَوْلُ ذِي الرُمَّةِ:

؎ أرادَ الطاعِنُونَ لِيَحْزِنُونِي فَهاجُوا ∗∗∗ صَدْعَ قَلْبِي فاسْتَطارا

وقَوْلُهُ تَعالى: "عَلى حُبِّهِ" يُحْتَمَلُ أنْ يَعُودَ الضَمِيرُ عَلى "الطَعامِ"، أيْ: وهو مَحْبُوبٌ لِلْفاقَةِ والحاجَةِ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ ومُجاهِدٌ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَعُودَ عَلى اللهِ تَعالى، أيْ: لِوَجْهِهِ وابْتِغاءِ مَرْضاتِهِ، قالَهُ أبُو سُلَيْمانَ الدَرانِيُّ، والأوَّلُ أمْدَحُ لَهم لِأنَّ فِيهِ الإيثارَ عَلى النَفْسِ، وعَلى الِاحْتِمالِ الثانِي فَقَدْ يَفْعَلُهُ الأغْنِياءُ أكْثَرَ، وقالَ الحَسَنُ بْنُ الفَضْلِ: الضَمِيرُ عائِدٌ عَلى الإطْعامِ، أيْ مُحِقِّينَ في فِعْلِهِمْ ذَلِكَ، لا رِياءَ فِيهِ ولا تَكَلُّفَ. و"المِسْكِينُ": الطَوّافُ المُنْكَشِفُ في السُؤالِ، و"اليَتِيمُ": الصَبِيُّ الَّذِي لا أب لَهُ مِنَ الناسِ، والَّذِي لا أُمَّ لَهُ مِنَ البَهائِمِ، وهي صِفَةٌ قَبْلَ البُلُوغِ، وقالَ النَبِيُّ ﷺ: « "لا يَتِمُّ بَعْدَ حُلْمٍ"،» و"الأسِيرُ" مَعْرُوفٌ، فَقالَ قَتادَةُ: أرادَ أسْرى الكُفّارِ وإنْ كانُوا عَلى غَيْرِ الإسْلامِ، قالَ الحَسَنُ: ما كانَ أسْراهم إلّا مُشْرِكِينَ، لِأنَّ كُلَّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أجْرًا وقالَ بَعْضُ العُلَماءِ: هَذا مِمّا نُسِخَ بِآيَةِ السَيْفِ، وإمّا أنَّهُ مُحْكَمٌ لِيَحْفَظَ حَياةَ الأسِيرِ إلى أنْ يَرى الإمامُ فِيهِ رَأْيَهُ، وقالَ مُجاهِدٌ، وابْنُ جُبَيْرٍ، وعَطاءٌ: أرادَ المَسْجُونِينَ مِنَ الناسِ، ولِهَذا يَحُضُّ عَلى صَدَقَةِ السِجْنِ، فَهَذا تَشْبِيهٌ، ومِن قَوْلِ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عنهُ: "لا يُؤْسَرُ أحَدٌ في الإسْلامِ بِغَيْرِ العُدُولِ" ورَوى الخُدْرِيُّ أنَّ النَبِيَّ ﷺ فَسَّرَ الأسِيرَ هُنا بِالمَمْلُوكِ المَسْجُونِ، وقالَ: أرادَ أسْرى المُسْلِمِينَ الَّذِينَ تُرِكُوا في (p-٤٩١)بِلادِ الحَرْبِ رَهائِنَ وخَرَجُوا في طَلَبِ الفِداءِ، وقالَ أبُو حَمْزَةَ الثَمّالِيُّ: الأسِيرُ هُنا المَرْأةُ، ودَلِيلُهُ قَوْلُهُ ﷺ: « "اسْتَوْصُوا بِالنِساءِ خَيْرًا فَإنَّهُنَّ عَوانٌ عِنْدَكُمْ"،» قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّما نُطْعِمُكم لِوَجْهِ اللهِ﴾ المَعْنى: يَقُولُونَ لَهم عِنْدَ الإطْعامِ، وهَذا إمّا أنْ يَكُونَ المُطْعِمُ يَقُولُ ذَلِكَ نَصًّا، فَحُكِيَ ذَلِكَ، وإمّا أنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِمّا يُقالُ في الأنْفُسِ وبِالنِيَّةِ فَمُدِحَ بِذَلِكَ، وهَذا تَأْوِيلُ ابْنِ مُجاهِدٍ وابْنِ جُبَيْرٍ. وقَرَأ أبُو عَمْرٍو في رِوايَةِ ابْنِ عَيّاشٍ بِجَزْمِ المِيمِ مِن "نُطْعِمُكُمْ"، قالَ أبُو عَلِيٍّ: أسْكَنَ تَخْفِيفًا، و"الشَكُورُ" مَصْدَرٌ كالشُكْرِ، ووَصْفُ اليَوْمِ بِالعُبُوسِ هو عَلى التَجَوُّزِ، كَما تَقُولُ: "لَيْلٌ نائِمٌ" أيْ فِيهِ نَوْمٌ، و"القَمْطَرِيرُ" والقُماطِرُ هو في مَعْنى العُبُوسُ والِارْبِدادِ، يُقالُ: "اقْمَطَرَّ الرَجُلُ" إذا جَمَعَ ما بَيْنَ عَيْنَيْهِ غَضَبًا، ومِنهُ قَوْلُ الشاعِرِ:

