Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
صفحة ٢٦٠
﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ومِمّا رَزَقْناهم يُنْفِقُونَ﴾ وصْفُهم بِأنَّهُمُ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ويُنْفِقُونَ مِمّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ جاءَ بِإعادَةِ المَوْصُولِ، كَما أُعِيدَ في قَوْلِهِ ﴿والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إلَيْكَ﴾ [البقرة: ٤] في سُورَةِ البَقَرَةِ، وذَلِكَ لِلدَّلالَةِ عَلى الِانْتِقالِ، في وصْفِهِمْ، إلى غَرَضٍ آخَرَ غَيْرِ الغَرَضِ الَّذِي اجْتُلِبَ المَوْصُولُ الأوَّلُ لِأجْلِهِ، وهو هُنا غَرَضُ مُحافَظَتِهِمْ عَلى رُكْنَيِ الإيمانِ: وهُما إقامَةُ الصَّلاةِ وإيتاءِ الزَّكاةِ، فَلا عَلاقَةَ لِلصِّلَةِ المَذْكُورَةِ هُنا بِأحْكامِ الأنْفالِ والرِّضى بِقَسْمِها، ولَكِنَّهُ مُجَرَّدُ المَدْحِ، وعَبَّرَ في جانِبِ الصَّلاةِ بِالإقامَةِ لِلدَّلالَةِ عَلى المُحافَظَةِ عَلَيْها وقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ - تَعالى - ﴿ويُقِيمُونَ الصَّلاةَ﴾ [البقرة: ٣] في سُورَةِ البَقَرَةِ. وجِيءَ بِالفِعْلَيْنِ المُضارِعَيْنِ في يُقِيمُونَ ويُنْفِقُونَ لِلدَّلالَةِ عَلى تَكَرُّرِ ذَلِكَ وتُجَدُّدِهِ.واعْلَمْ أنَّ مُقْتَضى الِاسْتِعْمالِ في الخَبَرِ بِالصِّلاتِ المُتَعاطِفَةِ، الَّتِي مَوْصُولُها خَبَرٌ عَنْ مُبْتَدَأٍ أنْ تُعْتَبَرَ خَبَرًا بِعِدَّةِ أشْياءَ فَهي بِمَنزِلَةِ أخْبارٍ مُتَكَرِّرَةٍ، ومُقْتَضى الِاسْتِعْمالِ في الأخْبارِ المُتَعَدِّدَةِ أنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنها يُعْتَبَرُ خَبَرًا مُسْتَقِلًّا عَنِ المُبْتَدَأِ فَلِذَلِكَ تَكُونُ كُلُّ صِلَةٍ مِن هَذِهِ الصِّلاتِ بِمَنزِلَةِ خَبَرٍ عَنِ المُؤْمِنِينَ وهي مَحْصُورٌ فِيها المُؤْمِنُونَ أيْ حالُهم فَيَكُونُ المَعْنى، ﴿إنَّما المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إذا ذُكِرَ اللَّهُ وجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ [الأنفال: ٢] ﴿إنَّما المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهم إيمانًا﴾ [الأنفال: ٢] . وهَكَذا فَمَتى اخْتَلَّتْ صِفَةٌ مِن هَذِهِ الصِّفاتِ اخْتَلَّ وصْفُ الإيمانِ عَنْ صاحِبِها، فَلِذَلِكَ تَعَيَّنَ أنْ يَكُونَ المُرادُ مِنَ القَصْرِ المُبالِغَةَ الآيِلَةَ إلى مَعْنى قَصْرِ الإيمانِ الكامِلِ عَلى صاحِبِ كُلِّ صِلَةٍ مِن هَذِهِ الصِّلاتِ، وعَلى صاحِبِ الخِبْرَيْنِ، لِظُهُورِ أنَّ أصْلَ الإيمانِ لا يُسْلَبُ مَن أحَدٍ ذُكِرَ اللَّهُ عِنْدَهُ فَلا يَجِلُ قَلْبُهُ فَإنَّ أدِلَّةً قَطْعِيَّةً مَن أصُولُ الدِّينِ تُنافِي هَذا الِاحْتِمالَ، فَتَعَيَّنَ تَأْوِيلُ ”المُؤْمِنُونَ“ عَلى إرادَةِ أصْحابِ الإيمانِ الكامِلِ.