﴿ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآياتِ والذِّكْرِ الحَكِيمِ﴾ .

تَذْيِيلٌ؛ فَإنَّ ﴿الآياتِ والذِّكْرِ﴾ أعَمُّ مِنَ الَّذِي تُلِيَ هُنا، واسْمُ الإشارَةِ إلى الكَلامِ السّابِقِ مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إذْ قالَتِ المَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنهُ﴾ [آل عمران: ٤٥] وتَذْكِيرُ اسْمِ الإشارَةِ لِتَأْوِيلِ المُشارِ إلَيْهِ بِالكَلامِ أوِ المَذْكُورِ. وجُمْلَةُ ”نَتْلُوهُ“ حالٌ مِنِ اسْمِ الإشارَةِ عَلى حَدِّ ﴿وهَذا بَعْلِي شَيْخًا﴾ [هود: ٧٢] وهو اسْتِعْمالٌ عَرَبِيٌّ فَصِيحٌ وإنْ خالَفَ في صِحَّةِ مَجِيءِ الحالِ مِنِ اسْمِ الإشارَةِ بَعْضُ النُّحاةِ.

وقَوْلُهُ مِنَ الآياتِ خَبَرُ ”ذَلِكَ“ أيْ إنَّ تِلاوَةَ ذَلِكَ عَلَيْكَ مِن آياتِ صِدْقِكَ في دَعْوى الرِّسالَةِ؛ فَإنَّكَ لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ ذَلِكَ، وهو ذِكْرٌ ومَوْعِظَةٌ لِلنّاسِ، وهَذا أحْسَنُ مِن جَعْلِ ”نَتْلُوهُ“ خَبَرًا عَنِ المُبْتَدَأِ، ومِن وُجُوهٍ أُخْرى. والحَكِيمُ بِمَعْنى المُحْكِمِ، أوْ هو مَجازٌ عَقْلِيٌّ أيِ الحَكِيمُ عالِمُهُ أوْ تالِيهِ.