قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَأنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلى الطَّرِيقَةِ لَأسْقَيْناهم ماءً غَدَقًا﴾ وهَذا كَما قالَ تَعالى: ﴿وَلَوْ أنَّهم أقامُوا التَّوْراةَ والإنْجِيلَ وما أُنْزِلَ إلَيْهِمْ مِن رَبِّهِمْ لَأكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ ومِن تَحْتِ أرْجُلِهِمْ﴾ [المائدة: ٦٦]، وقَوْلُهُ: ﴿وَلَوْ أنَّ أهْلَ القُرى آمَنُوا واتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ والأرْضِ﴾ [الأعراف: ٩٦] فَكُلُّها نُصُوصٌ عَلى أنَّ الأُمَّةَ إذا اسْتَقامَتْ عَلى الطَّرِيقَةِ القَوِيمَةِ شِرْعَةِ اللَّهِ لَفَتَحَ عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ والأرْضِ.
وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكم إنَّهُ كانَ غَفّارًا﴾ ﴿يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكم مِدْرارًا﴾ ﴿وَيُمْدِدْكم بِأمْوالٍ وبَنِينَ ويَجْعَلْ لَكم جَنّاتٍ ويَجْعَلْ لَكم أنْهارًا﴾ [نوح: ١٠ - ١٢] .
وَمَفْهُومُ ذَلِكَ: أنَّ مَن لَمْ يَسْتَقِمْ عَلى الطَّرِيقَةِ فَقَدْ يَكُونُ انْحِرافُهُ أوْ شِرْكُهُ مُوجِبًا لِحِرْمانِهِ مِن نِعْمَةِ اللَّهِ تَعالى عَلَيْهِ، كَما جاءَ صَرِيحًا في قَوْلِهِ: ﴿واضْرِبْ لَهم مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِن أعْنابٍ وحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعًا﴾ ﴿كِلْتا الجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها ولَمْ تَظْلِمْ مِنهُ شَيْئًا وفَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَرًا﴾ ﴿وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ﴾ [الكهف: ١٠ - ٣٤] .
فَهَذِهِ نِعْمَةٌ كامِلَةٌ، كَما وصَفَ اللَّهُ تَعالى ﴿فَقالَ لِصاحِبِهِ وهو يُحاوِرُهُ أنا أكْثَرُ مِنكَ مالًا وأعَزُّ نَفَرًا﴾ ﴿وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وهو ظالِمٌ لِنَفْسِهِ قالَ ما أظُنُّ أنْ تَبِيدَ هَذِهِ أبَدًا﴾ ﴿وَما أظُنُّ السّاعَةَ قائِمَةً ولَئِنْ رُدِدْتُ إلى رَبِّي لَأجِدَنَّ خَيْرًا مِنها مُنْقَلَبًا﴾ ﴿قالَ لَهُ صاحِبُهُ وهو يُحاوِرُهُ أكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرابٍ ثُمَّ مِن نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوّاكَ رَجُلًا﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أنْفَقَ فِيها وهي خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها ويَقُولُ يالَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أحَدًا﴾ ﴿وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وما كانَ مُنْتَصِرًا﴾ [الكهف: ٣٤ - ٤٣] .
