صفحة ٢٢٥

﴿وإنْ تَدْعُوهم إلى الهُدى لا يَسْمَعُوا وتَراهم يَنْظُرُونَ إلَيْكَ وهم لا يُبْصِرُونَ﴾

عَطْفٌ عَلى جُمْلَةِ ﴿والَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ﴾ [الأعراف: ١٩٧] الآيَةَ أيْ قُلْ لِلْمُشْرِكِينَ: وإنْ تَدْعُوا الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إلى الهُدى لا يَسْمَعُوا.

والضَّمِيرُ المَرْفُوعُ لِلْمُشْرِكِينَ، والضَّمِيرُ المَنصُوبُ عائِدٌ إلى الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ، أيِ الأصْنامُ.

والهُدى عَلى هَذا الوَجْهِ ما فِيهِ رُشْدٌ ونَفْعٌ لِلْمَدْعُوِّ. وذِكْرُ ”إلى الهُدى“ لِتَحْقِيقِ عَدَمِ سَماعِ الأصْنامِ، وعَدَمِ إدْراكِها، لِأنَّ عَدَمَ سَماعِ دَعْوَةِ ما يَنْفَعُ لا يَكُونُ إلّا لِعَدَمِ الإدْراكِ.

ولِهَذا خُولِفَ بَيْنَ قَوْلِهِ هُنا لا يَسْمَعُوا وقَوْلِهِ في الآيَةِ السّابِقَةِ لا يَتْبَعُوكم لِأنَّ الأصْنامَ لا يَتَأتّى مِنها الِاتِّباعُ، إذْ لا يَتَأتّى مِنها المَشْيُ الحَقِيقِيُّ ولا المَجازِيُّ أيِ الِامْتِثالُ.

والخِطابُ في قَوْلِهِ ”وتَراهم“ لِمَن يَصْلُحُ أنْ يُخاطَبَ فَهو مِن خِطابِ غَيْرِ المُعَيَّنِ. ومَعْنى ”يَنْظُرُونَ إلَيْكَ“ عَلى التَّشْبِيهِ البَلِيغِ، أيْ تَراهم كَأنَّهم يَنْظُرُونَ إلَيْكَ، لِأنَّ صُوَرَ كَثِيرٍ مِنَ الأصْنامِ كانَ عَلى صُوَرِ الأناسِيِّ وقَدْ نَحَتُوا لَها أمْثالَ الحِدَقِ النّاظِرَةِ إلى الواقِفِ أمامَها. قالَ في الكَشّافِ ”لِأنَّهم صَوَّرُوا أصْنامَهم بِصُورَةِ مَن قَلَّبَ حَدَقَتَهُ إلى الشَّيْءِ يَنْظُرُ إلَيْهِ“ .