Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ ومِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنا وتَقَبَّلْ دُعاءِ﴾ ﴿رَبَّنا اغْفِرْ لِي ولِوالِدَيَّ ولِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الحِسابُ﴾
جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ مِن تَمامِ دُعائِهِ، وفِعْلُ اجْعَلْنِي مُسْتَعْمَلٌ في التَّكْوِينِ، كَما تَقَدَّمَ آنِفًا، أيِ اجْعَلْنِي في المُسْتَقْبَلِ مُقِيمَ الصَّلاةِ.
والإقامَةُ: الإدامَةُ، وتَقَدَّمَ في صَدْرِ سُورَةِ البَقَرَةِ.
ومِن ذُرِّيَّتِي: صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ مَعْطُوفٍ عَلى ياءِ المُتَكَلِّمِ، والتَّقْدِيرُ: واجْعَلْ مُقِيمِينَ لِلصَّلاةِ مِن ذُرِّيَّتِي.
و(مِن) ابْتِدائِيَّةٌ ولَيْسَتْ لِلتَّبْعِيضِ؛ لِأنَّ إبْراهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - لا يَسْألُ اللَّهَ إلّا أكْمَلَ ما يُحِبُّهُ لِنَفْسِهِ ولِذَرِّيَّتِهِ، ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ (مِن) لِلتَّبْعِيضِ بِناءً عَلى أنَّ اللَّهَ أعْلَمَهُ بِأنْ يَكُونَ مِن ذُرِّيَّتِهِ فَرِيقٌ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وفَرِيقٌ لا يُقِيمُونَها، أيْ: لا يُؤْمِنُونَ، وهَذا وجْهٌ ضَعِيفٌ؛ لِأنَّهُ يَقْتَضِي أنْ يَكُونَ الدُّعاءُ تَحْصِيلًا لِحاصِلٍ، وهو بَعِيدٌ، وكَيْفَ وقَدْ قالَ ﴿واجْنُبْنِي وبَنِيَّ أنْ نَعْبُدَ الأصْنامَ﴾ [إبراهيم: ٣٥] ولَمْ يَقُلْ: ومِن بَنِيَّ.
ودُعاؤُهُ بِتَقَبُّلِ دُعائِهِ ضَراعَةٌ بَعْدَ ضَراعَةٍ.
وحُذِفَتْ ياءُ المُتَكَلِّمِ في (دُعاءِ) في قِراءَةِ الجُمْهُورِ تَخْفِيفًا كَما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿وإلَيْهِ مَتابِ﴾ [الرعد: ٣٠] في سُورَةِ الرَّعْدِ، وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، وأبُو عَمْرٍو، وحَمْزَةُ بِإثْباتِ الياءِ ساكِنَةً.
ثُمَّ دَعا بِالمَغْفِرَةِ لِنَفْسِهِ ولِلْمُؤْمِنِينَ ولِوالِدَيْهِ ما تَقَدَّمَ مِنهُ ومِنَ المُؤْمِنِينَ قَبْلَ نُبُوءَتِهِ وما اسْتَمَرَّ عَلَيْهِ أبُوهُ بَعْدَ دَعْوَتِهِ مِنَ الشِّرْكِ، أمّا أُمُّهُ فَلَعَلَّها تُوُفِّيَتْ
صفحة ٢٤٥
قَبْلَ نُبُوءَتِهِ، وهَذا الدُّعاءُ لِأبَوَيْهِ قَبْلَ أنْ يَتَبَيَّنَ لَهُ أنَّ أباهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ كَما في آيَةِ سُورَةِ بَراءَةٍ.ومَعْنى ﴿يَقُومُ الحِسابُ﴾: يَثْبُتُ، اسْتُعِيرَ القِيامُ لِلثُّبُوتِ تَبَعًا لِتَشْبِيهِ الحِسابِ بِإنْسانٍ قائِمٍ؛ لِأنَّ حالَةَ القِيامِ أقْوى أحْوالِ الإنْسانِ إذْ هو انْتِصابٌ لِلْعَمَلِ، ومِنهُ قَوْلُهم: قامَتِ الحَرْبُ عَلى ساقٍ، إذا قَوِيَتْ واشْتَدَّتْ، وقَوْلُهم: تَرَجَّلَتِ الشَّمْسُ، إذا قَوِيَ ضَوْءُها، وتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿ويُقِيمُونَ الصَّلاةَ﴾ [البقرة: ٣] في أوَّلِ سُورَةِ البَقَرَةِ.