Al-Bahr Al-Muhit

Multiple Ayahs

Tags

Download Links

Al-Bahr Al-Muhit tafsir for Surah Al-Qiyamah — Ayah 30

وَٱلۡتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ ٢٩ إِلَىٰ رَبِّكَ يَوۡمَئِذٍ ٱلۡمَسَاقُ ٣٠ فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّىٰ ٣١ وَلَٰكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ ٣٢ ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ يَتَمَطَّىٰٓ ٣٣ أَوۡلَىٰ لَكَ فَأَوۡلَىٰ ٣٤ ثُمَّ أَوۡلَىٰ لَكَ فَأَوۡلَىٰٓ ٣٥ أَيَحۡسَبُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَن يُتۡرَكَ سُدًى ٣٦ أَلَمۡ يَكُ نُطۡفَةٗ مِّن مَّنِيّٖ يُمۡنَىٰ ٣٧ ثُمَّ كَانَ عَلَقَةٗ فَخَلَقَ فَسَوَّىٰ ٣٨ فَجَعَلَ مِنۡهُ ٱلزَّوۡجَيۡنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلۡأُنثَىٰٓ ٣٩ أَلَيۡسَ ذَٰلِكَ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يُحۡـِۧيَ ٱلۡمَوۡتَىٰ ٤٠

﴿والتَفَّتِ السّاقُ بِالسّاقِ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ والرَّبِيعُ بْنُ أنَسٍ وإسْماعِيلُ بْنُ أبِي خالِدٍ: اسْتِعارَةٌ لِشِدَّةِ كَرْبِ الدُّنْيا في آخِرِ يَوْمٍ مِنها، وشَدَّةِ كَرْبِ الآخِرَةِ في أوَّلِ يَوْمٍ مِنها؛ لِأنَّهُ بَيْنَ الحالَيْنِ قَدِ اخْتَلَطا بِهِ، كَما يَقُولُ: شَمَّرَتِ الحَرْبُ عَنْ ساقٍ، اسْتِعارَةً لِشِدَّتِها. وقالَ ابْنُ المُسَيَّبِ والحَسَنُ: هي حَقِيقَةٌ، والمُرادُ ساقا المَيِّتِ عِنْدَما لُفّا في الكَفَنِ. وقالَ الشَّعْبِيُّ وقَتادَةُ وأبُو مالِكٍ: التِفافُهُما لِشِدَّةِ المَرَضِ؛ لِأنَّهُ يَقْبِضُ ويَبْسُطُ ويُرَكِّبُ هَذِهِ عَلى هَذِهِ. وقالَ الضَّحّاكُ: أسْوُقُ حاضِرِيهِ مِنَ الإنْسِ والمَلائِكَةِ. هَؤُلاءِ يُجَهِّزُونَهُ إلى القَبْرِ، وهَؤُلاءِ يُجَهِّزُونَ رُوحَهُ إلى السَّماءِ. وقِيلَ: التِفافُهُما: مَوْتُهُما أوَّلًا، إذْ هُما أوَّلُ ما تَخْرُجُ الرُّوحَ مِنهُما فَتَبْرُدانِ قَبْلَ سائِرِ الأعْضاءِ. وجَوابُ (إذا) مَحْذُوفٌ، تَقْدِيرُهُ: وجَدَ ما عَمِلَهُ في الدُّنْيا مِن خَيْرٍ وشَرٍّ.

﴿إلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ المَساقُ﴾ المَرْجِعُ والمَصِيرُ، و﴿المَساقُ﴾ مَفْعَلٌ مِنَ السَّوْقِ، فَهو اسْمُ مَصْدَرٍ، إمّا إلى جَنَّةٍ، وإمّا إلى نارٍ.

