﴿فَأثابَهُمُ اللَّهُ بِما قالُوا جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ خالِدِينَ فِيها وذَلِكَ جَزاءُ المُحْسِنِينَ﴾ .

تَفْرِيعٌ عَلى قَوْلِهِ ﴿يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنّا﴾ [المائدة: ٨٣] إلى آخِرِ الآيَةِ. ومَعْنى أثابَهم أعْطاهُمُ الثَّوابَ. وقَدْ تَقَدَّمَ القَوْلُ فِيهِ عِنْدَ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لَمَثُوبَةٌ مِن عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ﴾ [البقرة: ١٠٣] في سُورَةِ البَقَرَةِ.

والباءُ في قَوْلِهِ بِما قالُوا لِلسَّبَبِيَّةِ. والمُرادُ بِالقَوْلِ القَوْلُ الصّادِقُ وهو المُطابِقُ لِلْواقِعِ، فَهو القَوْلُ المُطابِقُ لِاعْتِقادِ القَلْبِ، وما قالُوهُ هو ما حُكِيَ بِقَوْلِهِ تَعالى ﴿يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنّا فاكْتُبْنا مَعَ الشّاهِدِينَ﴾ [المائدة: ٨٣] الآيَةَ. وأثابَ يَتَعَدّى إلى مَفْعُولَيْنِ عَلى طَرِيقَةِ بابِ أعْطى، فَـ (جَنّاتٍ) مَفْعُولُهُ الثّانِي، وهو المُعْطى لَهم. والإشارَةُ في قَوْلِهِ ﴿وذَلِكَ جَزاءُ المُحْسِنِينَ﴾ إلى الثَّوابِ المَأْخُوذِ مِن (أثابَهم) ولَكَ أنْ تَجْعَلَ الإشارَةَ إلى المَذْكُورِ وهو الجَنّاتُ وما بِها مِنَ الأنْهارِ وخُلُودِهِمْ فِيها. وقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى في سُورَةِ البَقَرَةِ ﴿عَوانٌ بَيْنَ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٦٨] .