صفحة ٢١٨

﴿وقالَ الشَّيْطانُ لَمّا قُضِيَ الأمْرُ إنَّ اللَّهَ وعَدَكم وعْدَ الحَقِّ ووَعَدْتُكم فَأخْلَفْتُكم وما كانَ لِي عَلَيْكم مِن سُلْطانٍ إلّا أنْ دَعَوْتُكم فاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي ولُومُوا أنْفُسَكم ما أنا بِمُصْرِخِكم وما أنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إنِّي كَفَرْتُ بِما أشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إنَّ الظّالِمِينَ لَهم عَذابٌ ألِيمٌ﴾

أفْضَتْ مُجادَلَةُ الضُّعَفاءِ وسادَتِهِمْ في تَغْرِيرِهِمْ بِالضَّلالَةِ إلى نُطْقِ مَصْدَرِ الضَّلالَةِ وهو الشَّيْطانُ: إمّا لِأنَّهم بَعْدَ أنِ اعْتَذَرَ إلَيْهِمْ كُبَراؤُهم بِالحِرْمانِ مِنَ الهُدى عَلِمُوا أنَّ سَبَبَ إضْلالِهِمْ هو الشَّيْطانُ؛ لِأنَّ نَفْيَ الِاهْتِداءِ يُرادِفُهُ الضَّلالُ، وإمّا لِأنَّ المُسْتَكْبِرِينَ انْتَقَلُوا مِنَ الِاعْتِذارِ لِلضُّعَفاءِ إلى مَلامَةِ الشَّيْطانِ المُوَسْوِسِ لَهم ما أوْجَبَ ضَلالَهَمْ، وكُلُّ ذَلِكَ بِعِلْمٍ يَقَعُ في نُفُوسِهِمْ كالوِجْدانِ، عَلى أنَّ قَوْلَهُ ﴿فَلا تَلُومُونِي﴾ يَظْهَرُ مِنهُ أنَّهُ تَوَجَّهَ إلَيْهِ مَلامٌ صَرِيحٌ، ويُحْتَمَلُ أنَّهُ تَوَقَّعَهُ فَدَفَعَهُ قَبْلَ وُقُوعِهِ وأنَّهُ يُتَوَّجَهُ إلَيْهِ بِطَرِيقَةِ التَّعْرِيضِ، فَجُمْلَةُ ﴿وقالَ الشَّيْطانُ﴾ عَطْفٌ عَلى جُمْلَةِ ﴿فَقالَ الضُّعَفاءُ﴾ [إبراهيم: ٢١] .

والمَقْصُودُ مِن وصْفِ هَذا المَوْقِفِ إثارَةَ بُغْضِ الشَّيْطانِ في نُفُوسِ أهْلِ الكُفْرِ لِيَأْخُذُوا حِذْرَهم بِدِفاعِ وسْواسِهِ؛لِأنَّ هَذا الخِطابَ الَّذِي يُخاطِبُهم بِهِ الشَّيْطانُ مَلِيءٌ بِإضْمارِهِ الشَّرَّ لَهم فِيما وعَدَهم في الدُّنْيا مِمّا شَأْنُهُ أنْ يَسْتَفِزَّ غَضَبَهم مِن كَيْدِهِ لَهم وسُخْرِيَتِهِ بِهِمْ، فَيُورِثُهم ذَلِكَ كَراهِيَةً لَهُ وسُوءَ ظَنِّهِمْ بِما يَتَوَقَّعُونَ إتْيانَهُ إلَيْهِمْ مِن قِبَلِهِ، وذَلِكَ أصْلٌ عَظِيمٌ في المَوْعِظَةِ والتَّرْبِيَةِ.

