Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿يا أهْلَ الكِتابِ قَدْ جاءَكم رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكم كَثِيرًا مِمّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنِ الكِتابِ ويَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكم مِنَ اللَّهِ نُورٌ وكِتابٌ مُبِينٌ﴾ ﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ ويُخْرِجُهم مِنَ الظُّلُماتِ إلى النُّورِ بِإذْنِهِ ويَهْدِيهِمْ إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ .
بَعْدَ أنْ ذَكَرَ مِن أحْوالِ فَرِيقَيْ أهْلِ الكِتابِ وأنْبائِهِمْ ما لا يَعْرِفُهُ غَيْرُ عُلَمائِهِمْ وما لا يَسْتَطِيعُونَ إنْكارَهُ أقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِالخِطابِ بِالمَوْعِظَةِ؛ إذْ قَدْ تَهَيَّأ مِن ظُهُورِ صِدْقِ الرَّسُولِ ﷺ ما يُسَهِّلُ إقامَةَ الحُجَّةِ عَلَيْهِمْ، ولِذَلِكَ ابْتُدِئَ وصْفُ الرَّسُولِ بِأنَّهُ يُبَيِّنُ لَهم كَثِيرًا مِمّا كانُوا يُخْفُونَ مِنَ الكِتابِ، ثُمَّ أعْقَبَهُ بِأنَّهُ يَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ.
ومَعْنى ”يَعْفُو“: يُعْرِضُ ولا يُظْهِرُ، وهو أصْلُ مادَّةِ العَفْوِ. يُقالُ: عَفا الرَّسْمُ بِمَعْنى لَمْ يَظْهَرْ، وعَفّاهُ: أزالَ ظُهُورَهُ. ثُمَّ قالُوا: عَفا عَنِ الذَّنْبِ، بِمَعْنى أعْرَضَ، ثُمَّ قالُوا: عَفا عَنِ المُذْنِبِ، بِمَعْنى سَتَرَ عَنْهُ ذَنْبَهُ، ويَجُوزُ أنْ يُرادَ هُنا مَعْنى الصَّفْحِ والمَغْفِرَةِ، أيْ ويَصْفَحُ عَنْ ذُنُوبٍ كَثِيرَةٍ، أيْ يُبَيِّنُ لَكم دِينَكم ويَعْفُو عَنْ جَهْلِكم.
صفحة ١٥١
وجُمْلَةُ ﴿قَدْ جاءَكم مِنَ اللَّهِ نُورٌ﴾ بَدَلٌ مِن جُمْلَةِ ﴿قَدْ جاءَكم رَسُولُنا﴾ بَدَلُ اشْتِمالٍ، لِأنَّ مَجِيءَ الرَّسُولِ اشْتَمَلَ عَلى مَجِيءِ الهُدى والقُرْآنِ، فَوِزانُها وِزانَ (عِلْمُهُ) مِن قَوْلِهِمْ: نَفَعَنِي زَيْدٌ عِلْمُهُ، ولِذَلِكَ فُصِلَتْ عَنْها، وأُعِيدَ حَرْفُ (قَدْ) الدّاخِلِ عَلى الجُمْلَةِ المُبَدَلِ مِنها زِيادَةً في تَحْقِيقِ مَضْمُونِ جُمْلَةِ البَدَلِ، لِأنَّ تَعَلُّقَ بَدَلِ الِاشْتِمالِ بِالمُبْدَلِ مِنهُ أضْعَفُ مِن تَعَلُّقِ البَدَلِ المُطابِقِ.وضَمِيرُ ”بِهِ“ راجِعٌ إلى الرَّسُولِ أوْ إلى الكِتابِ المُبِينِ.
وسُبُلُ السَّلامِ: طُرُقُ السَّلامَةِ الَّتِي لا خَوْفَ عَلى السّائِرِ فِيها. ولِلْعَرَبِ طُرُقٌ مَعْرُوفَةٌ بِالأمْنِ وطُرُقٌ مَعْرُوفَةٌ بِالمَخافَةِ، مِثْلَ وادِي السِّباعِ، الَّذِي قالَ فِيهِ سُحَيْمُ بْنُ وثِيلٍ الرِّياحَيُّ:
ومَرَرْتُ عَلى وادِي السِّباعِ ولا أرى كَوادِي السِّباعِ حِـينَ يُظْـلِـمُ وادِيًا
أقَـلَّ بـِهِ رَكْـبٌ أتَـوْهُ تَـئِــيَّةً ∗∗∗ وأخْوَفَ إلّا ما وقى اللَّهُ سـارِيًا
فَسَبِيلُ السَّلامِ اسْتِعارَةٌ لِطُرُقِ الحَقِّ. والظُّلُماتُ والنُّورُ اسْتِعارَةٌ لِلضَّلالِ والهُدى. والصِّراطُ المُسْتَقِيمُ مُسْتَعارٌ لِلْإيمانِ.