وَما أشْبَهَ اللَّيْلَةَ بِالبارِحَةِ فِيما يَعِيشُهُ العالَمُ الإسْلامِيُّ اليَوْمَ بَيْنَ الِاتِّجاهَيْنِ المُتَناقِضَيْنِ الشُّيُوعِيِّ والرَّأْسِمالِيِّ. وما أثْبَتَهُ الواقِعُ مِن أنَّ المُعَسْكَرَ الشُّيُوعِيَّ الَّذِي أنْكَرَ وُجُودَ اللَّهِ، وكَفَرَ بِالَّذِي خَلَقَهُ مِن تُرابٍ ثُمَّ مِن نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوّاهُ رَجُلًا، فَإنَّهُ وكُلُّ مَن يَسِيرُ في فَلَكِهِ مَعَ مَدى تَقَدُّمِهِ الصِّناعِيِّ، فَإنَّهُ مُفْتَقِرٌ لِكافَّةِ الأُمَمِ الأُخْرى في اسْتِيرادِ القَمْحِ، وإنَّ رُوسْيا بِنَفْسِها
صفحة ٣٢٠
لَتُفْرِجُ عَنْ بَعْضِ احْتِياطِها مِنَ الذَّهَبِ لِتَشْتَرِيَ قَمْحًا. ولا زالَتْ تَشْتَرِيهِ مِنَ المُعَسْكَرِ الرَّأْسِمالِيِّ.وَهَكَذا الدُّوَلُ الإسْلامِيَّةُ الَّتِي تَأْخُذُ في اقْتِصادِيّاتِها بِالمَذْهَبِ الِاشْتِراكِيِّ المُتَفَرِّعِ مِنَ المَذْهَبِ الشُّيُوعِيِّ؛ فَإنَّها بَعْدَ أنْ كانَتْ تَفِيضُ بِإنْتاجِها الزِّراعِيِّ عَلى غَيْرِها، أصْبَحَتْ تَسْتَوْرِدُ لَوازِمَها الغِذائِيَّةَ مِن خارِجِها، وتِلْكَ سُنَّةُ اللَّهِ في خَلْقِهِ، ولَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ كَما قَصَّ اللَّهُ تَعالى عَلَيْنا قِصَّةَ أصْحابِ الجَنَّةِ: ﴿إذْ أقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ﴾ ﴿وَلا يَسْتَثْنُونَ﴾ ﴿فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِن رَبِّكَ وهم نائِمُونَ﴾، إلى قَوْلِهِ ﴿فَأصْبَحَتْ كالصَّرِيمِ﴾، إلى قَوْلِهِ ﴿قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إنّا كُنّا ظالِمِينَ﴾ [القلم: ١٧ - ٢٩] .
وَلِذا كانَتِ الزَّكاةُ طُهْرَةً لِلْمالِ ونَماءً لَهُ.
وَقَوْلُهُ ﴿لِنَفْتِنَهم فِيهِ﴾ [الجن: ١٧]، أيْ: نَخْتَبِرَهم فِيما هم فاعِلُونَ مِن شُكْرِ النِّعْمَةِ وصَرْفِها فِيما يُرْضِي اللَّهَ، أمِ الطُّغْيانِ بِها ومَنعِ حَقِّها ؟ إنَّ ﴿الإنْسانَ لَيَطْغى﴾ ﴿أنْ رَآهُ اسْتَغْنى﴾ [العلق: ٦ - ٧]، ﴿إنّا جَعَلْنا ما عَلى الأرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهم أيُّهم أحْسَنُ عَمَلًا﴾ [الكهف: ٧]، ﴿إنَّما أمْوالُكم وأوْلادُكم فِتْنَةٌ واللَّهُ عِنْدَهُ أجْرٌ عَظِيمٌ﴾ ﴿فاتَّقُوا اللَّهَ ما اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: ١٥ - ١٦] .
QUL supports exporting tafsir content in both JSON and SQLite formats.
Tafsir text may include <html>
tags for formatting such as <b>
,
<i>
, etc.
Note:
Tafsir content may span multiple ayahs. QUL exports both the tafsir text and the ayahs it applies to.
Example JSON Format:
{ "2:3": { "text": "tafisr text.", "ayah_keys": ["2:3", "2:4"] }, "2:4": "2:3" }
"ayah_key"
in "surah:ayah"
, e.g. "2:3"
means
3rd ayah of Surah Al-Baqarah.
text
: the tafsir content (can include HTML)ayah_keys
: an array of ayah keys this tafsir applies toayah_key
where the tafsir text can be found.
ayah_key
: the ayah for which this record applies.group_ayah_key
: the ayah key that contains the main tafsir text (used for shared tafsir).
from_ayah
/ to_ayah
: start and end ayah keys for convenience (optional).ayah_keys
: comma-separated list of all ayah keys that this tafsir covers.text
: tafsir text. If blank, use the text
from the group_ayah_key
.