ومَعْنى قُضِيَ الأمْرُ تُمِّمَ الشَّأْنُ، أيْ: إذْنُ اللَّهِ وحُكْمُهُ، ومَعْنى إتْمامِهِ: ظُهُورُهُ، وهو أمْرُهُ تَعالى بِتَمْيِيزِ أهْلِ الضَّلالَةِ وأهْلِ الهِدايَةِ، قالَ تَعالى ﴿وامْتازُوا اليَوْمَ أيُّها المُجْرِمُونَ﴾ [يس: ٥٩]، وذَلِكَ بِتَوْجِيهِ كُلِّ فَرِيقٍ إلى مَقَرِّهِ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ بِعَمَلِهِ، فَيَتَصَدّى الشَّيْطانُ لِلتَّخْفِيفِ عَنِ المَلامِ عَنْ نَفْسِهِ بِتَشْرِيكِ الَّذِينَ أضَلَّهم مَعَهُ في تَبِعَةِ ضَلالِهِمْ، وقَدْ أنْطَقَهُ اللَّهُ بِذَلِكَ لِإعْلانِ الحَقِّ. وشَهادَةٍ عَلَيْهِمْ بِأنَّ لَهم كَسْبًا في اخْتِيارِ الِانْطِباعِ إلى دَعْوَةِ الضَّلالِ دُونَ دَعْوَةِ الحَقِّ، فَهَذا

صفحة ٢١٩

شَبِيهُ شَهادَةِ ألْسِنَتِهِمْ وأيْدِيهِمْ وأرْجُلِهِمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ وقَوْلِهِمْ لَهم ﴿أنْطَقَنا اللَّهُ الَّذِي أنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [فصلت: ٢١] إظْهارًا لِلْحَقِيقَةِ وتَسْجِيلًا عَلى أهْلِ الضَّلالَةِ وقَمْعًا لِسَفْسَطَتِهِمْ.

وأخْبَرَ اللَّهُ بِها النّاسَ اسْتِقْصاءً في الإبْلاغِ لِيُحِيطَ النّاسَ عِلْمًا بِكُلِّ ما سَيَحِلُّ بِهِمْ، وإيقاظًا لَهم لِيَتَأمَّلُوا الحَقائِقَ الخَفِيَّةَ فَتُصْبِحَ بَيِّنَةً واضِحَةً، فَقَوْلُ الشَّيْطانِ ﴿فَلا تَلُومُونِي ولُومُوا أنْفُسَكُمْ﴾ إبْطالٌ لِإفْرادِهِ بِاللَّوْمِ أوْ لِابْتِداءِ تَوْجِيهِ المُلامِ إلَيْهِ في حِينِ أنَّهم أجْدَرُ بِاللَّوْمِ أوْ بِابْتِداءِ تَوْجِيهِهِ.

وأمّا وقْعُ كَلامِ الشَّيْطانِ مِن نُفُوسِ الَّذِينَ خاطَبَهم فَهو مُوقِعُ الحَسْرَةِ مِن نُفُوسِهِمْ زِيادَةً في عَذابِ النَّفْسِ.

وإضافَةُ (وعْدَ) إلى (الحَقِّ) مِن إضافَةِ المَوْصُوفِ إلى الصِّفَةِ مُبالَغَةً في الِاتِّصافِ، أيِ الوَعْدُ الحَقُّ الَّذِي لا نَقْضَ لَهُ.

والحَقُّ: هُنا بِمَعْنى الصِّدْقِ والوَفاءِ بِالمَوْعُودِ بِهِ، وضِدُّهُ: الإخْلافُ، ولِذَلِكَ قالَ ﴿ووَعَدْتُكم فَأخْلَفْتُكُمْ﴾، أيْ: كَذَبْتُ مَوْعِدِي، وشَمَلَ وعَدُ الحَقِّ جَمِيعَ ما وعَدَهُمُ اللَّهُ بِالقُرْآنِ عَلى لِسانِ رَسُولِهِ ﷺ، وشَمَلَ الخُلْفُ جَمِيعَ ما كانَ يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ عَلى لِسانِ أوْلِيائِهِ وما يَعِدُهم إلّا غُرُورًا.

