Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
صفحة ٢٢٤
﴿إنَّ ولِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الكِتابَ وهْوَ يَتَوَلّى الصّالِحِينَ﴾ ﴿والَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكم ولا أنْفُسَهم يَنْصُرُونَ﴾ هَذا مِنَ المَأْمُورِ بِقَوْلِهِ، وفُصِلَتْ هَذِهِ الجُمْلَةُ عَنْ جُمْلَةِ ﴿ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ﴾ [الأعراف: ١٩٥] لِوُقُوعِها مَوْقِعَ العِلَّةِ لِمَضْمُونِ التَّحَدِّي في قَوْلِهِ ﴿ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ﴾ [الأعراف: ١٩٥] الآيَةَ الَّذِي هو تَحَقُّقُ عَجْزِهِمْ عَنْ كَيْدِهِ، فَهَذا تَعْلِيلٌ لِعَدَمِ الِاكْتِراثِ بِتَألُّبِهِمْ عَلَيْهِ واسْتِنْصارِهِمْ بِشُرَكائِهِمْ، ولِثِقَتِهِ بِأنَّهُ مُنْتَصِرٌ عَلَيْهِمْ بِما دَلَّ عَلَيْهِ الأمْرُ والنَّهْيُ التَّعْجِيزِيّانِ. والتَّأْكِيدُ لِرَدِّ الإنْكارِ.والوَلِيُّ النّاصِرُ والكافِي وقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ - تَعالى - ﴿قُلْ أغَيْرَ اللَّهِ أتَّخِذُ ولِيًّا﴾ [الأنعام: ١٤] .
وإجْراءُ الصِّفَةِ لِاسْمِ اللَّهِ بِالمَوْصُولِيَّةِ لِما تَدُلُّ عَلَيْهِ الصِّلَةُ مِن عَلاقاتِ الوِلايَةِ، فَإنَّ إنْزالَ الكِتابِ عَلَيْهِ وهو أُمِّيٌّ دَلِيلُ اصْطِفائِهِ وتَوَلِّيهِ.
والتَّعْرِيفُ في الكِتابِ لِلْعَهْدِ، أيِ الكِتابُ الَّذِي عَهِدْتُمُوهُ وسَمِعْتُمُوهُ وعَجَزْتُمْ عَنْ مُعارَضَتِهِ وهو القُرْآنُ، أيِ المِقْدارُ الَّذِي نَزَلَ مِنهُ إلى حَدِّ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ.
وجُمْلَةُ ﴿وهُوَ يَتَوَلّى الصّالِحِينَ﴾ مُعْتَرِضَةٌ والواوُ اعْتِراضِيَّةٌ.
ومَجِيءُ المُسْنَدِ فِعْلًا مُضارِعًا لِقَصْدِ الدَّلالَةِ عَلى اسْتِمْرارِ هَذا التَّوَلِّي وتَجَدُّدِهِ وأنَّهُ سُنَّةٌ إلَهِيَّةٌ، فَكَما تَوَلّى النَّبِيءَ يَتَوَلّى المُؤْمِنِينَ أيْضًا، وهَذِهِ بِشارَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ المُسْتَقِيمِينَ عَلى صِراطِ نَبِيِّهِمْ ﷺ بِأنْ يَنْصُرَهُمُ اللَّهُ كَما نَصَرَ نَبِيَّهُ وأوْلِياءَهُ.
والصّالِحُونَ هُمُ الَّذِينَ صَلُحَتْ أنْفُسُهم بِالإيمانِ والعَمَلِ الصّالِحِ.
وجُمْلَةُ ﴿والَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ﴾ عَطْفٌ عَلى جُمْلَةِ ﴿إنَّ ولِيِّيَ اللَّهُ﴾، وسُلُوكُ طَرِيقِ المَوْصُولِيَّةِ في التَّعْبِيرِ عَنِ الأصْنامِ لِلتَّنْبِيهِ عَلى خَطَأِ المُخاطَبِينَ في دُعائِهِمْ إيّاها مِن دُونِ اللَّهِ مَعَ ظُهُورِ عَدَمِ اسْتِحْقاقِها لِلْعِبادَةِ، بِعَجْزِها عَنْ نَصْرِ أتْباعِها وعَنْ نَصْرِ أنْفُسِها. والقَوْلُ في ﴿لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكم ولا أنْفُسَهم يَنْصُرُونَ﴾ كالقَوْلِ في نَظِيرِهِ السّابِقِ آنِفًا.
وأُعِيدَ لِأنَّهُ هُنا خِطابٌ لِلْمُشْرِكِينَ، وهُنالِكَ حِكايَةٌ عَنْهم لِلنَّبِيءِ والمُسْلِمِينَ، وإبانَةُ المُضادَّةِ بَيْنَ شَأْنِ ولِيِّ المُؤْمِنِينَ وحالِ أوْلِياءِ المُشْرِكِينَ ولِيَكُونَ الدَّلِيلُ مُسْتَقِلًّا في المَوْضِعَيْنِ مَعَ ما يَحْصُلُ في تَكْرِيرِهِ مِن تَأْكِيدِ مَضْمُونِهِ.