﴿إنَّ اللَّهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ في الأرْضِ ولا في السَّماءِ﴾ اسْتِئْنافٌ يَتَنَزَّلُ مَنزِلَةَ البَيانِ لِوَصْفِ الحَيِّ لِأنَّ عُمُومَ العِلْمِ يُبَيِّنُ كَمالَ الحَياةِ.

وجِيءَ بِـ ”شَيْءٌ“ هُنا لِأنَّهُ مِنَ الأسْماءِ العامَّةِ.

وقَوْلُهُ ﴿فِي الأرْضِ ولا في السَّماءِ﴾ قُصِدَ مِنهُ عُمُومُ أمْكِنَةِ الأشْياءِ، فالمُرادُ هُنا مِنَ الأرْضِ الكُرَةُ الأرْضِيَّةُ بِما فِيها مِن بِحارٍ، والمُرادُ بِالسَّماءِ جِنْسُ السَّماواتِ: وهي العَوالِمُ المُتَباعِدَةُ عَنِ الأرْضِ. وابْتُدِئَ في الذِّكْرِ بِالأرْضِ لِيَتَسَنّى التَّدَرُّجُ في العَطْفِ إلى الأبْعَدِ في الحُكْمِ؛ لِأنَّ أشْياءَ الأرْضِ يَعْلَمُ كَثِيرًا مِنها كَثِيرٌ مِنَ النّاسِ، أمّا أشْياءُ السَّماءِ فَلا يَعْلَمُ أحَدٌ بَعْضَها فَضْلًا عَنْ عِلْمِ جَمِيعِها.