؎ بَنِي عَمِّنا هَلْ تَذْكُرُونَ بَلاءَنا عَلَيْكم ∗∗∗ إذا ما كانَ يَوْمَ قُماطِرِ

(p-٤٩٢)وَقالَ الآخَرُ:

؎ فَفِرُّوا إذا ما الحَرْبُ ثارَ غُبارُها ∗∗∗ ولُجْ بِها اليَوْمَ العَبُوسَ القَماطِرَ

وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما: يَعْبِسُ الكافِرُ يَوْمَئِذٍ حَتّى يَسِيلَ مِن بَيْنِ عَيْنَيْهِ مِثْلُ القَطْرانِ، وعَبَّرَ ابْنُ عَبّاسٍ عَنِ القَمْطَرِيرِ بِالطَوِيلِ، وعَبَّرَ عنهُ ابْنُ الكَلْبِيِّ بِالشَدِيدِ، وذَلِكَ كُلُّهُ قَرِيبٌ في المَعْنى.

وقَرَأ الجُمْهُور "فَوَقاهُمْ" بِتَخْفِيفِ القافِ، وقَرَأ أبُو جَعْفَرٍ بْنُ القَعْقاعِ "فَوَقّاهُمْ" بِشَدِّ القافِ، و"النَضِرَةُ" حالُ البَشَرَةِ، وذَلِكَ لا يَكُونُ إلّا مَعَ فَرَحِ النَفْسِ وقُرَّةِ العَيْنِ، وقَرَأ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ: "وَجازاهُمْ" بِألِفٍ، وقَوْلُهُ تَعالى: "بِما صَبَرُوا" عامٌّ عَنِ الشَهَواتِ وعَلى الطاعاتِ والشَدائِدِ، فَفي هَذا يَدْخُلُ كُلُّ ما خَصَّصَ الناسُ مِن صَوْمٍ ونَحْوِهِ، و"مُتَّكِئِينَ" حالٌ مِنَ الضَمِيرِ المَنصُوبِ في "جَزاهُمْ" وهو الهاءُ والمِيمُ، وقَرَأأبُو جَعْفَرٍ وشَيْبَةُ: "مُتَّكِينَ" بِغَيْرِ هَمْزٍ، و"الأرائِكُ": السُرُرُ المَسْتُورَةُ بِالحِجالِ، وهَذا شَرْطٌ لِبَعْضِ اللُغَوِيِّينَ، وقالَ بَعْضُ اللُغَوِيِّينَ: كُلُّ ما يُتَوَسَّدُ ويُفْتَرَشُ مِمّا لَهُ حَشْوٌ فَهو أرِيكَةٌ وإنْ لَمْ يَكُنْ في حَجْلَةٍ. وقَوْلُهُ تَعالى: "لا يَرَوْنَ" الآيَةُ عِبارَةٌ عَنِ اعْتِدالِ مَسِّ هَوائِها، وذَهابِ ضَرُورَتَيِ الحَرِّ والقَرِّ عنها، وكَوْنُ هَوائِها سَجْسَجًا كَما في الحَدِيثِ المَأْثُورِ، ومَسُّ الشَمْسِ وهو أشَدُّ الحَرِّ، والزَمْهَرِيرُ: هو أشَدُّ البَرْدِ، وقالَ ثَعْلَبٌ: الزَمْهَرِيرُ بِلُغَةِ طَيْءٍ القَمَرُ.

Tafsir Resource

QUL supports exporting tafsir content in both JSON and SQLite formats. Tafsir text may include <html> tags for formatting such as <b>, <i>, etc.

Example JSON Format:

{
  "2:3": {
    "text": "tafisr text.",
    "ayah_keys": ["2:3", "2:4"]
  },
  "2:4": "2:3"
}
  • Keys in the JSON are "ayah_key" in "surah:ayah", e.g. "2:3" means 3rd ayah of Surah Al-Baqarah.
  • The value of ayah key can either be:
    • an object — this is the main tafsir group. It includes:
      • text: the tafsir content (can include HTML)
      • ayah_keys: an array of ayah keys this tafsir applies to
    • a string — this indicates the tafsir is part of a group. The string points to the ayah_key where the tafsir text can be found.

SQLite exports includes the following columns

  • ayah_key: the ayah for which this record applies.
  • group_ayah_key: the ayah key that contains the main tafsir text (used for shared tafsir).
  • from_ayah / to_ayah: start and end ayah keys for convenience (optional).
  • ayah_keys: comma-separated list of all ayah keys that this tafsir covers.
  • text: tafsir text. If blank, use the text from the group_ayah_key.