﴿أفَأمِنُوا أنْ تَأْتِيَهم غاشِيَةٌ مِن عَذابِ اللَّهِ أوْ تَأْتِيَهُمُ السّاعَةُ بَغْتَةً وهم لا يَشْعُرُونَ﴾ اعْتِراضٌ بِالتَّفْرِيعِ عَلى ما دَلَّتْ عَلَيْهِ الجُمْلَتانِ قَبْلَهُ مِن تَفْظِيعِ حالِهِمْ وجُرْأتِهِمْ عَلى خالِقِهِمْ والِاسْتِمْرارِ عَلى ذَلِكَ دُونَ إقْلاعٍ. فَكَأنَّهم في إعْراضِهِمْ عَنْ تَوَقُّعِ حُصُولِ غَضَبِ اللَّهِ بِهِمْ آمِنُونَ أنْ تَأْتِيَهم غاشِيَةٌ مِن عَذابِهِ في الدُّنْيا أوْ تَأْتِيَهُمُ السّاعَةُ بَغْتَةً فَتَحُولُ بَيْنَهم وبَيْنَ التَّوْبَةِ ويَصِيرُونَ إلى العَذابِ الخالِدِ.

والِاسْتِفْهامُ مُسْتَعْمَلٌ في التَّوْبِيخِ.

والغَشْيُ والغَشَيانُ: الإحاطَةُ مِن كُلِّ جانِبٍ ﴿وإذا غَشِيَهم مَوْجٌ كالظُّلَلِ﴾ [لقمان: ٣٢]، وتَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ﴾ [الأعراف: ٥٤] في سُورَةِ الأعْرافِ. والغاشِيَةُ: الحادِثَةُ الَّتِي تُحِيطُ بِالنّاسِ. والعَرَبُ يُؤَنِّثُونَ هَذِهِ الحَوادِثَ مِثْلَ الطّامَّةِ والصّاخَّةِ والدّاهِيَةِ والمُصِيبَةِ والكارِثَةِ والحادِثَةِ والواقِعَةِ والحاقَّةِ.

والبَغْتَةُ: الفَجْأةُ. وتَقَدَّمَتْ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿حَتّى إذا جاءَتْهُمُ السّاعَةُ بَغْتَةً﴾ [الأنعام: ٣١] في آخِرِ سُورَةِ الأنْعامِ.