Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
صفحة ٢٢٣
﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إلّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا هو مَوْلانا وعَلى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ﴾تَلْقِينُ جَوابٍ لِقَوْلِهِمْ ﴿قَدْ أخَذْنا أمْرَنا مِن قَبْلُ﴾ [التوبة: ٥٠] المُنْبِئِ عَنْ فَرَحِهِمْ بِما يَنالُ المُسْلِمِينَ مِن مُصِيبَةٍ بِإثْباتِ عَدَمِ اكْتِراثِ المُسْلِمِينَ بِالمُصِيبَةِ وانْتِفاءِ حُزْنِهِمْ عَلَيْها لِأنَّهم يَعْلَمُونَ أنَّ ما أصابَهم ما كانَ إلّا بِتَقْدِيرِ اللَّهِ لِمَصْلَحَةِ المُسْلِمِينَ في ذَلِكَ، فَهو نَفْعٌ مَحْضٌ كَما تَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْدِيَةُ فِعْلِ (كَتَبَ) بِاللّامِ المُؤْذِنَةِ بِأنَّهُ كَتَبَ ذَلِكَ لِنَفْعِهِمْ ومَوْقِعُ هَذا الجَوابِ هو أنَّ العَدُوَّ يَفْرَحُ بِمُصابِ عَدُوِّهِ لِأنَّهُ يُنَكِّدُ عَدُوَّهُ ويُحْزِنُهُ، فَإذا عَلِمُوا أنَّ النَّبِيءَ لا يَحْزَنُ لِما أصابَهُ زالَ فَرَحُهم.
وفِيهِ تَعْلِيمٌ لِلْمُسْلِمِينَ التَّخَلُّقَ بِهَذا الخُلُقِ: وهو أنْ لا يَحْزَنُوا لِما يُصِيبُهم لِئَلّا يَهِنُوا وتَذْهَبَ قُوَّتُهم، كَما قالَ - تَعالى: ﴿ولا تَهِنُوا ولا تَحْزَنُوا وأنْتُمُ الأعْلَوْنَ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ إنْ يَمْسَسْكم قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ القَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ﴾ [آل عمران: ١٣٩] . وأنْ يَرْضَوْا بِما قَدَّرَ اللَّهُ لَهم ويَرْجُوا رِضى رَبِّهِمْ لِأنَّهم واثِقُونَ بِأنَّ اللَّهَ يُرِيدُ نَصْرَ دِينِهِ.
وجُمْلَةُ هو مَوْلانا في مَوْضِعِ الحالِ مِنِ اسْمِ الجَلالَةِ، أوْ مُعْتَرِضَةٌ أيْ لا يُصِيبُنا إلّا ما قَدَّرَهُ اللَّهُ لَنا، ولَنا الرَّجاءُ بِأنَّهُ لا يَكْتُبُ لَنا إلّا ما فِيهِ خَيْرُنا العاجِلُ أوِ الآجِلُ؛ لِأنَّ المَوْلى لا يَرْضى لِمَوْلاهُ الخِزْيَ.
وجُمْلَةُ ﴿وعَلى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ﴾ يَجُوزُ أنْ تَكُونَ مَعْطُوفَةً عَلى جُمْلَةِ قُلْ فَهي مِن كَلامِ اللَّهِ - تَعالى - خَبَرًا في مَعْنى الأمْرِ، أيْ قُلْ ذَلِكَ ولا تَتَوَكَّلُوا إلّا عَلى اللَّهِ دُونَ نُصْرَةِ هَؤُلاءِ، أيِ اعْتَمِدُوا عَلى فَضْلِهِ عَلَيْكم.
ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ مَعْطُوفَةً عَلى جُمْلَةِ لَنْ يُصِيبَنا أيْ قُلْ ذَلِكَ لَهم، وقُلْ لَهم إنَّ المُؤْمِنِينَ لا يَتَوَكَّلُونَ إلّا عَلى اللَّهِ، أيْ يُؤْمِنُونَ بِأنَّهُ مُؤَيِّدُهم، ولَيْسَ تَأْيِيدُهم بِإعانَتِكم، وتَفْصِيلُ هَذا الإجْمالِ في الجُمْلَةِ الَّتِي بَعْدَها. والفاءُ الدّاخِلَةُ عَلى ﴿فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ﴾ فاءٌ تَدُلُّ عَلى مَحْذُوفٍ مُفَرَّعٍ عَلَيْهِ اقْتَضاهُ تَقْدِيمُ المَعْمُولِ، أيْ عَلى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ.