Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إنَّ اللَّهَ هو المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وقالَ المَسِيحُ يا بَنِي إسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي ورَبَّكم إنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ ومَأْواهُ النّارُ وما لِلظّالِمِينَ مِن أنْصارٍ﴾ .
اسْتِئْنافٌ ابْتِدائِيٌّ لِإبْطالِ ما عَلَيْهِ النَّصارى، يُناسِبُ الِانْتِهاءَ مِن إبْطالِ ما عَلَيْهِ اليَهُودُ.
وقَدْ مَضى القَوْلُ آنِفًا في نَظِيرِ قَوْلِهِ ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إنَّ اللَّهَ هو المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا﴾ [المائدة: ١٧] ومَن نُسِبَ إلَيْهِ هَذا القَوْلُ مِن طَوائِفِ النَّصارى.
والواوُ في قَوْلِهِ (﴿وقالَ المَسِيحُ﴾) واوُ الحالِ. والجُمْلَةُ حالٌ مِنَ ﴿الَّذِينَ قالُوا إنَّ اللَّهَ هو المَسِيحُ﴾، أيْ قالُوا ذَلِكَ في حالِ نِداءِ المَسِيحِ لِبَنِي إسْرائِيلَ بِأنَّ اللَّهَ رَبُّهُ ورَبُّهم، أيْ لا شُبْهَةَ لَهم، فَهم قالُوا: إنَّ اللَّهَ اتَّحَدَ بِالمَسِيحِ؛ في حالِ أنَّ المَسِيحَ الَّذِي يَزْعُمُونَ أنَّهم آمَنُوا بِهِ والَّذِي نَسَبُوهُ إلَيْهِ قَدْ كَذَّبَهم، لِأنَّ قَوْلَهُ: رَبِّي ورَبُّكم يُناقِضُ قَوْلَهم: إنَّ اللَّهَ هو المَسِيحُ، لِأنَّهُ لا يَكُونُ إلّا مَرْبُوبًا، وذَلِكَ مُفادُ قَوْلِهِ (رَبِّي)، ولِأنَّهُ لا يَكُونُ مَعَ اللَّهِ إلَهٌ آخَرُ، وذَلِكَ مُفادُ قَوْلِهِ ورَبَّكم، ولِذَلِكَ عَقَّبَ بِجُمْلَةِ إنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ. فَيَجُوزُ أنْ تَكُونَ هَذِهِ الجُمْلَةُ حِكايَةً لِكَلامٍ صَدَرَ مِن عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ فَتَكُونُ تَعْلِيلًا لِلْأمْرِ بِعِبادَةِ اللَّهِ. ووُقُوعُ (إنَّ) في مِثْلِ هَذا المَقامِ تُغْنِي غَناءَ فاءِ التَّفْرِيعِ وتُفِيدُ التَّعْلِيلَ. وفي حِكايَتِهِ تَعْرِيضٌ بِأنَّ قَوْلَهم ذَلِكَ قَدْ أوْقَعَهم في الشِّرْكِ وإنْ كانُوا يَظُنُّونَ أنَّهُمُ اجْتَنَبُوهُ حَذَرًا مِنَ الوُقُوعِ فِيما حَذَّرَ مِنهُ
صفحة ٢٨١
المَسِيحُ، لِأنَّ الَّذِينَ قالُوا: إنَّ اللَّهَ هو المَسِيحُ. أرادُوا الِاتِّحادَ بِاللَّهِ وأنَّهُ هو هو. وهَذا قَوْلُ اليَعاقِبَةِ كَما تَقَدَّمَ آنِفًا وفي سُورَةِ النِّساءِ. وذَلِكَ شِرْكٌ لا مَحالَةَ، بَلْ هو أشَدُّ، لِأنَّهم أشْرَكُوا مَعَ اللَّهِ غَيْرَهُ ومَزَجُوهُ بِهِ فَوَقَعُوا في الشِّرْكِ وإنْ رامُوا تَجَنُّبَ تَعَدُّدِ الآلِهَةِ، فَقَدْ أبْطَلَ اللَّهُ قَوْلَهم بِشَهادَةِ كَلامِ مَن نَسَبُوا إلَيْهِ الإلَهِيَّةِ إبْطالًا تامًّا.وإنْ كانَتِ الجُمْلَةُ مِن كَلامِ اللَّهِ تَعالى فَهو تَذْيِيلٌ لِإثْباتِ كُفْرِهِمْ وزِيادَةُ تَنْبِيهٍ عَلى بُطْلانِ مُعْتَقَدِهِمْ وتَعْرِيضٌ بِهِمْ بِأنَّهم قَدْ أشْرَكُوا بِاللَّهِ مِن حَيْثُ أرادُوا التَّوْحِيدَ.
والضَّمِيرُ المُقْتَرِنُ بِإنَّ ضَمِيرُ الشَّأْنِ يَدُلُّ عَلى العِنايَةِ بِالخَبَرِ الوارِدِ بَعْدَهُ. ومَعْنى ﴿حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ﴾ مَنَعَها مِنهُ، أيْ مِنَ الكَوْنِ فِيها.
والمَأْوى: المَكانُ الَّذِي يَأْوِي إلَيْهِ الشَّيْءُ، أيْ يَرْجِعُ إلَيْهِ.
وجُمْلَةُ ﴿وما لِلظّالِمِينَ مِن أنْصارٍ﴾ يُحْتَمَلُ أيْضًا أنْ تَكُونَ مِن كَلامِ المَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلى احْتِمالِ أنْ يَكُونَ قَوْلُهُ ﴿إنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ﴾ مِن كَلامِهِ، ويُحْتَمَلُ أنْ تَكُونَ مِن كَلامِ اللَّهِ تَعالى تَذْيِيلًا لِكَلامِ المَسِيحِ عَلى ذَلِكَ الِاحْتِمالِ، أوْ تَذْيِيلًا لِكَلامِ اللَّهِ تَعالى عَلى الِاحْتِمالِ الآخَرِ. والمُرادُ بِالظّالِمِينَ المُشْرِكُونَ إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ، أيْ ما لِلْمُشْرِكِينَ مِن أنْصارٍ يَنْصُرُونَهم لِيُنْقِذُوهم مِن عَذابِ النّارِ.
فالتَّقْدِيرُ: ومَأْواهُ النّارُ لا مَحالَةَ ولا طَمَعَ لَهُ في التَّخَلُّصِ مِنهُ بِواسِطَةِ نَصِيرٍ، فَبِالأحْرى أنْ لا يَتَخَلَّصَ بِدُونِ نَصِيرٍ.