Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿ثُمَّ أنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وعَلى المُؤْمِنِينَ وأنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْها وعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وذَلِكَ جَزاءُ الكافِرِينَ﴾
عَطْفٌ عَلى قَوْلِهِ: ﴿ويَوْمَ حُنَيْنٍ إذْ أعْجَبَتْكم كَثْرَتُكُمْ﴾ [التوبة: ٢٥]
و(ثُمَّ) دالَّةٌ عَلى التَّراخِي الرُّتْبِيِّ فَإنَّ نُزُولَ السَّكِينَةِ ونُزُولَ المَلائِكَةِ أعْظَمُ مِنَ النَّصْرِ
صفحة ١٥٨
الأوَّلِ يَوْمَ حُنَيْنٍ، عَلى أنَّ التَّراخِيَ الزَّمَنِيَّ مُرادٌ؛ تَنْزِيلًا لِعِظَمِ الشِّدَّةِ وهَوْلِ المُصِيبَةِ مَنزِلَةَ طُولِ مُدَّتِها، فَإنَّ أزْمانَ الشِّدَّةِ تُخَيَّلُ طَوِيلَةً وإنْ قَصُرَتْ.والسَّكِينَةُ: الثَّباتُ واطْمِئْنانُ النَّفْسِ وقَدْ تَقَدَّمَ بَيانُها عِنْدَ قَوْلِهِ - تَعالى: ﴿أنْ يَأْتِيَكُمُ التّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِن رَبِّكُمْ﴾ [البقرة: ٢٤٨] في سُورَةِ البَقَرَةِ، وتَعْلِيقُها بِإنْزالِ اللَّهِ، وإضافَتُها إلى ضَمِيرِهِ: تَنْوِيهٌ بِشَأْنِها وبَرَكَتِها، وإشارَةٌ إلى أنَّها سَكِينَةٌ خارِقَةٌ لِلْعادَةِ لَيْسَتْ لَها أسْبابٌ ومُقَدِّماتٌ ظاهِرَةٌ، وإنَّما حَصَلَتْ بِمَحْضِ تَقْدِيرِ اللَّهِ وتَكْوِينِهِ أُنُفًا كَرامَةً لِنَبِيِّهِ ﷺ وإجابَةً لِنِدائِهِ النّاسَ، ولِذَلِكَ قُدِّمَ ذِكْرُ الرَّسُولِ قَبْلَ ذِكْرِ المُؤْمِنِينَ.
وإعادَةُ حَرْفِ (عَلى) بَعْدَ حَرْفِ العَطْفِ: تَنْبِيهٌ عَلى تَجْدِيدِ تَعْلِيقِ الفِعْلِ بِالمَجْرُورِ الثّانِي لِلْإيماءِ إلى التَّفاوُتِ بَيْنَ السَّكِينَتَيْنِ: فَسَكِينَةُ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - سَكِينَةُ اطْمِئْنانٍ عَلى المُسْلِمِينَ الَّذِينَ مَعَهُ وثِقَةٍ بِالنَّصْرِ، وسَكِينَةُ المُؤْمِنِينَ سَكِينَةُ ثَباتٍ وشَجاعَةٍ بَعْدَ الجَزَعِ والخَوْفِ.
والجُنُودُ جَمْعُ جُنْدٍ. والجُنْدُ اسْمُ جَمْعٍ لا واحِدَ لَهُ مِن لَفْظِهِ، وهو الجَماعَةُ المُهَيَّئَةُ لِلْحَرْبِ، وواحِدُهُ بِياءِ النَّسَبِ: جُنْدِيٌّ، وقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ - تَعالى: ﴿فَلَمّا فَصَلَ طالُوتُ بِالجُنُودِ﴾ [البقرة: ٢٤٩] في سُورَةِ البَقَرَةِ. وقَدْ يُطْلَقُ الجُنْدُ عَلى الأُمَّةِ العَظِيمَةِ ذاتِ القُوَّةِ، كَما في قَوْلِهِ - تَعالى: ﴿هَلْ أتاكَ حَدِيثُ الجُنُودِ﴾ [البروج: ١٧] ﴿فِرْعَوْنَ وثَمُودَ﴾ [البروج: ١٨] في سُورَةِ البُرُوجِ والمُرادُ بِالجُنُودِ هُنا جَماعاتٌ مِنَ المَلائِكَةِ مُوَكَّلُونَ بِهَزِيمَةِ المُشْرِكِينَ كَما دَلَّ عَلَيْهِ فِعْلُ أنْزَلَ، أيْ أرْسَلَها اللَّهُ لِنُصْرَةِ المُؤْمِنِينَ وإلْقاءِ الرُّعْبِ في قُلُوبِ المُشْرِكِينَ، ولِذَلِكَ قالَ لَمْ تَرَوْها ولِكَوْنِ المَلائِكَةِ مَلائِكَةَ النَّصْرِ أطْلَقَ عَلَيْها اسْمَ الجُنُودِ.
وتَعْذِيبُهُ الَّذِينَ كَفَرُوا: هو تَعْذِيبُ القَتْلِ والأسْرِ والسَّبْيِ.
والإشارَةُ بِـ ﴿وذَلِكَ جَزاءُ الكافِرِينَ﴾ إلى العَذابِ المَأْخُوذِ مِن عَذَّبَ