﴿فَلا صَدَّقَ ولا صَلّى﴾ . الجُمْهُورُ أنَّها نَزَلَتْ في أبِي جَهْلٍ وكادَتْ أنْ تُصَرِّحَ بِهِ في قَوْلِهِ: ﴿يَتَمَطّى﴾ . فَإنَّها كانَتْ مِشْيَتَهُ ومِشْيَةَ قَوْمِهِ بَنِي مَخْزُومٍ، وكانَ يُكْثِرُ مِنها. وتَقَدَّمَ أيْضًا أنَّهُ قِيلَ في قَوْلِهِ: ﴿أيَحْسَبُ الإنْسانُ ألَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ﴾ [القيامة: ٣] أنَّها نَزَلَتْ في أبِي جَهْلٍ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: يَعْنِي الإنْسانَ في قَوْلِهِ: ﴿أيَحْسَبُ الإنْسانُ ألَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ﴾ [القيامة: ٣] . ألا تَرى إلى قَوْلِهِ: ﴿أيَحْسَبُ الإنْسانُ أنْ يُتْرَكَ سُدًى﴾ وهو مَعْطُوفٌ عَلى قَوْلِهِ: ﴿يَسْألُ أيّانَ يَوْمُ القِيامَةِ﴾ [القيامة: ٦] أيْ: لا يُؤْمِنُ بِالبَعْثِ ﴿فَلا صَدَّقَ﴾ بِالرَّسُولِ والقُرْآنِ، ﴿ولا صَلّى﴾ . ويَجُوزُ أنْ يُرادَ: فَلا صَدَّقَ مالَهُ، يَعْنِي فَلا زَكّاهُ. انْتَهى. وكَوْنُ ﴿فَلا صَدَّقَ﴾ مَعْطُوفًا عَلى قَوْلِهِ: (يَسْألُ) فِيهِ بُعْدٌ، ولا هُنا نَفَتِ الماضِي، أيْ: لَمْ يَصَّدَّقْ ولَمْ يُصَلِّ. وفي هَذا دَلِيلٌ عَلى أنَّ لا تَدْخُلُ عَلى الماضِي فَتَنْصِبُهُ، ومِثْلُهُ قَوْلُهُ:

وأيُّ خَمِيسٍ لا أتانا نَهابُهُ وأسْيافُنا يَقْطُرْنَ مِن كَبْشَةٍ دَما

وقالَ الرّاجِزُ:

إنْ تَغْفِرِ اللَّهُمَّ تَغْفِرْ جَمًّا ∗∗∗ وأيُّ عَبْدٍ لَكَ لا ألَمّا

وصَدَّقَ: مَعْناهُ بِرِسالَةِ اللَّهِ. وقالَ قَوْمٌ: هو مِنَ الصَّدَقَةِ، وهَذا الَّذِي يَظْهَرُ نَفى عَنْهُ الزَّكاةَ والصَّلاةَ وأثْبَتَ لَهُ التَّكْذِيبَ، كَقَوْلِهِ: ﴿لَمْ نَكُ مِنَ المُصَلِّينَ﴾ [المدثر: ٤٣] ﴿ولَمْ نَكُ نُطْعِمُ المِسْكِينَ﴾ [المدثر: ٤٤] ﴿وكُنّا نَخُوضُ مَعَ الخائِضِينَ﴾ [المدثر: ٤٥] ﴿وكُنّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ﴾ [المدثر: ٤٦] . وحَمْلُ ﴿فَلا صَدَّقَ﴾ عَلى نَفْيِ التَّصْدِيقِ بِالرِّسالَةِ، فَيَقْتَضِي أنْ يَكُونَ ﴿ولَكِنْ كَذَّبَ﴾ تَكْرارًا. ولَزِمَ أنْ يَكُونَ (لَكِنْ) اسْتِدْراكًا بَعْدَ ﴿ولا صَلّى﴾ لا بَعْدَ ﴿فَلا صَدَّقَ﴾؛ لِأنَّهُ كانَ يَتَساوى الحُكْمُ في ﴿فَلا صَدَّقَ﴾ وفي (كَذَّبَ)، ولا يَجُوزُ ذَلِكَ، إذْ لا يَقَعُ لَكِنْ بَعْدَ مُتَوافِقِينَ. (وتَوَلّى): أعْرَضَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وكَذَّبَ بِما جاءَ بِهِ.

﴿ثُمَّ ذَهَبَ إلى أهْلِهِ﴾ أيْ: قَوْمِهِ، ﴿يَتَمَطّى﴾: يَبَخْتَرُ في مِشْيَتِهِ. رُوِيَ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَبَّبَ أبا جَهْلٍ يَوْمًا في البَطْحاءِ وقالَ لَهُ: (إنَّ اللَّهَ يَقُولُ لَكَ أوْلى فَأوْلى لَكَ)» فَنَزَلَ القُرْآنُ عَلى نَحْوِها، وقالَتِ الخَنْساءُ:

هَمَمْتُ بِنَفْسِي كُلَّ الهُمُو ∗∗∗ مِ فَأوْلى لِنَفْسِي أوْلى لَها

وتَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى (أوْلى) شَرْحًا وإعْرابًا في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَأوْلى لَهُمْ﴾ [محمد: ٢٠] ﴿طاعَةٌ وقَوْلٌ مَعْرُوفٌ﴾ [محمد: ٢١] في سُورَةِ القِتالِ، وتَكْرارُهُ هُنا مُبالَغَةٌ في التَّهْدِيدِ والوَعِيدِ. ولَمّا ذَكَرَ حالَهُ في المَوْتِ وما كانَ مِن حالِهِ في الدُّنْيا، قَرَّرَ لَهُ أحْوالَهُ في بِدايَتِهِ لِيَتَأمَّلَها، فَلا يُنْكِرُ مَعَها جَوازَ البَعْثِ مِنَ القُبُورِ. وقَرَأ الجُمْهُورُ: ﴿ألَمْ يَكُ﴾ بِياءِ الغَيْبَةِ.

