Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿ولا تَهِنُوا في ابْتِغاءِ القَوْمِ إنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإنَّهم يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ وكانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ .
عَطْفٌ عَلى جُمْلَةِ ﴿وخُذُوا حِذْرَكم إنَّ اللَّهَ أعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذابًا مُهِينًا﴾ [النساء: ١٠٢] زِيادَةً في تَشْجِيعِهِمْ عَلى قِتالِ الأعْداءِ، وفي تَهْوِينِ الأعْداءِ في قُلُوبِ المُسْلِمِينَ، لِأنَّ المُشْرِكِينَ كانُوا أكْثَرَ عَدَدًا مِنَ المُسْلِمِينَ وأتَمَّ عُدَّةً، وما كانَ شَرْعُ قَصْرِ الصَّلاةِ وأحْوالِ صَلاةِ الخَوْفِ، إلّا تَحْقِيقًا لِنَفْيِ الوَهْنِ في الجِهادِ.
صفحة ١٩٠
والِابْتِغاءُ مَصْدَرُ ابْتَغى بِمَعْنى بَغى المُتَعَدِّي، أيِ الطَّلَبُ، وقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ أفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ تَبْغُونَ في سُورَةِ آلِ عِمْرانَ.والمُرادُ بِهِ هُنا المُبادَأةُ بِالغَزْوِ، وأنْ لا يَتَقاعَسُوا، حَتّى يَكُونَ المُشْرِكُونَ هُمُ المُبْتَدِئِينَ بِالغَزْوِ. تَقُولُ العَرَبُ: طَلَبْنا بَنِي فُلانٍ، أيْ غَزَوْناهم. والمُبادِئُ بِالغَزْوِ لَهُ رُعْبٌ في قُلُوبِ أعْدائِهِ. وزادَهم تَشْجِيعًا عَلى طَلَبِ العَدُوِّ بِأنَّ تَألُّمَ الفَرِيقَيْنِ المُتَحارِبَيْنِ واحِدٌ، إذْ كُلٌّ يَخْشى بَأْسَ الآخَرِ، وبِأنَّ لِلْمُؤْمِنِينَ مَزِيَّةً عَلى الكافِرِينَ، وهي أنَّهم يَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُوهُ الكُفّارُ، وذَلِكَ رَجاءُ الشَّهادَةِ إنْ قُتِلُوا، ورَجاءُ ظُهُورِ دِينِهِ عَلى أيْدِيهِمْ إذا انْتَصَرُوا، ورَجاءُ الثَّوابِ في الأحْوالِ كُلِّها. وقَوْلُهُ مِنَ اللَّهِ مُتَعَلِّقٌ بِـ تَرْجُونَ. وحُذِفَ العائِدُ المَجْرُورُ بِمِن مِن جُمْلَةِ ﴿ما لا يَرْجُونَ﴾ لِدَلالَةِ حَرْفِ الجَرِّ الَّذِي جُرَّ بِهِ اسْمُ المَوْصُولِ عَلَيْهِ، ولَكَ أنْ تَجْعَلَ ماصَدَقَ ما لا يَرْجُونَ هو النَّصْرُ، فَيَكُونُ وعْدًا لِلْمُسْلِمِينَ بِأنَّ اللَّهَ ناصِرُهم، وبِشارَةً بِأنَّ المُشْرِكِينَ لا يَرْجُونَ لِأنْفُسِهِمْ نَصْرًا، وأنَّهم آيِسُونَ مِنهُ بِما قَذَفَ اللَّهُ في قُلُوبِهِمْ مِنَ الرُّعْبِ، وهَذا مِمّا يَفُتُّ في ساعِدِهِمْ. وعَلى هَذا الوَجْهِ يَكُونُ قَوْلُهُ مِنَ اللَّهِ اعْتِراضًا أوْ حالًا مُقَدَّمَةً عَلى المَجْرُورِ بِالحَرْفِ، والمَعْنى عَلى هَذا كَقَوْلِهِ ذَلِكَ بِأنَّ اللَّهَ مَوْلى الَّذِينَ آمَنُوا وأنَّ الكافِرِينَ لا مَوْلى لَهم.