قال الآلوسى ما ملخص : قوله - تعالى - ( أَفَأَمِنَ الذين مَكَرُواْ السيئات ) هم عند أكثر المفسرين ، مشركو مكة ، الذين مكروا برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وراموا صد أصحابه عن الإِيمان .وقيل : هم الذين احتالوا لهلاك الأنبياء . . . والمعول عليه ما عليه أكثر المفسرين ، .والاستفهام فى الآية الكريمة للتعجيب والتوبيخ .والفاء للعطف على مقدر دل عليه المقام .قال بعضهم ما ملخصه : " كل ما جاء فى القرآن الكريم ، من همزة استفهام بعدها واو العطف أو فاؤه . فالأظهر فيه ، أن الفاء والواو كلتاهما عاطفة ما بعدها على محذوف دل عليه المقام . والتقدير هنا : أجهل الذين مكروا السيئات وعيد الله لهم بالعقاب ، فأمنوا مكره " .والمراد بمكرهم هنا : سعيهم بالفساد بين المؤمنين ، على سبيل الإِخفاء والخداع .والسيئات : صفة لمصدر محذوف ، أى : مكروا المكرات السيئات . والمكرات - بفتح الكاف - جمع مكرة - بسكونها - وهى المرة من المكر .ويجوز أن تكون كلمة السيئات مفعولا به بتضمين ( مكروا ) معنى : فعلوا .والخسف : التغييب فى الأرض ، بحيث يصير المخسوف به فى باطنها .يقال : خسف الله بفلان الأرض ، إذا أهلكه بتغييبه فيها .ومنه قوله - تعالى - : ( فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأرض . . . . ) والمعنى : أجهل الذين اجترحوا السيئات وعيدنا ، فأمنوا عقابنا وتوهموا أنهم لن يصيبهم شئ من عذابنا ، الذى من مظاهره خسف الأرض بهم كما خسفناها بقارون من قبلهم؟!!! .إن جهلهم هذا لدليل على انطماس بصيرتهم ، واستحواذ الشيطان عليهم .وقوله ( أَوْ يَأْتِيَهُمُ العذاب مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ ) بيان للون آخر من ألوان تهديدهم .أى : فى قدرتنا أن نخسف بهم الأرض ، وفى قدرتنا أيضا أن نرسل عليهم العذاب فجأة فيأتيهم من جهة لا يتوقعون مجيئه منها ، ولا يترقبون الشر من ناحيتها .وفى الجملة الكريمة إشارة إى أن هذا العذاب الذى يأتيهم من حيث لا يشعرون . عذاب لا يمكن دفعه أو الهرب منه ، لأنه أتاهم بغتة ، ومن جهة لا يترقبون الشر منها .وشبيه بهذا قوله - سبحانه - ( فَأَتَاهُمُ الله مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ . . . ) .