والسُّلْطانُ: اسْمُ مَصْدَرِ (تَسَلَّطَ عَلَيْهِ)، أيْ: غَلَبَهُ وقَهَرَهُ، أيْ: لَمْ أكُنْ مُجْبِرًا لَكم عَلى اتِّباعِي فِيما أمَرْتُكم.

والِاسْتِثْناءُ في ﴿إلّا أنْ دَعَوْتُكُمْ﴾ اسْتِثْناءٌ مُنْقَطِعٌ لِأنَّ ما بَعْدَ حَرْفِ الِاسْتِثْناءِ لَيْسَ مِن جِنْسِ ما قَبْلَهُ. فالمَعْنى: لَكِنِّي دَعَوْتُكم فاسْتَجَبْتُمْ لِي.

وتَفَرَّعَ عَلى ذَلِكَ ﴿فَلا تَلُومُونِي ولُومُوا أنْفُسَكُمْ﴾، والمَقْصُودُ: لُومُوا أنْفُسَكم، أيْ: إذْ قَبِلْتُمْ إشارَتِي ودَعْوَتِي، وقَدْ تَقَدَّمَ بَيانُهُ صَدْرَ الكَلامِ عَلى الآيَةِ.

صفحة ٢٢٠

ومَجْمُوعُ الجُمْلَتَيْنِ يُفِيدُ مَعْنى القَصْرِ، كَأنَّهُ قالَ: فَلا تَلُومُوا إلّا أنْفُسَكم، وهو في مَعْنى قَصْرِ قَلْبٍ بِالنِّسْبَةِ إلى إفْرادِهِ بِاللَّوْمِ، وحَقُّهُمُ التَّشْرِيكُ فَقَلْبُ اعْتِقادِهِمْ إفْرادُهُ دُونَ اعْتِبارِ الشِّرْكَةِ، وهَذا مِن نادِرِ مَعانِي القَصْرِ الإضافِيِّ، وهو مَبْنِيٌّ عَلى اعْتِبارِ أجْدَرِ الطَّرَفَيْنِ بِالرَّدِّ، وهو طَرَفُ اعْتِقادِ العَكْسِ بِحَيْثُ صارَ التَّشْرِيكُ كالمُلْغى؛ لِأنَّ الحَظَّ الأوْفَرَ لِأحَدِ الشَّرِيكَيْنِ.

وجُمْلَةُ ﴿ما أنا بِمُصْرِخِكم وما أنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ﴾، بَيانٌ لِجُمْلَةِ النَّهْيِ عَنْ لَوْمٍ؛ لِأنَّ لَوْمَهُ فِيهِ تَعْرِيضٌ بِأنَّهم يَتَطَلَّبُونَ مِنهُ حِيلَةً لِنَجاتِهِمْ، فَنَفى ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ أنْ نَهاهم عَنْ أنْ يَلُومُوهُ.

والإصْراخُ: الإغاثَةُ، اشْتُقَّ مِنَ الصُّراخِ؛ لِأنَّ المُسْتَغِيثَ يَصْرُخُ بِأعْلى صَوْتِهِ، فَقِيلَ: أصْرَخَهُ، إذا أجابَ صُراخَهُ، كَما قالُوا: أعْتَبَهُ، إذا قَبِلَ اسْتِعْتابَهُ، وأمّا عَطْفُ ﴿وما أنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ﴾ فالمَقْصُودُ مِنهُ اسْتِقْصاءُ عَدَمِ غَناءِ أحَدِهِما عَنِ الآخَرِ.

وقَرَأ الجُمْهُورُ ﴿بِمُصْرِخِيَّ﴾ بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً، وأصْلُهُ بِمُصْرِخِيِيَ بِياءَيْنِ: أُولاهُما ياءُ جَمْعِ المُذَكَّرِ المَجْرُورِ، وثانِيهُما ياءُ المُتَكَلِّمِ، وحَقُّها السُّكُونُ فَلَمّا التَقَتِ الياءانِ ساكِنَتَيْنِ وقَعَ التَّخَلُّصُ مِنَ التِقاءِ السّاكِنَيْنِ بِالفَتْحَةِ لِخِفَّةِ الفَتْحَةِ.

