Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿وما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلى اللَّهِ الكَذِبَ يَوْمَ القِيامَةِ إنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلى النّاسِ ولَكِنَّ أكْثَرَهم لا يَشْكُرُونَ﴾
عَطْفٌ عَلى جُمْلَةِ ﴿قُلْ أرَأيْتُمْ﴾ [يونس: ٥٩]، فَهو كَلامٌ غَيْرُ داخِلٍ في القَوْلِ المَأْمُورِ بِهِ، ولَكِنَّهُ ابْتِداءُ خِطابٍ لِجَمِيعِ النّاسِ. و”ما“ لِلِاسْتِفْهامِ. والِاسْتِفْهامُ مُسْتَعْمَلٌ في التَّعْجِيبِ مِن حالِهِمْ. والمَقْصُودُ بِهِ التَّعْرِيضُ بِالمُشْرِكِينَ لِيَسْتَفِيقُوا مِن غَفْلَتِهِمْ ويُحاسِبُوا أنْفُسَهم.
ولِذَلِكَ كانَ مُقْتَضى الظّاهِرِ أنْ يُؤْتى بِضَمِيرِ ”هم“ مُضافًا إلَيْهِ الظَّنُّ إمّا ضَمِيرِ خِطابٍ أوْ غَيْبَةٍ. فَيُقالُ: وما ظَنُّكم أوْ وما ظَنُّهم، فَعَدَلَ عَنْ مُقْتَضى الظّاهِرِ إلى الإتْيانِ بِالمَوْصُولِ بِالصِّلَةِ المُخْتَصَّةِ بِهِمْ لِلتَّنْبِيهِ عَلى أنَّ التَّرْدِيدَ بَيْنَ أنْ يَكُونَ اللَّهُ أذِنَ لَهم فِيما حَرَّمُوهُ وبَيْنَ أنْ يَكُونُوا مُفْتَرِينَ عَلَيْهِ قَدِ انْحَصَرَ في القِسْمِ الثّانِي، وهو كَوْنُهم مُفْتَرِينَ إذْ لا مَساغَ لَهم في ادِّعاءِ أنَّهُ أذِنَ لَهم، فَإذا تَعَيَّنَ أنَّهم مُفْتَرُونَ فَقَدْ صارَ الِافْتِراءُ حالَهُمُ المُخْتَصَّ بِهِمْ. وفي المَوْصُولِ إيذانٌ بِعِلَّةِ التَّعْجِيبِ مِن ظَنِّهِمْ بِأنْفُسِهِمْ يَوْمَ القِيامَةِ.
وحُذِفَ مَفْعُولا الظَّنِّ لِقَصْدِ تَعْمِيمِ ما يَصْلُحُ لَهُ، أيْ ما ظَنُّهم بِحالِهِمْ وبِجَزائِهِمْ وبِأنْفُسِهِمْ. وانْتَصَبَ الكَذِبُ عَلى المَفْعُولِ المُطْلَقِ، واللّامُ فِيهِ لِتَعْرِيفِ الجِنْسِ، كَأنَّهُ قِيلَ كَذِبًا، ولَكِنَّهُ عُرِّفَ لِتَفْظِيعِ أمْرِهِ، أيْ هو الكَذِبُ المَعْرُوفُ عِنْدَ النّاسِ المُسْتَقْبَحِ في العُقُولِ.
ويَوْمَ القِيامَةِ مَنصُوبٌ عَلى الظَّرْفِيَّةِ وعامِلُهُ الظَّنُّ، أيْ ما هو ظَنُّهم في ذَلِكَ اليَوْمِ أيْ إذا رَأوُا الغَضَبَ عَلَيْهِمْ يَوْمَئِذٍ ماذا يَكُونُ ظَنُّهم أنَّهم لاقُونِ، وهَذا تَهْوِيلٌ.
صفحة ٢١١
وجُمْلَةُ ﴿إنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلى النّاسِ﴾ تَذْيِيلٌ لِلْكَلامِ المُفْتَتَحِ بِقَوْلِهِ: ﴿يا أيُّها النّاسُ قَدْ جاءَتْكم مَوْعِظَةٌ مِن رَبِّكم وشِفاءٌ لِما في الصُّدُورِ﴾ [يونس: ٥٧] . وفِيهِ قَطْعٌ لِعُذْرِ المُشْرِكِينَ، وتَسْجِيلٌ عَلَيْهِمْ بِالتَّمَرُّدِ بِأنَّ اللَّهَ تَفَضَّلَ عَلَيْهِمْ بِالرِّزْقِ والمَوْعِظَةِ والإرْشادِ فَقابَلُوا ذَلِكَ بِالكُفْرِ دُونَ الشُّكْرِ وجَعَلُوا رِزْقَهم أنَّهم يُكَذِّبُونَ في حِينِ قابَلَهُ المُؤْمِنُونَ بِالفَرَحِ والشُّكْرِ فانْتَفَعُوا بِهِ في الدُّنْيا والآخِرَةِ.