Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿ويَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إنَّهم لَمِنكم وما هم مِنكم ولَكِنَّهم قَوْمٌ يَفْرَقُونَ﴾
هَذِهِ الجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلى ما قَبْلَها مِن أخْبارِ أهْلِ النِّفاقِ. وضَمائِرُ الجَمْعِ عائِدَةٌ إلَيْهِمْ، قُصِدَ مِنها إبْطالُ ما يُمَوِّهُونَ بِهِ عَلى المُسْلِمِينَ مِن تَأْكِيدِ كَوْنِهِمْ مُؤْمِنِينَ بِالقَسَمِ عَلى أنَّهم مِنَ المُؤْمِنِينَ.
فَمَعْنى ”إنَّهم لَمِنكم“ أيْ بَعْضٌ مِنَ المُخاطَبِينَ ولَمّا كانَ المُخاطَبُونَ مُؤْمِنِينَ، كانَ التَّبْعِيضُ عَلى اعْتِبارِ اتِّصافِهِمْ بِالإيمانِ، بِقَرِينَةِ القَسَمِ لِأنَّهم تَوَجَّسُوا شَكَّ المُؤْمِنِينَ في أنَّهم مِثْلُهم.
صفحة ٢٣٠
والفَرَقُ: الخَوْفُ الشَّدِيدُ.واخْتِيارُ صِيغَةِ المُضارِعِ في قَوْلِهِ: (ويَحْلِفُونَ) وقَوْلِهِ: (يَفْرَقُونَ) لِلدَّلالَةِ عَلى التَّجَدُّدِ وأنَّ ذَلِكَ دَأْبُهم.
ومُقْتَضى الِاسْتِدْراكِ: أنْ يَكُونَ المُسْتَدْرَكُ أنَّهم لَيْسُوا مِنكم، أيْ كافِرُونَ، فَحُذِفَ المُسْتَدْرَكُ اسْتِغْناءً بِأداةِ الِاسْتِدْراكِ، وذُكِرَ ما هو كالجَوابِ عَنْ ظاهِرِ حالِهِمْ مِنَ الإيمانِ بِأنَّهُ تَظاهُرٌ باطِلٌ وبِأنَّ الَّذِي دَعاهم إلى التَّظاهُرِ بِالإيمانِ في حالِ كُفْرِهِمْ: هو أنَّهم يَفْرَقُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ، فَحَصَلَ إيجازٌ بَدِيعٌ في الكَلامِ إذِ اسْتُغْنِيَ بِالمَذْكُورِ عَنْ جُمْلَتَيْنِ مَحْذُوفَتَيْنِ.
وحُذِفَ مُتَعَلِّقُ يَفْرَقُونَ لِظُهُورِهِ، أيْ يَخافُونَ مِن عَداوَةِ المُسْلِمِينَ لَهم وقِتالِهِمْ إيّاهم أوْ إخْراجِهِمْ، كَما قالَ - تَعالى: ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ المُنافِقُونَ والَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ والمُرْجِفُونَ في المَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إلّا قَلِيلًا﴾ [الأحزاب: ٦٠] ﴿مَلْعُونِينَ أيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وقُتِّلُوا تَقْتِيلًا﴾ [الأحزاب: ٦١] .
وقَوْلُهُ: ﴿وما هم مِنكم ولَكِنَّهم قَوْمٌ يَفْرَقُونَ﴾ كَلامٌ مُوَجَّهٌ لِصَلاحِيَّتِهِ لِأنْ يَكُونَ مَعْناهُ أيْضًا وما هم مِنكم ولَكِنَّهم قَوْمٌ مُتَّصِفُونَ بِصِفَةِ الجُبْنِ، والمُؤْمِنُونَ مِن صِفَتِهِمُ الشَّجاعَةُ والعِزَّةُ، فالَّذِينَ يَفْرَقُونَ لا يَكُونُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ، وفي مَعْنى هَذا قَوْلُهُ - تَعالى: ﴿قالَ يا نُوحُ إنَّهُ لَيْسَ مِن أهْلِكَ إنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ﴾ [هود: ٤٦] وقَوْلُ مُساوِرِ بْنِ هِنْدٍ في ذَمِّ بَنِي أسَدٍ:
زَعَمْتُمْ أنَّ إخْوَتَكم قُرَيْشٌ لَهم إلْفٌ ولَيْسَ لَكم إلافُ ∗∗∗ أُولَئِكَ أُومِنُوا جُوعًا وخَوْفًاوَقَدْ جاعَتْ بَنُو أسَدٍ وخافُوا
فَيَكُونُ تَوْجِيهًا بِالثَّناءِ عَلى المُؤْمِنِينَ، ورُبَّما كانَتِ الآيَةُ المَذْكُورَةُ عَقِبَها أوْفَقَ بِهَذا المَعْنى. وفي هَذِهِ الآيَةِ دَلالَةٌ عَلى أنَّ اخْتِلافَ الخُلُقِ مانِعٌ مِنَ المُواصَلَةِ والمُوافَقَةِ.