You are reading tafsir of 7 ayahs: 77:1 to 77:7.
سُورَةُ المُرْسَلاتِ مَكِّيَّةٌ وهي خَمْسُونَ آيَةً
﷽
﴿والمُرْسَلاتِ عُرْفًا﴾ ﴿فالعاصِفاتِ عَصْفًا﴾ ﴿والنّاشِراتِ نَشْرًا﴾ ﴿فالفارِقاتِ فَرْقًا﴾ ﴿فالمُلْقِياتِ ذِكْرًا﴾ ﴿عُذْرًا أوْ نُذْرًا﴾ ﴿إنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ﴾ ﴿فَإذا النُّجُومُ طُمِسَتْ﴾ [المرسلات: ٨] ﴿وإذا السَّماءُ فُرِجَتْ﴾ [المرسلات: ٩] ﴿وإذا الجِبالُ نُسِفَتْ﴾ [المرسلات: ١٠] ﴿وإذا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ﴾ [المرسلات: ١١] ﴿لِأيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ﴾ [المرسلات: ١٢] ﴿لِيَوْمِ الفَصْلِ﴾ [المرسلات: ١٣] ﴿وما أدْراكَ ما يَوْمُ الفَصْلِ﴾ [المرسلات: ١٤] ﴿ويْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ١٥] ﴿ألَمْ نُهْلِكِ الأوَّلِينَ﴾ [المرسلات: ١٦] ﴿ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الآخِرِينَ﴾ [المرسلات: ١٧] ﴿كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالمُجْرِمِينَ﴾ [المرسلات: ١٨] ﴿ويْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ١٩] ﴿ألَمْ نَخْلُقْكم مِن ماءٍ مَهِينٍ﴾ [المرسلات: ٢٠] ﴿فَجَعَلْناهُ في قَرارٍ مَكِينٍ﴾ [المرسلات: ٢١] ﴿إلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾ [المرسلات: ٢٢] ﴿فَقَدَرْنا فَنِعْمَ القادِرُونَ﴾ [المرسلات: ٢٣] ﴿ويْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ٢٤] ﴿ألَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ كِفاتًا﴾ [المرسلات: ٢٥] ﴿أحْياءً وأمْواتًا﴾ [المرسلات: ٢٦] ﴿وجَعَلْنا فِيها رَواسِيَ شامِخاتٍ وأسْقَيْناكم ماءً فُراتًا﴾ [المرسلات: ٢٧] ﴿ويْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ٢٨] ﴿انْطَلِقُوا إلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾ [المرسلات: ٢٩] ﴿انْطَلِقُوا إلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ﴾ [المرسلات: ٣٠] ﴿لا ظَلِيلٍ ولا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ﴾ [المرسلات: ٣١] ﴿إنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كالقَصْرِ﴾ [المرسلات: ٣٢] ﴿كَأنَّهُ جِمالَةٌ صُفْرٌ﴾ [المرسلات: ٣٣] ﴿ويْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ٣٤] ﴿هَذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ﴾ [المرسلات: ٣٥] ﴿ولا يُؤْذَنُ لَهم فَيَعْتَذِرُونَ﴾ [المرسلات: ٣٦] ﴿ويْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ٣٧] ﴿هَذا يَوْمُ الفَصْلِ جَمَعْناكم والأوَّلِينَ﴾ [المرسلات: ٣٨] ﴿فَإنْ كانَ لَكم كَيْدٌ فَكِيدُونِ﴾ [المرسلات: ٣٩] ﴿ويْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ٤٠] ﴿إنَّ المُتَّقِينَ في ظِلالٍ وعُيُونٍ﴾ [المرسلات: ٤١] ﴿وفَواكِهَ مِمّا يَشْتَهُونَ﴾ [المرسلات: ٤٢] ﴿كُلُوا واشْرَبُوا هَنِيئًا بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [المرسلات: ٤٣] ﴿إنّا كَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ﴾ [المرسلات: ٤٤] ﴿ويْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ٤٥] ﴿كُلُوا وتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إنَّكم مُجْرِمُونَ﴾ [المرسلات: ٤٦] ﴿ويْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ٤٧] ﴿وإذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ﴾ [المرسلات: ٤٨] ﴿ويْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ٤٩] ﴿فَبِأيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ﴾ [المرسلات: ٥٠] فَرَجْتُ الشَّيْءَ: فَتَحْتُهُ فانْفَرَجَ، قالَ الرّاجِزُ:
الفارِجُو بابِ الأمِيرِ المُبْهَمِ
كَفَتَ: ضَمَّ وجَمَعَ، ومِنهُ قَوْلُهُ، عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: (اكْفِتُوا صِبْيانَكم) . ومِنهُ قِيلَ لِبَقِيعِ الغَرْقَدِ: كَفَتَ وكَفَتَهُ، والكِفاتُ اسْمٌ لِما يُكْفَتُ، كالضِّمامِ والجِماعِ، يُقالُ: هَذا البابُ جِماعُ الأبْوابِ، وقالَ الصَّمْصامَةُ بْنُ الطِّرْماحِ:فَأنْتَ اليَوْمَ فَوْقَ الأرْضِ حَيٌّ ∗∗∗ وأنْتَ غَدًا تَضُمُّكَ في كِفاتِ
وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ: الكِفاتُ: الوِعاءُ. شَمَخَ: ارْتَفَعَ. الشَّرَرُ: ما تَطايَرَ مِنَ النّارِ مُتَبَدِّدًا في كُلِّ جِهَةٍ، واحِدُهُ شَرَرَةٌ، ولُغَةُ تَمِيمٍ: شَرارٌ بِالألِفِ واحِدُهُ شَرارَةٌ. القَصْرُ: الدّارُ الكَبِيرَةُ المُشَيَّدَةُ، والقَصْرُ: قِطَعٌ مِنَ الخَشَبِ قَدْرَ الذِّراعِ وفَوْقَهُ ودُونَهُ يُسْتَعَدُّ بِهِ لِلشِّتاءِ، واحِدُهُ قَصْرَةٌ، والقَصَرُ، بِفَتْحِ الصّادِ:صفحة ٤٠٣
أعْناقُ الإبِلِ والنَّخْلِ والنّاسِ، واحِدُهُ قَصَرَةٌ، وبِكَسْرِ القافِ وفَتْحِ الصّادِ جَمْعُ قَصْرَةٍ، كَحَلْقَةٍ مِنَ الحَدِيدِ وحِلَقٍ، واللَّهُ تَعالى أعْلَمُ.﴿والمُرْسَلاتِ عُرْفًا﴾ ﴿فالعاصِفاتِ عَصْفًا﴾ ﴿والنّاشِراتِ نَشْرًا﴾ ﴿فالفارِقاتِ فَرْقًا﴾ ﴿فالمُلْقِياتِ ذِكْرًا﴾ ﴿عُذْرًا أوْ نُذْرًا﴾ ﴿إنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ﴾ ﴿فَإذا النُّجُومُ طُمِسَتْ﴾ [المرسلات: ٨] ﴿وإذا السَّماءُ فُرِجَتْ﴾ [المرسلات: ٩] ﴿وإذا الجِبالُ نُسِفَتْ﴾ [المرسلات: ١٠] ﴿وإذا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ﴾ [المرسلات: ١١] ﴿لِأيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ﴾ [المرسلات: ١٢] ﴿لِيَوْمِ الفَصْلِ﴾ [المرسلات: ١٣] ﴿وما أدْراكَ ما يَوْمُ الفَصْلِ﴾ [المرسلات: ١٤] ﴿ويْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ١٥] ﴿ألَمْ نُهْلِكِ الأوَّلِينَ﴾ [المرسلات: ١٦] ﴿ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الآخِرِينَ﴾ [المرسلات: ١٧] ﴿كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالمُجْرِمِينَ﴾ [المرسلات: ١٨] ﴿ويْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ١٩] ﴿ألَمْ نَخْلُقْكم مِن ماءٍ مَهِينٍ﴾ [المرسلات: ٢٠] ﴿فَجَعَلْناهُ في قَرارٍ مَكِينٍ﴾ [المرسلات: ٢١] ﴿إلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾ [المرسلات: ٢٢] ﴿فَقَدَرْنا فَنِعْمَ القادِرُونَ﴾ [المرسلات: ٢٣] ﴿ويْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ٢٤] ﴿ألَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ كِفاتًا﴾ [المرسلات: ٢٥] ﴿أحْياءً وأمْواتًا﴾ [المرسلات: ٢٦] ﴿وجَعَلْنا فِيها رَواسِيَ شامِخاتٍ وأسْقَيْناكم ماءً فُراتًا﴾ [المرسلات: ٢٧] ﴿ويْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ٢٨] .
هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ، وحُكِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وقَتادَةَ، ومُقاتِلٍ أنَّ فِيها آيَةً مَدَنِيَّةً وهي: ﴿وإذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ﴾ [المرسلات: ٤٨] ومُناسَبَتُها لِما قَبْلَها ظاهِرَةٌ جِدًّا، وهو أنَّهُ تَعالى يَرْحَمُ مَن يَشاءُ ويُعَذِّبُ الظّالِمِينَ، فَهَذا وعْدٌ مِنهُ صادِقٌ، فَأقْسَمَ عَلى وُقُوعِهِ في هَذِهِ، فَقالَ: ﴿إنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ﴾ ولَمّا كانَ المُقْسَمُ بِهِ مَوْصُوفاتٍ قَدْ حُذِفَتْ وأُقِيمَتْ صِفاتُها مَقامَها وقَعَ الخِلافُ في تَعْيِينِ تِلْكَ المَوْصُوفاتِ، فَقالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وأبُو هُرَيْرَةَ، وأبُو صالِحٍ، ومُقاتِلٌ، والفَرّاءُ: (والمُرْسَلاتِ): المَلائِكَةُ أُرْسِلَتْ بِالعُرْفِ ضِدَّ النُّكْرِ وهو الوَحْيُ، فَبِالتَّعاقُبِ عَلى العِبادِ طَرَفَيِ النَّهارِ. وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ وجَماعَةٌ: الأنْبِياءُ،
صفحة ٤٠٤
ومَعْنى عُرْفًا: إفْضالًا مِنَ اللَّهِ تَعالى عَلى عِبادِهِ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ:لا يَذْهَبُ العُرْفُ بَيْنَ اللَّهِ والنّاسِ
وانْتِصابُهُ عَلى أنَّهُ مَفْعُولٌ لَهُ، أيْ أُرْسِلْنَ لِلْإحْسانِ والمَعْرُوفِ، أوْ مُتَتابِعَةً تَشْبِيهًا بِعُرْفِ الفَرَسِ في تَتابُعِ شَعْرِهِ وأعْرافِ الخَيْلِ، وتَقُولُ العَرَبُ: النّاسُ إلى فُلانٍ عُرْفٌ واحِدٌ إذا تَوَجَّهُوا إلَيْهِ مُتَتابِعِينَ، وهم عَلَيْهِ كَعُرْفِ الضَّبُعِ إذا تَألَّبُوا عَلَيْهِ، وانْتِصابُهُ عَلى الحالِ. وقالَ ابْنُ مَسْعُودٍ أيْضًا، وابْنُ عَبّاسٍ أيْضًا، ومُجاهِدٌ وقَتادَةُ: الرِّياحُ. وقالَ الحَسَنُ: السَّحابُ. وقَرَأ الجُمْهُورُ: (عُرْفًا) بِسُكُونِ الرّاءِ، وعِيسى: بِضَمِّها.﴿فالعاصِفاتِ﴾ قالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الشَّدِيداتُ الهُبُوبِ. وقِيلَ: المَلائِكَةُ تَعْصِفُ بِأرْواحِ الكُفّارِ، أيْ تُزْعِجُها بِشِدَّةٍ، أوْ تَعْصِفُ في مُضِيِّها كَما تَعْصِفُ الرِّياحُ تَحَقُّقًا في امْتِثالِ أمْرِهِ. وقِيلَ: هي الآياتُ المُهْلِكَةُ، كالزَّلازِلِ والصَّواعِقِ والخُسُوفِ (والنّاشِراتِ) قالَ السُّدِّيُّ، وأبُو صالِحٍ، ومُقاتِلٌ: المَلائِكَةُ تَنْشُرُ صُحُفَ العِبادِ بِالأعْمالِ. وقالَ الرَّبِيعُ: المَلائِكَةُ تَنْشُرُ النّاسَ مِن قُبُورِهِمْ. وقالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، والحَسَنُ، ومُجاهِدٌ، وقَتادَةُ: الرِّياحُ تَنْشُرُ رَحْمَةَ اللَّهِ ومَطَرَهُ. وقالَ أبُو صالِحٍ: الأمْطارُ تُحْيِي الأرْضَ بِالنَّباتِ. وقالَ الضَّحّاكُ: الصُّحُفُ تُنْشَرُ عَلى اللَّهِ تَعالى بِأعْمالِ العِبادِ، فَعَلى هَذا تَكُونُ النّاشِراتُ عَلى مَعْنى النَّسَبِ، أيْ: ذاتُ النَّشْرِ ﴿فالفارِقاتِ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ وابْنُ مَسْعُودٍ، وأبُو صالِحٍ، ومُجاهِدٌ، والضَّحّاكُ: المَلائِكَةُ تُفَرِّقُ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ، والحَلالِ والحَرامِ. وقالَ قَتادَةُ والحَسَنُ، وابْنُ كَيْسانَ: آياتُ القُرْآنِ فَرَّقَتْ بَيْنَ الحَلالِ والحَرامِ. وقالَ مُجاهِدٌ أيْضًا: الرِّياحُ تُفَرِّقُ بَيْنَ السَّحابِ فَتُبَدِّدُهُ. وقِيلَ: الرُّسُلُ، حَكاهُ الزَّجّاجُ. وقِيلَ: السَّحابُ الماطِرُ تَشْبِيهًا بِالنّاقَةِ الفارُوقِ، وهي الحامِلُ الَّتِي تَجْزَعُ حِينَ تَضَعُ. وقِيلَ: العُقُولُ تُفَرِّقُ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ، والصَّحِيحِ والفاسِدِ ﴿فالمُلْقِياتِ ذِكْرًا﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ، وقَتادَةُ والجُمْهُورُ: المَلائِكَةُ تُلْقِي ما حَمَلَتْ مِنَ الوَحْيِ إلى الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ. وقالَ قُطْرُبٌ: الرُّسُلُ تُلْقِي ما أُنْزِلَ عَلَيْها إلى الأُمَمِ. وقالَ الرَّبِيعُ: آياتُ القُرْآنِ أُلْقِيَتْ عَلى النَّبِيِّ ﷺ، واخْتارَ الزَّمَخْشَرِيُّ مِنَ الأقْوالِ أنْ تَكُونَ ﴿والمُرْسَلاتِ﴾ إلى آخِرِ الأوْصافِ: إمّا لِلْمَلائِكَةِ، وإمّا لِلرِّياحِ، فَلِلْمَلائِكَةِ تَكُونُ عُذْرًا لِلْمُحَقِّقِينَ، أوْ نُذْرًا لِلْمُبْطِلِينَ، ولِلرِّياحِ يَكُونُ المَعْنى: فَألْقَيْنَ ذِكْرًا، إمّا عُذْرًا لِلَّذِينِ يَعْتَذِرُونَ إلى اللَّهِ تَعالى بِتَوْبَتِهِمْ واسْتِغْفارِهِمْ إذا رَأوْا نِعْمَةَ اللَّهِ في الغَيْثِ ويَشْكُرُونَها، وإمّا إنْذارًا لِلَّذِينِ يَغْفُلُونَ عَنِ الشُّكْرِ لِلَّهِ ويَنْسُبُونَ ذَلِكَ إلى الأنْواءِ، وجُعِلْنَ مُلْقِياتٍ لِلذِّكْرِ لِكَوْنِهِنَّ سَبَبًا في حُصُولِهِ إذا شُكِرَتِ النِّعْمَةُ فِيهِنَّ، أوْ كُفِرَتْ، قالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ، والَّذِي أراهُ أنَّ المُقْسَمَ بِهِ شَيْئانِ، ولِذَلِكَ جاءَ العَطْفُ بِالواوِ في (والنّاشِراتِ) والعَطْفُ بِالواوِ يُشْعِرُ بِالتَّغايُرِ، بَلْ هو مَوْضُوعُهُ في لِسانِ العَرَبِ، وأمّا العَطْفُ بِالفاءِ إذا كانَ في الصِّفاتِ، فَيَدُلُّ عَلى أنَّها راجِعَةٌ إلى العادِياتِ، وهي الخَيْلُ، وكَقَوْلِهِ:
يا لَهْفَ زَيّابَةَ لِلْحارِثِ فالصّا ∗∗∗ بِحِ فالغانِمِ فالآيِبِ
فَهَذِهِ راجِعَةٌ لِمَوْصُوفٍ واحِدٍ وهو الحارِثُ، فَإذا تَقَرَّرَ هَذا، فالظّاهِرُ أنَّهُ أقْسَمَ أوَّلًا بِالرِّياحِ، فَهي مُرْسَلاتُهُ تَعالى، ويَدُلُّ عَلَيْهِ عَطْفُ الصِّفَةِ بِالفاءِ كَما قُلْنا، وأنَّ العَصْفَ مِن صِفاتِ الرِّيحِ في عِدَّةِ مَواضِعَ مِنَ القُرْآنِ، والقِسْمُ الثّانِي فِيهِ تَرَقٍ إلى أشْرَفَ مِنَ المُقْسَمِ بِهِ الأوَّلِ وهُمُ المَلائِكَةُ، ويَكُونُ ﴿فالفارِقاتِ﴾، ﴿فالمُلْقِياتِ﴾ مِن صِفاتِهِمْ، كَما قُلْنا في عَطْفِ الصِّفاتِ وإلْقاؤُهُمُ الذِّكْرَ وهو ما أنْزَلَ اللَّهُ يَصِحُّ إسْنادُهُ إلَيْهِمْ، وقَرَأ الجُمْهُورُ: ﴿فالمُلْقِياتِ﴾ اسْمُ فاعِلٍ خَفِيفٌ، أيْ نَطْرُقُهُ إلَيْهِمْ، وابْنُ عَبّاسٍ: مُشَدَّدٌ مِنَ التَّلْقِيَةِ، وهي أيْضًا إيصالُ الكَلامِ إلى المُخاطَبِ، يُقالُ: لَقَّيْتُهُ الذِّكْرَ فَتَلَقّاهُ، وقَرَأ أيْضًا ابْنُ عَبّاسٍ، فِيما ذَكَرَهُ الَمَهْدَوِيُّ: بِفَتْحِ اللّامِ والقافِ مُشَدَّدَةً اسْمُ مَفْعُولٍ، أيْ تَلَقَّتْهُ مِن قِبَلِ اللَّهِ تَعالى.وقَرَأ إبْراهِيمُ التَّيْمِيُّ والنَّحْوِيّانِ
صفحة ٤٠٥
وحَفْصٌ: ﴿عُذْرًا أوْ نُذْرًا﴾ بِسُكُونِ الذّالَيْنِ، وزَيْدُ بْنُ ثابِتٍ، وابْنُ خارِجَةَ وطَلْحَةُ، وأبُو جَعْفَرٍ، وأبُو حَيْوَةَ، وعِيسى، والحَسَنُ بِخِلافٍ، والأعْشى، عَنْ أبِي بَكْرٍ: بِضَمِّهِما، وأبُو جَعْفَرٍ أيْضًا وشَيْبَةُ، وزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ والحَرَمِيّانِ، وابْنُ عامِرٍ وأبُو بَكْرٍ: بِسُكُونِها في (عُذْرًا) وضَمِّها في ﴿نُذْرًا﴾، فالسُّكُونُ عَلى أنَّهُما مَصْدَرانِ مُفْرَدانِ، أوْ مَصْدَرانِ جَمْعانِ، فَـ(عُذْرًا) جَمْعُ عَذِيرٍ بِمَعْنى المَعْذِرَةِ، و﴿نُذْرًا﴾ جَمْعُ نَذِيرٍ بِمَعْنى الإنْذارِ، وانْتِصابُهُما عَلى البَدَلِ مِن (ذِكْرًا) كَأنَّهُ قِيلَ: فالمُلْقِياتِ عُذْرًا أوْ نُذْرًا، أوْ عَلى المَفْعُولِ مِن أجْلِهِ، أوْ عَلى أنَّهُما مَصْدَرانِ في مَوْضِعِ الحالِ، أيْ عاذِرِينَ أوْ مُنْذِرِينَ، ويَجُوزُ مَعَ الإسْكانِ أنْ يَكُونا جَمْعَيْنِ عَلى ما قَرَّرْناهُ، وقِيلَ: يَصِحُّ انْتِصابُ ﴿عُذْرًا أوْ نُذْرًا﴾ عَلى المَفْعُولِ بِهِ بِالمَصْدَرِ الَّذِي هو (ذِكْرًا) أيْ فالمُلْقِياتِ، أيْ فَذَكَرُوا عُذْرًا، وفِيهِ بُعْدٌ لِأنَّ المَصْدَرَ هُنا لا يُرادُ بِهِ العَمَلُ، إنَّما يُرادُ بِهِ الحَقِيقَةُ لِقَوْلِهِ: (أأُلْقِيَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ) والإعْذارُ هو بِقِيامِ الحُجَّةِ عَلى الخَلْقِ، والإنْذارُ هو بِالعَذابِ والنِّقْمَةِ ﴿إنَّما تُوعَدُونَ﴾: أيْ مِنَ الجَزاءِ بِالثَّوابِ والعِقابِ (لَواقِعٌ): وما مَوْصُولَةٌ، وإنْ كانَتْ قَدْ كُتِبَتْ مَوْصُولَةً بِإنَّ وهَذِهِ الجُمْلَةُ هي المُقْسَمُ عَلَيْها، وقَرَأ الجُمْهُورُ: ﴿أوْ نُذْرًا﴾ بِواوِ التَّفْصِيلِ، وإبْراهِيمُ التَّيْمِيُّ: (ونُذْرًا) بِواوِ العَطْفِ.
QUL supports exporting tafsir content in both JSON and SQLite formats.
Tafsir text may include <html>
tags for formatting such as <b>
,
<i>
, etc.
Note:
Tafsir content may span multiple ayahs. QUL exports both the tafsir text and the ayahs it applies to.
Example JSON Format:
{ "2:3": { "text": "tafisr text.", "ayah_keys": ["2:3", "2:4"] }, "2:4": "2:3" }
"ayah_key"
in "surah:ayah"
, e.g. "2:3"
means
3rd ayah of Surah Al-Baqarah.
text
: the tafsir content (can include HTML)ayah_keys
: an array of ayah keys this tafsir applies toayah_key
where the tafsir text can be found.
ayah_key
: the ayah for which this record applies.group_ayah_key
: the ayah key that contains the main tafsir text (used for shared tafsir).
from_ayah
/ to_ayah
: start and end ayah keys for convenience (optional).ayah_keys
: comma-separated list of all ayah keys that this tafsir covers.text
: tafsir text. If blank, use the text
from the group_ayah_key
.