صفحة ٢٠٧

﴿والَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ سَنُدْخِلُهم جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ خالِدِينَ فِيها أبَدًا وعْدَ اللَّهِ حَقًّا ومَن أصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا﴾ .

عَطْفٌ عَلى جُمْلَةِ ﴿أُولَئِكَ مَأْواهم جَهَنَّمُ﴾ [النساء: ١٢١] جَرْيًا عَلى عادَةِ القُرْآنِ في تَعْقِيبِ الإنْذارِ بِالبِشارَةِ، والوَعِيدِ بِالوَعْدِ.

وقَوْلُهُ ﴿وعْدَ اللَّهِ﴾ مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِمَضْمُونِ جُمْلَةِ ﴿سَنُدْخِلُهم جَنّاتٍ تَجْرِي﴾ إلَخْ، وهي بِمَعْناهُ، فَلِذَلِكَ يُسَمِّي النُّحاةُ مِثْلَهُ مُؤَكِّدًا لِنَفْسِهِ، أيْ مُؤَكِّدًا لِما هو بِمَعْناهُ.

وقَوْلُهُ حَقًّا مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِمَضْمُونِ ﴿سَنُدْخِلُهم جَنّاتٍ﴾، إذْ كانَ هَذا في مَعْنى الوَعْدِ، أيْ هَذا الوَعْدُ أُحَقِّقُهُ حَقًّا، أيْ لا يَتَخَلَّفُ. ولَمّا كانَ مَضْمُونُ الجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهُ خالِيًا عَنْ مَعْنى الإحْقاقِ كانَ هَذا المَصْدَرُ مِمّا يُسَمِّيهِ النُّحاةُ مَصْدَرًا مُؤَكِّدًا لِغَيْرِهِ.

وجُمْلَةُ ﴿ومَن أصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا﴾ تَذْيِيلٌ لِلْوَعْدِ وتَحْقِيقٌ لَهُ: أيْ هَذا مِن وعْدِ اللَّهِ، ووُعُودُ اللَّهِ وُعُودُ صِدْقٍ، إذْ لا أصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا. فالواوُ اعْتِراضِيَّةٌ لِأنَّ التَّذْيِيلَ مِن أصْنافِ الِاعْتِراضِ وهو اعْتِراضٌ في آخِرِ الكَلامِ، وانْتَصَبَ قِيلًا عَلى تَمْيِيزِ نِسْبَةٍ مِن ﴿أصْدَقُ مِنَ اللَّهِ﴾ .

والِاسْتِفْهامُ إنْكارِيٌّ.

والقِيلُ: القَوْلُ، وهو اسْمُ مَصْدَرٍ بِوَزْنِ فِعْلٍ يَجِيءُ في الشَّرِّ والخَيْرِ.