Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿قُلْ سِيرُوا في الأرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ المُكَذِّبِينَ﴾ .
هَذِهِ الجُمْلَةُ وِزانَها وِزانُ البَيانِ لِمَضْمُونِ الجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَها ولِذَلِكَ فُصِلَتْ، فَإنَّ الجُمْلَةَ الَّتِي قَبْلَها تُخْبِرُ بِأنَّ الَّذِينَ اسْتَهْزَءُوا بِالرُّسُلِ قَدْ حاقَ بِهِمْ عَواقِبُ اسْتِهْزائِهِمْ، وهَذِهِ تَحْدُوهم إلى مُشاهَدَةِ دِيارِ أُولَئِكَ المُسْتَهْزِئِينَ. ولَيْسَ افْتِتاحُ هَذِهِ الجُمْلَةِ بِخِطابِ
صفحة ١٤٩
النَّبِيءِ ﷺ مُنافِيًا لِكَوْنِها بَيانًا لِأنَّهُ خُوطِبَ بِأنْ يَقُولَ ذَلِكَ البَيانَ. فالمَقْصُودُ ما بَعْدَ القَوْلِ.وافْتِتاحُها بِالأمْرِ بِالقَوْلِ لِأنَّها وارِدَةٌ مَوْرِدَ المُحاوِرَةِ عَلى قَوْلِهِمْ ﴿لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ﴾ [الأنعام: ٨] . وهَذِهِ سِلْسِلَةُ رُدُودٍ وأجْوِبَةٍ عَلى مَقالَتِهِمُ المَحْكِيَّةِ آنِفًا لِتَضَمُّنِها التَّصْمِيمَ عَلى الشِّرْكِ وتَكْذِيبِ الرِّسالَةِ، فَكانَتْ مُنْحَلَّةً إلى شُبَهٍ كَثِيرَةٍ أُرِيدَ رَدُّها وتَفْنِيدُها فَكانَتْ هاتِهِ الرُّدُودُ كُلُّها مُفْتَتَحَةً بِكَلِمَةِ قُلْ عَشْرَ مَرّاتٍ.
وثُمَّ لِلتَّراخِي الرُّتْبِيِّ، كَما هو شَأْنُها في عَطْفِ الجُمَلِ، فَإنَّ النَّظَرَ في عاقِبَةِ المُكَذِّبِينَ هو المَقْصِدُ مِنَ السَّيْرِ، فَهو مِمّا يُرْتَقى إلَيْهِ بَعْدَ الأمْرِ بِالسَّيْرِ، ولِأنَّ هَذا النَّظَرَ مُحْتاجٌ إلى تَأمُّلٍ وتَرَسُّمٍ فَهو أهَمُّ مِنَ السَّيْرِ.
والنَّظَرُ يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ بَصَرِيًّا وأنْ يَكُونَ قَلْبِيًّا، وعَلى الِاحْتِمالَيْنِ فَقَدْ عَلَّقَهُ الِاسْتِفْهامُ عَنْ نَصْبِ مَفْعُولِهِ أوْ مَفْعُولَيْهِ. و(كَيْفَ) خَبَرٌ لِـ كانَ ) مُقَدَّمٌ عَلَيْها وُجُوبًا.
والعاقِبَةُ آخِرُ الشَّيْءِ ومَآلُهُ وما يَعْقُبُهُ مِن مُسَبَّباتِهِ. ويُقالُ: عاقِبَةٌ وعُقْبى، وهي اسْمٌ كالعافِيَةِ والخاتِمَةِ.
وإنَّما وُصِفُوا بِالمُكَذِّبِينَ دُونَ المُسْتَهْزِئِينَ لِلدَّلالَةِ عَلى أنَّ التَّكْذِيبَ والِاسْتِهْزاءَ كانا خُلُقَيْنِ مِن أخْلاقِهِمْ، وأنَّ الواحِدَ مِن هَذَيْنِ الخُلُقَيْنِ كافٍ في اسْتِحْقاقِ تِلْكَ العاقِبَةِ، إذْ قالَ في الآيَةِ السّابِقَةِ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنهم ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ وقالَ في هَذِهِ الآيَةِ: ﴿كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ المُكَذِّبِينَ﴾ .
وهَذا رَدٌّ جامِعٌ لِدَحْضِ ضَلالاتِهِمُ الجارِيَةِ عَلى سُنَنِ ضَلالاتِ نُظَرائِهِمْ مِنَ الأُمَمِ السّالِفَةِ المُكَذِّبِينَ.