صفحة ٣٠٢

﴿قُلْ آمَنّا بِاللَّهِ وما أُنْزِلَ عَلَيْنا وما أُنْزِلَ عَلى إبْراهِيمَ وإسْماعِيلَ وإسْحاقَ ويَعْقُوبَ والأسْباطِ وما أُوتِيَ مُوسى وعِيسى والنَّبِيئُونَ مِن رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أحَدٍ مِنهم ونَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ المُخاطَبُ بِفِعْلِ قُلْ هو النَّبِيءُ ﷺ، لِيَقُولَ ذَلِكَ بِمَسْمَعٍ مِنَ النّاسِ: مُسْلِمُهم، وكافِرُهم، ولِذَلِكَ جاءَ في هَذِهِ الآيَةِ قَوْلُهُ ﴿وما أُنْزِلَ عَلَيْنا﴾ أيْ أُنْزِلَ عَلَيَّ لِتَبْلِيغِكم فَجَعَلَ إنْزالَهُ عَلى الرَّسُولِ والأُمَّةِ لِاشْتِراكِهِمْ في وُجُوبِ العَمَلِ بِما أُنْزِلَ، وعَدّى فِعْلَ أُنْزِلَ هُنا بِحَرْفِ عَلى بِاعْتِبارِ أنَّ الإنْزالَ يَقْتَضِي عُلُوًّا فَوُصُولُ الشَّيْءِ المُنَزَّلِ وُصُولُ اسْتِعْلاءٍ وعُدِّيَ في آيَةِ سُورَةِ البَقَرَةِ بِحَرْفِ إلى بِاعْتِبارِ أنَّ الإنْزالَ يَتَضَمَّنُ الوُصُولَ وهو يَتَعَدّى بِحَرْفِ إلى. والجُمْلَةُ اعْتِراضٌ، واسْتِئْنافٌ: لِتَلْقِينِ النَّبِيءِ عَلَيْهِ السَّلامُ والمُسْلِمِينَ كَلامًا جامِعًا لِمَعْنى الإسْلامِ لِيَدُومُوا عَلَيْهِ، ويُعْلِنُ بِهِ لِلْأُمَمِ، نَشَأ عَنْ قَوْلِهِ ﴿أفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ تَبْغُونَ﴾ [آل عمران: ٨٣] .

ومَعْنى ﴿لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أحَدٍ مِنهُمْ﴾ أنَّنا لا نُعادِي الأنْبِياءَ، ولا يَحْمِلُنا حُبُّ نَبِيئِنا عَلى كَراهَتِهِمْ، وهَذا تَعْرِيضٌ بِاليَهُودِ والنَّصارى، وحُذِفَ المَعْطُوفُ وتَقْدِيرُهُ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أحَدٍ وآخَرَ، وتَقَدَّمَ نَظِيرُ هَذِهِ الآيَةِ في سُورَةِ البَقَرَةِ. وهَذِهِ الآيَةُ شِعارُ الإسْلامِ وقَدْ قالَ اللَّهُ تَعالى ﴿وتُؤْمِنُونَ بِالكِتابِ كُلِّهِ﴾ [آل عمران: ١١٩] .

وهُنا انْتَهَتِ المُجادَلَةُ مَعَ نَصارى نَجْرانَ.