﴿يَحْلِفُونَ لَكم لِتَرْضَوْا عَنْهم فَإنْ تَرْضَوْا عَنْهم فَإنَّ اللَّهَ لا يَرْضى عَنِ القَوْمِ الفاسِقِينَ﴾

هَذِهِ الجُمْلَةُ بَدَلُ اشْتِمالٍ مِن جُمْلَةِ ﴿سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكم إذا انْقَلَبْتُمْ إلَيْهِمْ﴾ [التوبة: ٩٥] لِأنَّهم إذا حَلَفُوا لِأجْلِ أنْ يُعْرِضَ عَنْهُمُ المُسْلِمُونَ فَلا يَلُومُونَهم، فَإنَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ طَلَبَهم رِضى المُسْلِمِينَ.

وقَدْ فَرَّعَ اللَّهُ عَلى ذَلِكَ أنَّهُ إنْ رَضِيَ المُسْلِمُونَ عَنْهم وأعْرَضُوا عَنْ لَوْمِهِمْ فَإنَّ اللَّهَ لا يَرْضى عَنِ المُنافِقِينَ. وهَذا تَحْذِيرٌ لِلْمُسْلِمِينَ مِنَ الرِّضى عَنِ المُنافِقِينَ بِطَرِيقِ الكِنايَةِ إذْ قَدْ عَلِمَ المُسْلِمُونَ أنَّ ما لا يُرْضِي اللَّهَ لا يَكُونُ لِلْمُسْلِمِينَ أنْ يَرْضَوْا بِهِ.

والقَوْمُ الفاسِقُونَ هم هَؤُلاءِ المُنافِقُونَ. والعُدُولُ عَنِ الإتْيانِ بِضَمِيرِ (هم) إلى التَّعْبِيرِ بِصِفَتِهِمْ لِلدَّلالَةِ عَلى ذَمِّهِمْ وتَعْلِيلِ عَدَمِ الرِّضى عَنْهم، فالكَلامُ مُشْتَمِلٌ عَلى خَبَرٍ وعَلى دَلِيلِهِ فَأفادَ مُفادَ كَلامَيْنِ لِأنَّهُ يَنْحَلُّ إلى: فَإنْ تَرْضَوْا عَنْهم فَإنَّ اللَّهَ لا يَرْضى عَنْهم لِأنَّ اللَّهَ لا يَرْضى عَنِ القَوْمِ الفاسِقِينَ.