صفحة ٣٩١

والحَسَنُ: بِتاءِ الخِطابِ عَلى سَبِيلِ الِالتِفاتِ. وقَرَأ الجُمْهُورُ: تُمْنى، أيِ: النُّطْفَةُ يُمْنِيها الرَّجُلُ. وابْنُ مُحَيْصِنٍ والجَحْدَرِيُّ وسَلّامٌ ويَعْقُوبُ وحَفْصٌ وأبُو عُمَرَ: بِخِلافٍ عَنْهُ بِالياءِ، أيْ: يُمْنِي هو، أيِ: المَنِيُّ، فَخَلَقَ اللَّهُ مِنهُ بَشَرًا مُرَكَّبًا مِن أشْياءَ مُخْتَلِفَةٍ. (فَسَوّى) أيْ: سَوّاهُ شَخْصًا مُسْتَقِلًّا.

﴿فَجَعَلَ مِنهُ الزَّوْجَيْنِ﴾ أيِ: النَّوْعَيْنِ أوِ المُزْدَوَجَيْنِ مِنَ البَشَرِ، وفي قِراءَةِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ: الزَّوْجانِ بِالألِفِ، وكَأنَّهُ عَلى لُغَةِ بَنِي الحارِثِ بْنِ كَعْبٍ ومَن وافَقَهم مِنَ العَرَبِ مِن كَوْنِ المُثَنّى بِالألِفِ في جَمِيعِ أحْوالِهِ. وقَرَأ أيْضًا: يَقْدِرُ مُضارِعًا. والجُمْهُورُ: (بِقادِرٍ) اسْمُ فاعِلٍ مَجْرُورٍ بِالباءِ الزّائِدَةِ.

﴿ألَيْسَ ذَلِكَ﴾ أيِ: الخالِقُ المُسَوِّي، (بِقادِرٍ)، وفِيهِ تَوْقِيفٌ وتَوْبِيخٌ لِمُنْكِرِ البَعْثِ. وقَرَأ طَلْحَةُ بْنُ سُلَيْمانَ والفَيْضُ بْنُ غَزَوانَ: بِسُكُونِ الياءِ مِن قَوْلِهِ: (أنْ يُحْيِيَ) وهي حَرَكَةُ إعْرابٍ لا تَنْحَذِفُ إلّا في الوَقْفِ، وقَدْ جاءَ في الشِّعْرِ حَذْفُها. وقَرَأ الجُمْهُورُ: بِفَتْحِها. وجاءَ عَنْ بَعْضِهِمْ (يُحِيِّي) بِنَقْلِ حَرَكَةِ الياءِ إلى الحاءِ وإدْغامِ الياءِ في الياءِ. قالَ ابْنُ خالَوَيْهِ: لا يُجِيزُ أهْلُ البَصْرَةِ سِيبَوَيْهِ وأصْحابُهُ إدْغامَ (يُحِيِّي)، قالُوا لِسُكُونِ الياءِ الثّانِيَةِ، ولا يَعْتَدُّونَ بِالفَتْحَةِ في الياءِ؛ لِأنَّها حَرَكَةُ إعْرابٍ غَيْرُ لازِمَةٍ. وأمّا الفَرّاءُ فاحْتَجَّ بِهَذا البَيْتِ:

تَمْشِي بِشِدَّةٍ بَيْنَها فَتُعيِّي

يُرِيدُ: فَتُعْيِي، واللَّهُ تَعالى أعْلَمُ.

Tafsir Resource

QUL supports exporting tafsir content in both JSON and SQLite formats. Tafsir text may include <html> tags for formatting such as <b>, <i>, etc.

Example JSON Format:

{
  "2:3": {
    "text": "tafisr text.",
    "ayah_keys": ["2:3", "2:4"]
  },
  "2:4": "2:3"
}
  • Keys in the JSON are "ayah_key" in "surah:ayah", e.g. "2:3" means 3rd ayah of Surah Al-Baqarah.
  • The value of ayah key can either be:
    • an object — this is the main tafsir group. It includes:
      • text: the tafsir content (can include HTML)
      • ayah_keys: an array of ayah keys this tafsir applies to
    • a string — this indicates the tafsir is part of a group. The string points to the ayah_key where the tafsir text can be found.

SQLite exports includes the following columns

  • ayah_key: the ayah for which this record applies.
  • group_ayah_key: the ayah key that contains the main tafsir text (used for shared tafsir).
  • from_ayah / to_ayah: start and end ayah keys for convenience (optional).
  • ayah_keys: comma-separated list of all ayah keys that this tafsir covers.
  • text: tafsir text. If blank, use the text from the group_ayah_key.