وقَرَأ حَمْزَةُ وخَلَفٌ ﴿بِمُصْرِخِيَّ﴾ بِكَسْرِ الياءِ تَخَلُّصًا مِنَ التِقاءِ السّاكِنَيْنِ بِالكَسْرَةِ؛ لِأنَّ الكَسْرَةَ هو أصْلُ التَّخَلُّصِ مِنَ التِقاءِ السّاكِنَيْنِ. قالَ الفَرّاءُ: تَحْرِيكُ الياءِ بِالكَسْرِ؛ لِأنَّهُ الأصْلُ في التَّخَلُّصِ مِنَ التِقاءِ السّاكِنَيْنِ، إلّا أنَّ كَسْرَ ياءِ المُتَكَلِّمِ في مِثْلِهِ نادِرٌ، وأنْشَدَ في تَنْظِيرِ هَذا التَّخَلُّصِ بِالكَسْرِ قَوْلُ الأغْلَبِ العِجْلِيِّ:

قالَ لَها هَلْ لَكِ يا تا فِيِّ قالَتْ لَهُ: ما أنْتَ بِالمُرْضِيِّ

أرادَ: هَلْ لَكِ في يا هَذِهِ ؟

وقالَ أبُو عَلِيٍّ الفارِسِيِّ: زَعَمَ قُطْرُبٌ: إنَّها لُغَةُ بَنِي يَرْبُوعٍ، وعَنْ أبِي عَمْرِو بْنِ العَلاءِ أنَّهُ أجازَ الكَسْرَ، واتَّفَقَ الجَمِيعُ عَلى أنَّ التَّخَلُّصَ بِالفَتْحَةِ في مِثْلِهِ أشْهَرُ مِنَ التَّخَلُّصِ بِالكَسْرَةِ، وإنْ كانَ التَّخَلُّصُ بِالكَسْرَةِ

صفحة ٢٢١

هُوَ القِياسُ، وقَدْ أثْبَتَهُ سَنَدُ قِراءَةِ حَمْزَةَ، وقَدْ تَحامَلَ عَلَيْهِ الزَّجّاجُ وتَبِعَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وسَبَقَهُما في ذَلِكَ أبُو عُبَيْدٍ والأخْفَشُ بْنُ سَعِيدٍ وابْنُ النَّحّاسِ ولَمْ يَطَّلِعِ الزَّجّاجُ والزَّمَخْشَرِيُّ عَلى نِسْبَةِ ذَلِكَ البَيْتِ لِلْأغْلَبِ العِجْلِيِّ.

والَّذِي ظَهَرَ لِي أنَّ هَذِهِ القِراءَةَ قَرَأ بِها بَنُو يَرْبُوعٍ مِن تَمِيمٍ، وبَنُو عِجْلِ بْنِ لُجَيْمٍ مِن بَكْرِ بْنِ وائِلٍ، فَقَرَءُوا بِلَهْجَتِهِمْ أخْذًا بِالرُّخْصَةِ لِلْقَبائِلِ أنْ يَقْرَءُوا القُرْآنَ بِلَهَجاتِهِمْ وهي الرُّخْصَةُ الَّتِي أشارَ إلَيْها قَوْلُ النَّبِيءِ ﷺ «إنَّ هَذا القُرْآنَ أُنْزِلَ عَلى سَبْعَةِ أحْرُفٍ فاقْرَءُوا ما تَيَسَّرَ مِنهُ»، كَما تَقَدَّمَ في المُقَدِّمَةِ السّادِسَةِ مِن مُقَدِّماتِ هَذا التَّفْسِيرِ، ثُمَّ نُسِخَتْ تِلْكَ الرُّخْصَةُ بِقِراءَةِ النَّبِيءِ ﷺ في الأعْوامِ الأخِيرَةِ مِن حَياتِهِ المُبارَكَةِ، ولَمْ يَثْبُتْ ما يَنْسَخُها في هَذِهِ الآيَةِ، واسْتَقَرَّ الأمْرُ عَلى قَبُولِ كُلِّ قِراءَةٍ صَحَّ سَنَدُها، ووافَقَتْ وجْهًا في العَرَبِيَّةِ ولَمْ تُخالِفْ رَسْمَ المُصْحَفِ الإمامِ، وهَذِهِ الشُّرُوطُ مُتَوَفِّرَةٌ في قِراءَةِ حَمْزَةَ هَذِهِ كَما عَلِمْتَ آنِفًا؛ فَقُصارى أمْرِها أنَّها تَتَنَزَّلُ مَنزِلَةَ ما يَنْطِقُ بِهِ أحَدُ فُصَحاءِ العَرَبِ عَلى لُغَةِ قَبائِلِها بِحَيْثُ لَوْ قُرِئَ بِها في الصَّلاةِ لَصَحَّتْ عِنْدَ مالِكٍ وأصْحابِهِ.

وجُمْلَةُ ﴿إنِّي كَفَرْتُ بِما أشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ﴾ اسْتِئْنافُ تَنَصُّلٍ آخَرَ مِن تَبِعاتِ عِبادَتِهِمْ إيّاهُ قُصِدَ مِنهُ دَفْعُ زِيادَةِ العَذابِ عَنْهُ بِإظْهارِ الخُضُوعِ لِلَّهِ تَعالى، وأرادَ بِقَوْلِهِ (كَفَرْتُ) شِدَّةَ التَّبَرُّؤِ مِن إشْراكِهِمْ إيّاهُ في العِبادَةِ، فَإنْ أرادَ مِن (مُضِيِّ) فِعْلِ (كَفَرْتُ) مُضِيَّ الأزْمِنَةِ كُلِّها، أيْ: كُنْتُ غَيْرَ راضٍ بِإشْراكِكم إيّايَ فَهو كَذِبٌ مِنهُ أظْهَرَ بِهِ التَّذَلُّلَ، وإنْ كانَ مُرادُهُ مِنَ المُضِيِّ إنْشاءَ عَدَمِ الرِّضى بِإشْراكِهِمْ إيّاهُ فَهو نَدامَةٌ بِمَنزِلَةِ التَّوْبَةِ حَيْثُ لا يُقْبَلُ مَتابٌ، ومِن قَبْلُ عَلى التَّقْدِيرَيْنِ مُتَعَلِّقٌ بِـ أشْرَكْتُمُونِ.

والإشْراكُ الَّذِي كَفَرَ بِهِ إشْراكُهم إيّاهُ في العِبادَةِ بِأنْ عَبَدُوهُ مَعَ اللَّهِ؛ لِأنَّ مِنَ المُشْرِكِينَ مَن يَعْبُدُونَ الشَّياطِينَ والجِنَّ، فَهَؤُلاءِ يَعْبُدُونَ جِنْسَ الشَّيْطانِ مُباشَرَةً، ومِنهم مَن يَعْبُدُونَ الأصْنامَ فَهم يَعْبُدُونَ الشَّياطِينَ بِواسِطَةِ عِبادَةِ آلِهَتِهِ.

صفحة ٢٢٢

وجُمْلَةُ ﴿إنَّ الظّالِمِينَ لَهم عَذابٌ ألِيمٌ﴾ مِنَ الكَلامِ المَحْكِيِّ عَنِ الشَّيْطانِ، وهي في مَوْقِعِ التَّعْلِيلِ لِما تَقَدَّمَ مِن قَوْلِهِ ﴿ما أنا بِمُصْرِخِكُمْ﴾، أيْ: لِأنَّهُ لا يَدْفَعُ عَنْكَ العَذابَ دافَعٌ فَهو واقِعٌ بِكم.