﴿رَبَّنا إنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وما نُعْلِنُ وما يَخْفى عَلى اللَّهِ مِن شَيْءٍ في الأرْضِ ولا في السَّماءِ﴾

جاءَ بِهَذا التَّوَجُّهِ إلى اللَّهِ جامِعًا لِما في ضَمِيرِهِ، وفَذْلَكَةً لِلْجُمَلِ الماضِيَةِ لِما اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِن ذِكْرِ ضَلالِ كَثِيرٍ مِنَ النّاسِ، وذِكْرِ مَنِ اتَّبَعَ دَعْوَتَهُ

صفحة ٢٤٣

ومَن عَصاهُ، وذُكِرَ أنَّهُ أرادَ مِن إسْكانِ أبْنائِهِ بِمَكَّةَ رَجاءَ أنْ يَكُونُوا حُرّاسَ بَيْتِ اللَّهِ، وأنْ يُقِيمُوا الصَّلاةَ، وأنْ يَشْكُرُوا النِّعَمَ المَسْؤُولَةَ لَهم، وفِيهِ تَعْلِيمٌ لِأهْلِهِ وأتْباعِهِ بِعُمُومِ عِلْمِ اللَّهِ - تَعالى - حَتّى يُراقِبُوهُ في جَمِيعِ الأحْوالِ ويُخَلِّصُوا النِّيَّةَ إلَيْهِ.

وجُمْلَةُ ﴿وما يَخْفى عَلى اللَّهِ مِن شَيْءٍ﴾ تَذْيِيلٌ لِجُمْلَةِ ﴿إنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وما نُعْلِنُ﴾، أيْ: تَعْلَمُ أحْوالَنا وتَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ، ولِكَوْنِها تَذْيِيلًا أُظْهِرَ فِيها اسْمُ الجَلالَةِ لِيَكُونَ التَّذْيِيلُ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ بِمَنزِلَةِ المَثَلِ والكَلامِ الجامِعِ.