Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿ولَمّا جا أمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْبًا والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنّا وأخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأصْبَحُوا في دِيارِهِمْ جاثِمِينَ﴾ ﴿كَأنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها ألا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ﴾
عُطِفَ لَمّا جاءَ أمْرُنا هُنا وفي قَوْلِهِ في قِصَّةِ عادٍ ﴿ولَمّا جاءَ أمْرُنا نَجَّيْنا هُودًا﴾ [هود: ٥٨] بِالواوِ فِيهِما وعُطِفَ نَظِيراهُما في قِصَّةِ ثَمُودٍ ﴿فَلَمّا جاءَ أمْرُنا نَجَّيْنا صالِحًا﴾ [هود: ٦٦] وفي قِصَّةِ قَوْمِ لُوطٍ ﴿فَلَمّا جاءَ أمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها﴾ [هود: ٨٢] لِأنَّ قِصَّتَيْ ثَمُودَ وقَوْمِ لُوطٍ كانَ فِيهِما تَعْيِينُ أجَلِ العَذابِ الَّذِي تَوَعَّدَ بِهِ النَّبِيئانِ
صفحة ١٥٤
قَوْمَهُما؛ فَفي قِصَّةِ ثَمُودَ ﴿فَقالَ تَمَتَّعُوا في دارِكم ثَلاثَةَ أيّامٍ ذَلِكَ وعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ﴾ [هود: ٦٥]، وفي قِصَّةِ قَوْمِ لُوطٍ ﴿إنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ألَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ﴾ [هود: ٨١]؛ فَكانَ المَقامُ مُقْتَضِيًا تَرْقُبُ السّامِعِ لِما حَلَّ بِهِمْ عِنْدَ ذَلِكَ المَوْعِدِ فَكانَ المَوْقِعُ لِلْفاءِ لِتَفْرِيعِ ما حَلَّ بِهِمْ عَلى الوَعِيدِ بِهِ. ولَيْسَ في قِصَّةِ عادٍ وقِصَّةِ مَدْيَنَ تَعْيِينٌ لِمَوْعِدِ العَذابِ ولَكِنَّ الوَعِيدَ فِيهِما مُجْمَلٌ مِن قَوْلِهِ: ﴿ويَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾ [هود: ٥٧]، وقَوْلُهُ: ﴿وارْتَقِبُوا إنِّي مَعَكم رَقِيبٌ﴾ [هود: ٩٣] .وتَقَدَّمَ القَوْلُ في مَعْنى جاءَ أمْرُنا إلى قَوْلِهِ: ﴿ألا بُعْدًا لِمَدْيَنَ﴾ في قِصَّةِ ثَمُودَ. وتَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى بُعْدًا في قِصَّةِ نُوحٍ في قَوْلِهِ: ﴿وقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظّالِمِينَ﴾ [هود: ٤٤] .
وأمّا قَوْلُهُ: ﴿كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ﴾ فَهو تَشْبِيهُ البُعْدِ الَّذِي هو انْقِراضُ مَدْيَنَ بِانْقِراضِ ثَمُودَ. ووَجْهُ الشَّبَهِ التَّماثُلُ في سَبَبِ عِقابِهِمْ بِالِاسْتِئْصالِ، وهو عَذابُ الصَّيْحَةِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ المَقْصُودُ مِنَ التَّشْبِيهِ الِاسْتِطْرادَ بِذَمِّ ثَمُودَ لِأنَّهم كانُوا أشَدَّ جُرْأةً في مُناوَأةِ رُسُلِ اللَّهِ، فَلَمّا تَهَيَّأ المَقامُ لِاخْتِتامِ الكَلامِ في قَصَصِ الأُمَمِ البائِدَةِ ناسَبَ أنْ يُعادَ ذِكْرُ أشَدِّها كُفْرًا وعِنادًا فَشَبَّهَ هَلَكَ مَدْيَنَ بِهَلَكِهِمْ.
والِاسْتِطْرادُ فَنٌّ مِنَ البَدِيعِ. ومِنهُ قَوْلُ حَسّانَ في الِاسْتِطْرادِ بِالهِجاءِ بِالحارِثِ أخِي أبِي جَهْلٍ:
إنْ كُنْتِ كاذِبَةً الَّذِي حَدَّثْـتِـنِـي فَنَجَوْتِ مَنجى الحارِثِ بْنِ هِشامِ
تَرَكَ الأحِبَّةَ أنْ يُقاتِـلَ دُونَـهُـمُ ∗∗∗ ونَجا بِرَأْسِ طَمَـرَّةٍ ولِـجَـامِ