Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿إنَّ في اخْتِلافِ اللَّيْلِ والنَّهارِ وما خَلَقَ اللَّهُ في السَّماواتِ والأرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ﴾
اسْتِدْلالٌ آخَرُ عَلى انْفِرادِ اللَّهِ - تَعالى - بِالخَلْقِ والتَّقْدِيرِ. وهو اسْتِدْلالٌ بِأحْوالِ الضَّوْءِ والظُّلْمَةِ وتَعاقُبِ اللَّيْلِ والنَّهارِ وفي ذَلِكَ عِبْرَةٌ عَظِيمَةٌ. وهو بِما فِيهِ مِن عَطْفِ قَوْلِهِ: ﴿وما خَلَقَ اللَّهُ في السَّماواتِ والأرْضِ﴾ أعَمُّ مِنَ الدَّلِيلِ الأوَّلِ لِشُمُولِهِ ما هو أكْثَرُ مِن خَلْقِ الشَّمْسِ والقَمَرِ ومِن خَلْقِ اللَّيْلِ والنَّهارِ ومِن كُلِّ ما في الأرْضِ والسَّماءِ مِمّا تَبْلُغُ إلَيْهِ مَعْرِفَةُ النّاسِ في مُخْتَلَفِ العُصُورِ وعَلى تَفاوُتِ مَقادِيرِ الِاسْتِدْلالِ مِن عُقُولِهِمْ.
وتَأْكِيدُ هَذا الِاسْتِدْلالِ بِحَرْفِ (إنَّ) لِأجْلِ تَنْزِيلِ المُخاطَبِينَ بِهِ الَّذِينَ لَمْ يَهْتَدُوا بِتِلْكَ الدَّلائِلِ إلى التَّوْحِيدِ مَنزِلَةَ مَن يُنْكِرُ أنَّ في ذَلِكَ آياتٍ عَلى الوَحْدانِيَّةِ بِعَدَمِ جَرْيِهِمْ عَلى مُوجَبِ العِلْمِ.
صفحة ٩٨
وتَقَدَّمَ القَوْلُ في شَبِيهَةِ هَذِهِ الآيَةِ وهو قَوْلُهُ: ﴿إنَّ في خَلْقِ السَّماواتِ والأرْضِ واخْتِلافِ اللَّيْلِ والنَّهارِ والفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي في البَحْرِ﴾ [البقرة: ١٦٤] الآيَةَ في سُورَةِ البَقَرَةِ وفي خَواتِمِ سُورَةِ آلِ عِمْرانَ.وشَمِلَ قَوْلُهُ: وما خَلَقَ اللَّهُ الأجْسامَ والأحْوالَ كُلَّها.
وجُعِلَتِ الآياتُ هُنا لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ وفي آيَةِ البَقَرَةِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وفي آيَةِ آلِ عِمْرانَ لِأُولِي الألْبابِ لِأنَّ السِّياقَ هُنا تَعْرِيضٌ بِالمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَمْ يَهْتَدُوا بِالآياتِ لِيَعْلَمُوا أنَّ بُعْدَهم عَنِ التَّقْوى هو سَبَبُ حِرْمانِهِمْ مِنَ الِانْتِفاعِ بِالآياتِ، وأنَّ نَفْعَها حاصِلٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ، أيْ يَحْذَرُونَ الضَّلالَ. فالمُتَّقُونَ هُمُ المُتَّصِفُونَ بِاتِّقاءِ ما يُوقِعُ في الخُسْرانِ فَيَبْعَثُهم عَلى تَطَلُّبِ أسْبابِ النَّجاحِ فَيَتَوَجَّهُ الفِكْرُ إلى النَّظَرِ والِاسْتِدْلالِ بِالدَّلائِلِ. وقَدْ مَرَّ تَعْلِيلُ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ - تَعالى: ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢] في أوَّلِ البَقَرَةِ عَلى أنَّهُ قَدْ سَبَقَ قَوْلُهُ في الآيَةِ قَبْلَها ﴿نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٢]، وأمّا آيَةُ البَقَرَةِ وآيَةُ آلِ عِمْرانَ فَهُما وارِدَتانِ في سِياقٍ شامِلٍ لِلنّاسِ عَلى السَّواءِ. وذِكْرُ لَفْظِ قَوْمٍ تَقَدَّمَ في الآيَةِ قَبْلَ هَذِهِ.